أبو بكر يكتب: بين المقاومة الفلسطينية و الفيتنامية
جفرا نيوز – بقلم د. محمد أبو بكر
في العام 1965 اشتعلت الحرب بين فيتنام الشمالية وكلا من لاوس وكمبوديا وفيتنام الجنوبية ، واستمرت لأكثر من عشر سنوات ، سقط خلالها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى ، حيث تشير بعض المصادر إلى سقوط أكثر من مليون ضحية ما بين مدنيين وجنود ، في حين تؤكّد مصادر أخرى بأن العدد فاق الثلاثة ملايين شخص .
قدّمت الولايات المتحدة الدعم بمختلف مستوياته ضد المقاومة الفيتنامية الشمالية ، ووصل عدد الجنود الأمريكان المشاركون في الحرب إلى أكثر من مائة وثمانين ألفا ، فكانت المقاومة الفيتنامية الشرسة ضد الوجود الأمريكي في تلك المنطقة ، الذي حاول جهده للقضاء على المقاومة .
بعد العام 1973 ظهرت الكثير من الحركات المناهضة للحرب داخل الولايات المتحدة ، وكان لها التأثير البالغ على المشهد السياسي برمّته ، فتمّ بعد ذلك سحب جميع القوات الأمريكية ، والتي فقدت أكثر من ستين ألفا من جنودها ، وبعد عامين انتصرت المقاومة الفيتنامية ، وتم احتلال عاصمة فيتنام الجنوبية سايجون ، والتي تغيّر اسمها إلى (هوشي منه ) المناضل الفيتنامي الكبير ، وتوحيد الشمالية مع الجنوبية رغم أنف الولايات المتحدة والقوى الإمبريالية في ذلك الوقت .
هذا الإنتصار العظيم للشعب الفيتنامي على أعتى القوى وهي الولايات المتحدة ، يجعلنا نمعن النظر جيدا بما يجري اليوم في قطاع غزّة ، حيث المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني ، والذي يواجه اليوم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، وما هذه البوارج الأمريكية والأساطيل المتواجدة في البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر إلّا دليل واضح على ضعف الكيان الصهيوني وعدم قدرته على مواجهة طويلة مع المقاومة الفلسطينية .
وبالتالي تقف أساطيل أمريكا على أهبة الإستعداد لقناعتها بأن جيش الإحتلال قد لا ينجح في مهمته المزعومة في القضاء على المقاومة وتنفيذ التطهير العرقي وتهجير المواطنين ، والإدارة الأمريكية تجد نفسها شيئا فشيئا في موقف حرج من خلال التعاطي مع ما يجري ، وعدم القدرة على لجم الكيان الذي يبرر فشله من خلال قصف المدنيين وهدم المنازل واستهداف المستشفيات والمدارس .
يقول الفريق سعد الدين الشاذلي – رحمه الله – لإسرائيل مقتلان .. الأول عدم قدرتها على خوض حروب طويلة الأمد ، فهي اعتادت على الحروب الخاطفة ، والثاني عدم قدرتها على تحمّل خسائر كبيرة ، والولايات المتحدة تجد نفسها اليوم في مواقف باتت تثير غضب الشعب الأمريكي نفسه ، كما جرى خلال حرب فيتنام .
جيش الإحتلال يقاتل المقاومة في جيب صغير محاصر وهو قطاع غزة ، ورغم مضيّ أكثر من شهر ، فإنّ المقاومة تستبسل في المواجهة ، ومن خلال أسلحة لا يمكن مقارنتها بما تملكه دولة الإحتلال ، ومن الواضح أن هناك امتعاضا دوليا بات واضحا من خلال عمليات القتل والمجازر بحق الأطفال والنساء ، والرأي العام العالمي بدأ بالتحرك الجدي في غالبية العواصم الأوروبية وكذلك في العديد من المدن في الولايات المتحدة نفسها .
ما تقوم به المقاومة اليوم هو بمثابة الأسطورة ، وحسب العديد من الخبراء ، وحتى داخل الكيان نفسه ، فإنّه لا يمكن القضاء على المقاومة في غزة أو الضفة الغربية ، ومعظم المؤشرات تقول بأن المقاومة جاهزة لحرب طويلة لا يمكن لإسرائيل تحمّلها ، وكذلك لا يمكن لأمريكا السماح بها .
فالمقاومة في كل مكان على وجه الكرة الأرضية كان نتائجها الإنتصار والتحرير والخلاص من المستعمر ، واليوم باتت المقاومة الفلسطينية على مقربة من تحقيق ما عجزت عنه جيوش العرب ، وأرى بأن النصر قادم لا محالة ، والتحرير على مرمى حجر فقط ، حينها ستكتحل عيوننا برؤية حيفا وعكا ويافا وطبريا وصفد قبل القدس ونابلس والخليل .