تحديات الإنترنت وابتكارات التواصل في غزة

جفرا نيوز - أصبح الإنترنت في عصرنا الحالي حاجةً أساسية لا غنى عنها في جميع جوانب حياتنا، من التعليم إلى العمل، ومن الاتصال الشخصي إلى معرفة الخبر.

لكن، في المقلب الآخر من الأرض، يُواجه سكّان غزة تحدياتٍ كبيرة ترافق العدوان العسكري عليهم يتمثّل بالانقطاع المتكرر للإنترنت على مستوى القطاع، الأمر الذي يُجبرهم على البحث عن البدائل من أجل البقاء على اتصالٍ بالعالم الخارجي، وإظهار حجم الجريمة الصهيونية، وأيضاً في سبيل الاحتفاظ بوسيلة للتواصل بين بعضهم البعض في الحالات الطارئة.

أزمة انقطاع الإنترنت

شهد قطاع غزة في الآونة الأخيرة تحديثات كبيرة تتعلق بالاتصال بالإنترنت، بحيث تكشف الأحداث المتتالية حجم المشكلة وتأثيرها في الناس:

- بتاريخ 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واجه القطاع ضربة موجعةً، عبر انهيار آخر مزود لخدمات الاتصال المحمول والإنترنت، الأمر الذي أثّر، بصورة مباشرة، في الاتصالات والتواصل الرقمي داخل القطاع، وبقي الأمر على هذه الحال مدّة 48 ساعة، بحيث تمّت استعادة إشارات الإنترنت بصورة جزئية.

- أما في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، فاشتدّت الأزمة أكثر مع الانقطاع التام للاتصالات والإنترنت، بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل الشبكة الرئيسة، الأمر الذي عوّق عملية تفعيل شرائح eSIM، والتي كانت تهدف إلى إبقاء السكان على اتصال بالعالم الخارجي.

بناءً على ما تقدَّم، كيف سيتعامل أهل غزة مع هذه التحديات المفروضة، وما هي الوسائل البديلة من أجل التواصل والحصول على المعلومات، على رغم القيود المفروضة على الاتصال بالإنترنت؟ 

فيما يلي نعرض أهم البدائل والتقنيات التي يمكن الاستفادة منها في هذه الحالات:

نظام Thuraya
هو عبارة عن نظام اتصال يعتمد على الأقمار الاصطناعية، يستفيد منه الصحافيون والمؤسسات الإعلامية بصورة كبيرة، بحيث يُوفّر خدمات الاتصال المتنقلة في مناطق واسعة حول العالم، ويًعَدّ من الحلول المثالية للمناطق التي لا تغطيها شبكات الاتصال التقليدية، إلا أنّ تكلفته المالية كبيرة جداً، وتمّت الاستفادة منه في المرحلة الأولى من الانقطاع لتفعيل بطاقات "eSim" داخل قطاع غزة.

بطاقات eSim
هي عبارة عن نسخة رقمية من بطاقة SIM التقليدية، وتأتي بصورة مُدمجة داخل الأجهزة الذكية. وهي تُتيح للمستخدمين إمكان تفعيل خدمة الإنترنت من دون الحاجة إلى بطاقة، كما تُمكّنهم من تغيير مزودي الخدمة أو الاشتراكات ببساطة عبر الإعدادات الأساسية، ولا يشترط فيها أن تكون صادرة عن البلد نفسه.

وفيما يلي نعرض خطوات التفعيل:

1. الحصول على الـ QR Code من مزوّد الخدمة الخاص مع رمز التفعيل.

2. دخول إعدادات الهاتف، ثم الشبكات، واختيار شبكات الجوال.

3. إضافة خط جديد عبر خيار "إضافة خط"، أو "إضافة خط جوال".

4. مسح رمز الـ QR عبر كاميرا الهاتف.

5. تنشيط الـ eSim بعد مسح الرمز.

6. اتّباع التعليمات في الشاشة.

7. إعادة تشغيل الجهاز.

