الدور والشراكة الأميركية

جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة

ليست دوافع الولايات المتحدة بالانحياز للمستعمرة الإسرائيلية، بكل ما تملك من قدرات عسكرية ومالية واقتصادية وسياسية فاعلة، وتجنيدها لصالح توفير الغطاء والدعم السياسي المعلن للمستعمرة، ليست دوافعها لأن وزير خارجيتها بلينكن عبر عن انحيازه للمستعمرة بصفته يهودياً، فهناك العديد من الأميركيين يدينون باليهودية ويقفون ضد المستعمرة علناً، سواء من داخل الحزب الديمقراطي الذي يواجه انقساماً داخلياً نحو الموقف تجاه المستعمرة، وأبرزهم السيناتور بيرني ساندرز قائد الجناح اليساري في الحزب المؤيد للفلسطينيين الرافض لسياسات المستعمرة، او من خارج الحزب حيث يطالبون بوقف الحرب، بوقف المجزرة، بوقف الجرائم الفاشية التي تقترفها المستعمرة بحق الشعب الفلسطيني في القطاع وفي الضفة على السواء.

الولايات المتحدة على الأغلب تقف مع المستعمرة لأسباب داخلية لها علاقة بنفوذ طرفين:

أولهما نصف الطائفة اليهودية، المجندين بمنظمة الأيباك اليهودية الأميركية اليمينية، والنصف الآخر يقف مع المعارضة ضد سياسات المستعمرة مع تيار الجي ستريت التقدمية.

وثانيهما: انسجاماً مع المسيحيين الأنجيليين الأقرب لمفهوم اليهودية الصهيونية، وهم لا يقلون عن خمسين مليون نسمة، مؤثرين على نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية من الشيوخ والنواب وحكام الولايات.

ولكن الأهم ان موقف الولايات المتحدة مع المستعمرة يعود لأسباب سياسية ودوافع استراتيجية، لها علاقة بمكانة الولايات المتحدة، ومواصلة سيطرتها ونفوذها وتسلطها على المشهد السياسي الدولي، منذ نجاحها وانتصارها في الحرب الباردة.

في عام 1990 حققت الولايات المتحدة انتصاراً في الحرب الباردة، كان نتيجته هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي، وتفردها بقيادة القطب الواحد المهيمن على المشهد السياسي الدولي.

روسيا ومعها الصين تعملان على استعادة مكانتهما في السياسة الدولية، وتقف الصين مع روسيا لإلغاء نتائج هزيمتها في الحرب الباردة، ولهذا تعمل واشنطن باتجاه الحفاظ على مكانتها ودورها ونفوذها، وتعمل باتجاه بقاء روسيا والصين دون مستواهما الدولي، وهذا ما يُفسر مطالبة الرئيس الأميركي من الكونغرس بتقديم المساعدات المالية لثلاثة أطراف دفعة واحدة، وبمطلب واحد وهم: 1- المستعمرة، 2- أوكرانيا، 3- تايوان الصين الوطنية، لأن هذه الأطراف الثلاثة أبرز أدوات الولايات المتحدة المباشرة في إضعاف المعسكر الروسي والصيني ومن يقف معهم، وكل طرف يمكن أن يشكل أداة ضعف للولايات المتحدة ولحلفائها.

الولايات المتحدة تخوض حرباً بأدوات متعددة على المستوى الدولي، لبقاء دورها ومكانتها ونفوذها على المشهد السياسي العالمي ، سواء في منطقتنا العربية أو في أوروبا، أو منطقة جنوب وشرق آسيا، كما تفعل ذلك في إفريقيا وبلدان أميركا اللاتينية.

هي تقف مع المستعمرة وقدمت لها أدوات وقنابل التفجير الثقيلة، التي دمرت بيوت وملاكات ومؤسسات قطاع غزة، وحينما وجدت الأثر العميق لقوة التفجير التي تصل إلى حفر عشرة أمتار بسبب قوة التفجير، اقترحت على المستعمرة، استعمال قنابل أقل حدة وأقل تأثيراً، ولكنها مازالت مع استمرار حرب المستعمرة، وإن كانت قد غيرت من حدتها ومفرداتها، مطالبة المستعمرة بتقديم تسهيلات من الماء والغداء والأدوية بدون مطالبتها وقف الحرب، ووقف هجومها الدموي الهمجي ضد الفلسطينيين، وعلينا أن نتذكر أن الرئيس الأميركي بايدن، ووزير الخارجية بلينكن، ووزير الدفاع أوستين، قد اجتمعوا منفردين أكثر من مرة مع مجلس حرب المستعمرة سواء للاطلاع أو لتوجيه معركة المستعمرة ضد الفلسطينيين مما يعكس حجم اهتمامهم بنتائج الهجوم الاسرائيلي، وغيرها من مظاهر الشراكة والمشاركة.