في هذه الحالة فقط ستوقف أمريكا الحرب!

جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود

ما دامت قد نجحت في إجبار إسرائيل على قبول الهدنة وتبادل الرهائن والأسرى فهي بالتأكيد قادرة على وقف العدوان على غزّة متى أرادت وفي الوقت الذي تريده خصوصا اذا علمنا ما يلي:

-لولا الدعم الامريكي السريع والميداني لاسرائيل منذ (7 اكتوبر/تشرين الاول) لما استطاعت اسرائيل «لملمة» أمورها بعد الضربة التي تلقتها ولم تستفق منها بعد.

- اميركا لم ولن تتخلى عن اسرائيل لأنها حارسة مصالحها في المنطقة.

- الانتخابات الامريكية العام المقبل تجعل ادارة الرئيس بايدن حريصة على دعم اسرائيل طمعا بأصوات اليهود في امريكا وما تتمتع به لوبياتهم من تأثير على الانتخابات، وحتى لا تترك مجالا للجمهوريين للمزاودة عليها بدعم اسرائيل.

لذلك دعمت الولايات المتحدة الامريكية اسرائيل منذ بداية عدوانها ومنحتها «تفويضا مفتوحا» لتفعل ما تريد، بل تبنّت سرديتها ورواياتها الكاذبة وتحمّل الرئيس بايدن شخصيا وزر كذب الروايات بدءا من ادعاءات قطع رؤوس الاطفال وليس انتهاء بمبررات قصف المستشفى المعمداني ثم «الشفاء» وباقي المستشفيات.

- اليوم..وبعد مرور 52 يوما يبدو أن المعادلة بدأت تتغيّر..لان اسرائيل فشلت باقتناص الفرصة التي منحتها اياها أمريكا للقضاء على حماس والمقاومة، كما فشلت يوم 7 اكتوبر عسكريا واستخباراتيا، ثم فشلت بادارة المعركة بريّا واعلاميا..فارتكبت مزيدا من المجازر ضد الاطفال والنساء دون تحقيق أي نصر، الأمر الذي زاد الضغط على الادارة الامريكية وفي أكثر من اتجاه:

1 - ضغط على الادارة الامريكية من «الداخل»، حيث أظهر آخر استطلاع أن نسبة مؤيدي الحرب على غزة متقاربة الى حد ما مع نسبة الرافضين لها، لكن الأهم تمثّل بأن غالبية مؤيدي الحرب هم ممن فوق سن 65 عاما، بينما نحو 70 % من رافضي الحرب هم من فئة الشباب الرافض لدعم ادارة بايدن لاسرائيل في المجازر التي ترتكبها في غزة.

2 - ضغط الدول الغربية الحليفة للادارة الامريكية نتيجة ضغوط الشارع أيضا..فمن كان يتوقع أن تشهد لندن «مسيرات السبت المليونية»، اضافة لمسيرات فرنسا والمانيا وغيرها من عواصم العالم.

3 - ضغط الدول العربية والحليفة في المنطقة..وهنا لا بد من الاشارة لما جاء في برقية بثّتها شبكة «CNN» الامريكية بأن «تحذيرات شديدة من دبلوماسيين امريكيين في العالم العربي من أنّ دعم واشنطن للحملة العسكرية الاسرائيلية المدمّرة والمميتة على قطاع غزّة يخسّرنا الشعوب العربية على مدى جيل كامل».

لذلك يبدو أن الصبر الامريكي، و«منحة الوقت الامريكية» لحكومة نتنياهو قد استنفدت دون التمكن من تحقيق ما وعدت به..وأصبح عامل الوقت ضاغطا على ادارة الرئيس بايدن الذي بات يخسر هو وحزبه الديمقراطي نقاطا وفقا لأحدث الاستطلاعات في المعركة الانتخابية ضد الجمهوريين، والسبب دعمه اللامحدود لاسرائيل في عدوانها على غزّة.

- صحيفة «الواشنطن بوست» وهي واحدة من أهم المنابر الاعلامية المؤثرة سياسيا في الولايات المتحدة، نقلت عن مسؤولين أمريكيين «قلقهم من أن طول أمد الصراع في غزّة يزيد الضغط السياسي والدبلوماسي على بايدن»، مشيرة وفقا لما نقلته (الجزيرة أيضا أمس) الى أن «الحرب في غزة قد أضرّت بمكانة الولايات المتحدة عالميا»، ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في الادارة الامريكية قوله «نتحمل كثيرا من الاعباء بسبب اسرائيل».

- من كل ما تقدّم نرى أن ادارة بايدن داعمة بلا تردد (لاسرائيل)، لكنها ليست داعمة بلا تردد لحكومة (نتنياهو)..والفرق شاسع بين الأمرين، ولن تضحّي أمريكا أكثر من ذلك بمصالحها خصوصا الانتخابية منها، ونستشف توجهات ادارة بايدن للمرحلة المقبلة بوضوح مما ذكرته الواشنطن بوست -ومنها:

1 - «نتنياهو مهتم بالاعتبارات السياسية ونحتاج الى شخص يتخذ قرارات صحيحة» - نقلا عن مسؤول امريكي- وهذا يشير الى عدم رضى عن نتنياهو بل ربما اشارة للعمل على ازاحته قريبا-.

2 - مصدر امريكي مطّلع قال للصحيفة «إن مسؤولين امريكيين يرون أن لسموتريتش وبن غفير تأثيرا مقلقا على حكومة نتنياهو»..وربما يكون في ذلك اشارة لامكانية اجراء تعديل على تركيبة التحالفات لانقاذ حكومة نتنياهو لحين اجراء انتخابات جديدة.

- أخطر ما ذكرته الصحيفة ربما يكون ما نقلته عن مسؤولين امريكيين، قولهم: «نخشى ألاّ تظهر إسرائيل ضبط النفس عندما تنتقل عملياتها الى جنوب قطاع غزة».. وخطورة هذا التصريح وكأنه أشارة الى أن ادارة بايدن ربما تعطي فرصة أخيرة لحكومة نتنياهو لاستكمال حرب الابادة وتدمير جنوب غزة كما فعلت بشماله، في محاولة لتحقيق نصر تحلم به ولو من أجل تحسين شروط الافراج عن أسرى الدفعة الثانية.

باختصار: ستتوقف الحرب حين تدرك ادارة بايدن أن دعمها لاسرائيل سيخسّرها انتخابات 2024 وأعتقد عندها فقط ستجبرها على التوقف «ويا روح ما بعدك روح»!