«الكاميرا «.. حرب أخرى

جفرا نيوز - بقلم محمد سلامة

«الكاميرا «.. نقلت استعراض حماس لقوتها في شمال غزة، مما دفع بالإعلام الاسرائيلي وكبار المحللين إلى القول أن قوتها مترجمة بالكاميرا إلى قوة مساومة مع الوسطاء، وإسرائيل الثالثة، تفرض وصول المساعدات إلى الشمال والجنوب معا.

الكاميرا.. حرب أقوى من كل شيء، فالصورة للملثم ابو عبيدة وحركات عينية ويدية ونبرة صوته شكلا صورة أخرى للحرب، بمشاهدة تدمير الآليات الإسرائيلية، فقد استعطف كثيرون صورة الشاب الحافي وممن يلبس بنطلون رياضة، وأحيانا يضع برجبيله شبشب، ويحمل مقذوفات الياسين ويوجهها بضرب اليات العدو، صورة مذهلة توقف عندها كبار المحللين الصهاينة وفي العالم لسبر غور هذه المشاهد النادرة وغير المتوقعة، كما أن السياسيين وقيادات وازنة بالعالم رأت الصورة وابدت دهشتها من شباب محاصرين يخرجون من الإنفاق أو من تحت الركام ويضربون بشجاعة قل نظيرها ومن مسافة صفر آليات العدو بكل جرأة، كما أن الكاميرا نقلت صورة الشاب ألذي يحمل عبوة شواظ ويضعها بيدية على آليات العدو الاسرائيلي، في مشهد خيالي لم يكن أحد يتوقعه، وبافتراض أنه لأ يوجد كاميرا تنقل هذا العمل البطولي.. فكم شخصا سوف يقبل فكرة أقدام شاب بنفسه ليضع مقذوف يعطل فيه آليات العدو الاسرائيلي؟!، أنها الكاميرا لا تكذب، وتنقل بثقة إلى العالم جسارة رجال المقاومة الفلسطينية.

«الكاميرا «.. على الطرف الاسرائيلي عرتها بصورة موثقة، وما تتابع المذابح والمجازر في مدرسة الفاخورة وفي مدارس ومستشفيات غزة وفي مقدمتها الشفاء والاندونيسي وو.. .. الخ، والكاميرا نقلت صورة الضحايا المدنيين الفلسطينين في شوارع غزة، ونقلت وحشية وهمجية الجيش الاسرائيلي.. كل هذه وغيره نقلته الكاميرا وعرّت فيه صورة إسرائيل الثالثة أمام العالم.
الكاميرا.. .وليس غيرها انتصرت للأطفال والنساء ممن كان الإعلام الغربي ينكره، كما أن ساسة أمريكا وأوروبا لم يكونوا على قناعة بأن إسرائيل الثالثة تحتجز اطفالا ونساء فجاءت صفقة تبادل الأسرى لتعري صورة الديمقراطية الإسرائيلية وتفضح قادتها وسياسيها وعنصريتها الفجة، فالكاميرا كانت حاضرة في ايقاظ شعوب أمريكا وأوروبا بتصرفات إسرائيل الثالثة وجيشها ووجهها القبيح باعتقالها الأطفال ووسمتها بالارهاب الأسوأ في التاريخ، فلا يوجد دولة في العالم تتحدث عن نفسها بالديمقراطية وتعتقل أطفالا ونساء، إنها الكاميرا التي عرت إسرائيل الثالثة واظهرت للعالم ان فلسطين وأهلها أصحاب الأرض وأصحاب الحق وأن لا استقرار ولا امان إلا بزوال الاحتلال الاسرائيلي.

الكاميرا.. هي الناقل الحقيقي للحدث، وهي الاصدق في الرواية والأكثر تعبيرا، فقد اجادت حماس حربها بالكاميرا واجادت في تغيير صورة الواقع ألذي رسمته إسرائيل الثالثة لفلسطين أرض بلا شعب، واجادت في ترسيخ صورة متدنية لما يسمى أخلاق الجيش الاسرائيلي، وصبغت ساسة إسرائيل الثالثة وجنرالاتها بالعنجهية والمرض النفسي، وبات الصهيوني في أمريكا وأوروبا بصورته القاتمة إرهابي وبلا أخلاق، فكانت المظاهرات العالمية في عواصم الغرب إحدى تجليات حرب الصورة (الكاميرا) التي شاهدها العالم، وبدأ ينظر إلى ساسته وقادته بانهم منحازون ويشاركون إسرائيل الثالثة جرائمها بل ويغطون أفعالها ويزورون الحقائق، وما بعد حرب غزة قطعا لن يكون العالم كما قبلها.

إسرائيل الثالثة فشلت في حرب الكاميرا، فيما انتصرت حماس وارخت بصوتها في قلوب ملايين البشر في العالم واضحت فلسطين صورة أخرى بعيدة عن الرواية الصهيونية واعلامها، وبكل الأحوال فإن الكاميرا (الصورة) لا تكذب ولا تنافق، فهي الحقيقة التي شاهدها العالم وانتفض لبشاعة إسرائيل الثالثة وجيشها وسقوط روايتهما عن فلسطين واهلها.