أيهما يسبِق: تفكّك «حكومة الحرب».. أم «تمديد الهدنة»؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

إذا ما تجاوزنا التصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي/بايدن, بما هو عرّاب حرب الإبادة الجماعية ومُخطط تهجير أهالي قطاع غزَّة, وخصوصاً حشد ربع (إن لم يكن أكثر) أسطول الولايات المتحدة في المنطقة دفاعاً عن دولةالاحتلا الصهيوني, وإعلانه وطاقم إدارته أن الهدف من التحشيد, هو"ردع» أي دولة أو تنظيم يروم توسيع الحرب الصهيونية على حليفته.

فإنه/بايدن أعربَ أول أمس عن «أمله» بـتمديد الهدنة في غزة، لافتاً إلى أنه «سيتحدّث» مع نتنياهو بهذا الشأن. لكن خِلافاً عاصِفاً لافتاً ومُثيراً طرأ على المشهد السياسي والحزبي المُحتقن في دولة الاحتلال, تمثّل في طلب بيني غانتس (النجم اللامع في الفضاء الصهيوني الحالي, والمُرشح لتولي رئاسة الحكومة, حيث يتصدّر وحزبه/المعسكر الوطني استطلاعات الرأي بعد اطاحة نتنياهو والذهاب لانتخابات «سادسة»، طالب غانتس نتنياهو بـ"الغاء جميع المُخصصات «السياسية» من الميزانية المُقترحة لزمن الحرب. تلك الميزانية التي أعدها وزير المالية/زعيم حزب الصهيونية الدينية/سموترتش, والتي تتضمّن تخصيص مليارات الدولارات للأحزاب الدينية واليمينية المُتطرفة.. لـ"المستوطنين", وهو ما كان ورد في الاتفاقيات الحزبية التي قام على أساسها الائتلاف الفاشي الحالي.

صحيح أن بمقدور نتنياهو تجاهل «طلب» غانتس, حتى لو نفّذ الأخير تهديده وانسحب من حكومة الحرب المُصغرة, التي تتولى إدارة الحرب الوحشية على قطاع غزة، إلا ذلك سيعجل من بين أمور أخرى، بانهيار الإئتلاف خاصة إذا ما وعندما تتم الموافقة على تمديد الهدنة فترة أخرى (أربعة أيام أو يومين)، إذ أن نتنياهو ربط مدة التمديد بعدد المُفرج عنهم من قبل المقاومة (مقابل الافراج عن كل «10» أفراد، يتم التمديد يوماً واحداً). دون صرف النظرعن حقيقة أن «مشوار» نتنياهو السياسي قد اقترب من نهايته, رغم المحاولات اليائسة التي يبذلها لاطالته، سواء في زيارته الاستعراضية الأخيرة لقطاع غزة, «وتمنطقِه» بواقي الرصاص والخوذة الحربية, واطلاقه تصريحات عنترية عن استمرار الحرب و"حتمية» تحقيق الأهداف الثالث التي اعلنتها حكومته, وهي اجتثاث المقاومة وتدمير بنيتها العسكرية والسلطوية, وإعادة جميع المُختطفين وضمان إلاّ تصبح غزة تهديدا لإسرائيل مرة أخرى».. خاصة أن هناك شبه اجماع على أن جيش الاحتلال فشِل في تحقيق أي هدف من تلك الأهداف.. رغم ما ألحقه من خسائر فادحة في الارواح, تجاوزت حتى الآن خمسة عشر ألف شهيد نصفهم من الأطفال والنساء, والمُرشح لتجاوز الـ"20» ألفاً, ناهيك عن آلاف المفقودين والمُصابين والدمار الهائل في البُنى التحتية والمنازل السكنية والمدارس والمشافي.

عودة إلى غانتس؟.

تهديد غانتس بالتصويت «ضد» الميزانية المقترحة (الكنيست هو المُخوّل اقرارها).. قد لا يكون مُؤثراً في تماسك الائتلاف الفاشي القائم, الذي يتوفر على 64 صوتاً (ليكود، الصهيونية الدينية، العظمة اليهودية، شاس ويهدوت هاتوراة)، لكن استقالته/انسحابه من حكومة الحرب في حال أقدم على ذلك, سيكون لها التأثير الأفدح سياسياً وشخصياً على نتنياهو كما على الائتلاف, الذي لن ينجح في استمالة أي حزب من المُعارضة للمشاركة في حكومة الحرب المُصغرة، المولجة اتخاذ القرارات المُتعلقة بالحرب. سواء تم تمديد الهدنة لأيام معدودات مقبلات, أم باشر جيش الاحتلال حربه المُسمّاة «السيوف الحديدية» قاصداً صوب وسط وجنوب القطاع المنكوب.

جدل الميزانية في دولة الاحتلال معروف أنه «سنوي", بمعنى أن الخلافات كما التحالفات وخصوصاً تلك التي يعقدها الحزب الفائز في الانتخابات مع الأحزاب الدينية الحريدية, لأن الأخيرة معنية بالعوائد المالية على مؤسساتها ومدارسها الدينية، أما السياسة فلا تعنيها كثيراً ولهذا تراها تشارك في حكومة يمينية كما حكومات علمانية أوسطية, منذ تأسيس الكيان الغاصب حتى الآن.

أما في حال ذهب نتنياهو لاسترضاء غانتس وقام بادخال تعديلات مقترحة على الميزانية في اجتماع الحكومة (كان مُقرراً يوم أمس), فانه قد يتعرض لـِ"تهديد آخر» من حِزبي الصهيونية الدينية والعظمة اليهودية.. سموترتش/بن غفير. علماً أن غانتس كان برّر معارضته لما ورد في الميزانية المقترحة, بالقول: إنه يتعيّن (عدم تخصيص أموال إضافية لأغراض تتجاوز المجهود الحربي أو دعم النمو الاقتصادي).. مُحاذِراً في ما يبدو إغضاب قادة الحزبين الفاشيين سموترتش/بن غفير، علّهما ينّضمان إلى الائتلاف المقبل الذي يطمح غانتس تشكيله حال جرت انتخابات مبكرة, وسط استطلاعات تتحدّث انه سيحوز وحزبه على «42» مقعداً. كذلك كان رد نتنياهو «المُهادِن» غانتس, عندما قال: هذا الجدل السياسي يتعلق بنحو «واحد بالمئة» من إجمالي الميزانية.

في السطر الأخير.. المشهد في دولة الاحتلال مُعقَّد ومفتوح الاحتمالات, لكن المحسوم هو أن الدعم الأميركي لإسرائيل.. دائم ومستمر, محمولاً على رطانة الاحتلال معروفة بأن واشنطن تسعى لـ"إحلال السلام» في المنطقة.