تطبيق Bridgefy

بين الحلول المبتكرة، والتي يمكن اقتراحها أيضاً، يبرز تطبيق "Bridgefy" كوسيلةٍ بديلة وفعّالة من أجل التواصل، ويتميز بقدرته على إرسال الرسائل وإجراء المحادثات من دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، ما دام المستخدمون المتصلون ضمن نطاق 100 متر، بين بعضهم البعض، الأمر الذي يزيد في فعاليته في نشر المعلومات والأخبار والاتصالات الحيوية.

وهذا يعني أنّه في حالة انتشار التطبيق في غزة، يمكن أن يصبح وسيلة تواصل فعّالة، ولا سيما في حالات الطوارئ، وحين يصبح الاتصال بالإنترنت مستحيلاً. كما يتيح التطبيق أيضاً التواصل الجماعي، والذي يمكن أن يصل إلى مسافاتٍ أبعد من خلال سلسلة من المستخدمين.

والتطبيق هو من تطوير شركة تحمل الاسم نفسه، "Bridgefy"، والتي تُديرها مجموعة من المبتكرين والمطورين التقنيين، وتتخذ من المكسيك مقراً لها، وتركز خدماتها على توفير حلول الاتصالات في الظروف التي تعاني نقصاً أو انقطاعاً في الخدمات العادية للإنترنت وشبكات الهاتف المحمول. واكتسبت شهرةً واسعة بفضل تطبيقها الذي يتيح التواصل من دون الحاجة إلى الإنترنت، وخصوصاً في المناطق التي تُواجه تحديات في الاتصالات، أو خلال حالات الطوارئ والكوارث.

وفيما يلي نعرض أهم المميزات التقنية والأمنية للتطبيق:

1. تكنولوجيا البلوتوث والشبكة الشعبية: يعتمد التطبيق بصورة أساسية على تكنولوجيا البلوتوث لإنشاء شبكات اتصال شعبية بين الأجهزة القريبة، والتي يطلق عليها مصطلح Mesh Networks، والتي تتيح إمكان تواصل الأجهزة التي تحمل التطبيق فيما بينها، ضمن نطاق يصل الى 100 متر.

2. التواصل من دون الحاجة إلى الإنترنت: يتيح التطبيق التواصل في حالات انقطاع الإنترنت أو عدم توافر شبكة الهاتف المحمول، وهذا يجعله مثالياً في الاستخدام في الأماكن التي تُعاني ضعفاً في البنية التحتية للاتصالات، أو في حالات الطوارئ والحروب.

3. الخصوصية والأمان: على الرغم من أنّ Bridgefy يوفر وسيلة بديلة من أجل التواصل، فإن من المهم مراعاة الخصوصية والأمان خلال استخدامه. ويجب على المستخدمين توخي الحذر بشأن نوع المعلومات التي يشاركون فيها عبر التطبيق.

4. الاستخدامات العالمية: اكتسب التطبيق شهرة عالمية، وخصوصاً في الأحداث التي تشهد قطع الإنترنت، مثل الاحتجاجات السياسية في الصين، وفي بلدان أخرى، بحيث تم قطع الإنترنت نتيجة أسباب سياسية أو أمنية.

5. الاستخدامات المتعددة: يُمكن استخدام التطبيق في مجموعة متنوعة من السيناريوهات، مثل الحفلات الموسيقية، والأحداث الرياضية، والاحتجاجات، أو حتى في حالات الكوارث الطبيعية، بحيث يتعذر الوصول إلى الإنترنت.

6. التطوير والابتكار: يعمل مطورو التطبيق، بصورة مُستمرة، على تحسين أداء التطبيق وزيادة فعاليته، الأمر الذي يجعله أكثر ملاءمة لمجموعة واسعة من السيناريوهات والظروف.

خاتمة
يمثّل انقطاع الإنترنت عن غزة تحدياً كبيراً يؤثر في جوانب متعددة من الحياة اليومية لسكان القطاع، من انهيار مزوّدي الخدمة، إلى الجهود المبذولة من أجل إعادة الاتصال عبر مختلف الوسائل.

وإنّ التقنيات والتطبيقات، التي جرى تقديمها حلولاً بديلة وفعالة في ظل هذه الظروف، قد توفّر، إلى حدّ كبير، المساعدة لهذا المجتمع على البقاء على اتصال بالعالم الخارجي.