رؤية مغايرة

جفرا نيوز - بقلم د. عبدالحكيم القرالة

حمل خطاب الملك في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية حول غزة في الرياض مفاصل مهمة جوهرها تحذيرات شديدة من مغبة الانزلاق الى مستويات خطيرة من العنف والصراع قد تحدث مستقبلا في ظل عدم ايجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

التحذيرات الملكية كانت واضحة للجميع بأن ما يحدث قد يوصلنا الى ما لا يحمد عقباه من توسع الصراع وتشعبة الى مراحل بالغة التعقيد بالقول"إن قيم الإسلام والمسيحية واليهودية وقيمنا الإنسانية المشتركة لا تقبل قتل المدنيين أو الوحشية التي تمثلت أمام العالم خلال الأسابيع الماضية من قتل ودمار. ولا يمكن أن نقبل أن تتحول قضيتنا الشرعية العادلة إلى بؤرة تشعل الصراع بين الأديان».

حديث ملكي شاف وواف وضع الكرة في مرمى جميع الاطراف بالبناء على قرار الجمعية العامة يؤسس لرؤية ناجعة ونهج عمل سياسي يكمن فيهما سبل الحل من خلال بناء تحالف سياسي لوقف الحرب والتهجير أولا وفورا، والبدء بعملية جادة للسلام في الشرق الأوسط وعدم السماح بإعاقتها تحت أي ظرف، وإلا فإن البديل هو التطرف والكراهية والمزيد من المآسي.

خطاب أكد على ثوابت الدبلوماسية الاردنية وجوهرها خارطة طريق سياسية تهدف الى كبح جماح العنف في المنطقة والعالم عبر رؤية عميقة وواقعية لتجاوز اطول أزمة عرفها التاريخ والمتمثلة بالقضية الفلسطينية.

حديث عميق وضع اليد على الجرح النازف منذ ما يقارب ال75 عاما شهدت الكثير من العنف والتطرف والاقتتال طالت تداعياته أمن المنطقة والسلم والامن الدوليين، ضمن اطار عقلية القلعة وجدران العزل والاعتداء على المقدسات والحقوق، وغالبية ضحاياها المدنيون الأبرياء.

بلغة قوية وحاسمة وضع جلالته المجتمع الدولي امام مسؤولياته بالتأكيد على «أن الظلم الواقع على الأشقاء الفلسطينيين لهو دليل على فشل المجتمع الدولي في إنصافهم وضمان حقوقهم في الكرامة وتقرير المصير وقيام دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وشخص الخطاب الملكي كارثية الأوضاع في غزة بتسليط الضوء على ان ما يجري بها لا يمكن السكوت على ما يواجهه القطاع من أوضاع كارثية تخنق الحياة وتمنع وصول العلاج،مؤكدا هنا على وجوب أن تبقى الممرات الإنسانية مستدامة وآمنة، ولا يمكن القبول بمنع الغذاء والدواء والمياه والكهرباء عن أهل غزة، فهذا السلوك هو جريمة حرب يجب أن يدينها العالم.

إجمالاً، خطاب ملكي محوري في مرحلة مفصلية تستدعي تظافر الجهود وتكاتف الجميع بالعمل بجد لوقف هذا العدوان الذي قد يتسبب باتساع رقعة الصراع ويخلف وراءه ارتدادات خطيرة على المنطقة والعالم، كخطوة أولى تؤسس لافق سياسي وحل جذري وعادل لهذا الصراع.