فشل البنيوية الوظيفية للعقل الصهيوني في الحرب على غزة
جفرا نيوز - كتب - د. عبدالله حسين العزام
سبق وأن أشرت إلى أن جيش الكيان الإسرائيلي المحتل في حال تنفيذ اجتياح بري لقطاع غزة رداً على عملية طوفان الأقصى التي نفذت في السابع من أكتوبر- تشرين الأول الماضي، على جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيحقق فشل ذريع واليوم نرى الفشل على أرض الواقع، خصوصاً وأن استراتيجية حماس العسكرية ألحقت خسائر كبيرة بجيش الاحتلال من ناحية تدمير المئات من الآليات العسكرية ومقتل أكثر من 1000 جندي صهيوني، علاوة على تدمير العديد من المنشآت العسكرية والمدنية في تل أبيب والمستوطنات الإسرائيلية.
جيش الإحتلال الإسرائيلي بعد 43 يوماً من الحرب على غزة فشل في تحقيق أدنى هدف عسكري أو سياسي سواء في الوصول إلى المواقع العسكرية إلى حركة حماس أو إلى تحقيق هدف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية أو إلى الأراضي الأردنية.
وفي ظل عمليات استهداف المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال ودور العبادة والمستشفيات في قطاع غزة، فإن الهدف الذي يبحث عنه جيش الإحتلال هو الحد من دعم المواطنين في غزة للمقاومة الفلسطينية ولحركة حماس على وجه الخصوص سيما وأن العقلية البنيوية الوظيفية للقيادات العسكرية والسياسية في الكيان الإسرائيلي ترى أن في حالة فقدان المدنيين لمقومات الحياة وافقاده كل متطلبات العيش سيجعل الغزيين يبحثون عن الحياة والتخلي عن دعمهم لحماس وفك الارتباط بهم سياسياً وعسكرياً وربما مواجهتها ومحاولة تفكيكها باعتبارها مسؤولة عن الحرب الدموية التي لحقت بالفلسطينيين، علاوة على ذلك لا يزال يعتقد العقل الصهيوني أنه بإمكانه تولي المسؤولية الأمنية في القطاع بدعم أمريكي.
في الواقع العقلية البنيوية الوظيفية للصهاينة فشلت في تحقيق مرادها سيما وأن الفلسطينيين لا يفكرون بالتخلي عن حماس وعن مقاومة الكيان بشتى السبل والوسائل مقابل لوازم الحياة والمصالح المادية، علاوة على ذلك فإن الانتصارات التي تحققها المقاومة على الأرض أسهمت في زيادة شرعية المقاومة الفلسطينية بين جموع المواطنين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، في ظل نجاحها باختراق الجبهة الداخلية الإسرائيلية بالصواريخ وزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في آن واحد.
من ناحية أخرى فإن تفكير العقلية البنيوية الوظيفية للقيادات الإسرائيلية في الدفع نحو تحقيق هدف تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن كما أشرت سابقا، جعلت الدول العربية ترى في تحقيق الكيان الإسرائيلي الغاشم نصرا على حماس بمثابة تهديد جدي لأمنها القومي، وعملت على رفض التهجير بشكل قطعي، سيما وأن أمن الأردن جزء لا يتجزأ من أمن الخليج العربي وأمن مصر ضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط.
أخيراً أثبتت وقائع الحرب الإسرائيلية على غزة، فشل العقلية البنيوية الوظيفية من الناحيتين السياسية والعسكرية للقيادات الإسرائيلية، في ظل اضطراب العلاقة بين حكومة نتنياهو والإسرائيليين في الداخل الإسرائيلي مع فشل تحقيق أدنى هدف من العملية العسكرية والفشل الذريع في ملف الأسرى والمفقودين، واستمرارية سقوط صواريخ حماس على المستوطنات وعدم استقرار حياة المدنيين، أمام الأداء العسكري والإعلامي المنظم والمستميت لحركة حماس، وعملها كمنظومة اجتماعية متكاملة وصلبة تجلت فيها وحدة المجتمع وقدرته على إستيعاب التغيرات والتكيف مع الظروف والمستجدات التي تواجهه من مخططات الكيان المختل والمحتل.