الجنرالات الثلاث في حرب غزة

جفرا نيوز - بقلم رشاد ابو داود

ثلاثة رجال نترقب ظهورهم على شاشة التلفزيون ونستمع لهم بآذاننا و عيوننا وعقولنا وعواطفنا. الأول وائل الدحدوح مراسل «الجزيرة» ليصف لنا بالصورة والكلمة تفاصيل الجرائم الاسرائيلية المتواصلة على غزة. الثاني أبو عبيدة الناطق العسكري لكتائب القسام يعلن باختصار مجريات الحرب. الثالث اللواء فايز الدويري الخبير العسكري و الاستراتيجي الأردني ليحلل ما وراء الاخبار ومعانيها عسكرياً، وثمة اعلاميون و مراسلون صحفيون استشهد منهم أكثر من أربعين والآخرون قابضون على جمر الميكروفون لينقلوا الحقيقة التي يحاول اخفاءها الاعلام الغربي، ضحية التزييف والفبركة الاسرائيلية.

وائل الدحدوح هذا الصحفي الشجاع الذي شيع زوجته وابنه وابنته وحفيده وعاد الى موقعه على الشاشة ليكمل نقل أخبار العدوان قذيفة قذيفة و شهيداً شهيداً و صاروخاً صاروخاً. لم ينتظر لتقبل العزاء بعائلته فكل أهل غزة عائلته وهو الذي يشهد يومياً المجازر الاسرائيلية ضد الأطفال الذين تمزق اجسادهم الصواريخ وتحرقها القنابل الفسفورية المحرمة دولياً. يعلم وائل أن قوات الاحتلال، لو تستطيع الوصول اليه للقي مصير زميلته المرحومة شيرين ابو عاقلة، لكن كل من في غزة الآن مقاوم و مشروع شهيد.

اللواء الأردني فايز الدويري بمجرد أن تراه تشعر أنك أمام رجل عسكري خبير. وعندما يتحدث ويحلل مجريات و أبعاد المعارك فانك تستمع الى جنرال في العلوم والمفردات العسكرية. يفند المزاعم و الأكاذيب الاسرائيلية ويلقي الضوء على انجازات المقاومة التي وصفها بانها سوف تدرس في الكليات العسكرية. ومن تحليله لفشل الاحتلال في غزة أن جيش العدو يستخدم التكتيك التقليدي في القتال بينما المقاومة تفكر خارج الصندوق وتتبع نهج حرب الثوار وهذا ما يمكنها من خوض المعارك من نقطة الصفر. ولا يخفي اللواء الدويري مشاعره الوطنية رغم حفاظه على المهنية العسكرية. فعندما سألته المذيعة عن كيفية وصول المقاومين الى خلف خطوط العدو وقتل جنوده و تدمير دباباته قال بعصبية : لا يهمني كيف، المهم أنهم وصلوا.

الرجل أو النجم الثالث أبو عبيدة. الناطق العسكري باسم كتائب القسام. هذا الرجل الملثم بالكوفية، صاحب الهيبة الذي يتوقف العالم عندما يطل على الشاشة ليستمع له وأولهم الاسرائيليون. وثمة طرفة متداولة في فلسطين المحتلة مفادها أن زوجة نتنياهو تسأله، هل نسهر عند أختي الليلة ؟ فيرد عليها : اسألي أبو عبيدة !.

فقد تعود الاسرائيليون أنه بعد تهديد أبي عبيدة تدوي صفارات الانذار في تل أبيب وسقوط صواريخ المقاومة رداً على قصف مناطق غزة المتواصل أربعاً وعشرين ساعة منذ صاعقة السابع من اكتوبر، يوم قلب المقاومون المعادلة وقهروا «الجيش الذي لا يقهر» عسكرياً و أمنياً واستخباراتياً.

أبو عبيدة أحد أهم المسؤولين الثلاثة الذين تسعى اسرائيل للنيل منهم و أصبح رمزاً من الرموز الفلسطينية التاريخية. وهو الشهيد ناجي العلي بعث حياً وقد كشف حنظلة وجهه ليواجه محتل وطنه منذ النكبة. وكما يحمل الشبان الفلسطينيون في الشتات مجسم حنظلة سيحملون مجسم هذا الفدائي الملثم قليل الكلام قوي الفعل أبو عبيدة.

اليوم يمر شهر على السابع من اكتوبر المجيد. المقاومة تحقق انتصارات على واحد من اقوى الجيوش في العالم. المظاهرات المؤيد لغزة تجتاح العالم من طوكيو الى واشنطن.

الرأي العام يكتشف حقيقة اسرائيل وراعيتها أميركا وزيف ادعاءاتهما بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان. ومن الداخل اسرائيل تتفكك، مظاهرات ضد نتنياهو، اعترافات مسؤولين بالهزيمة، اختباء في الملاجئ نهاراً وليلاً وموت في الجبهة. غزة تدمر لكن أهلها يقتلون ولا يموتون. مصرون على البقاء. وهم مع أبي عبيدة «انتصار أو استشهاد «.

أما الذين «يتفاوضون» على من يدير غزة بعد الحرب فنقول لهم، لا تستعجلوا، انتظروا ما سيقول أبو عبيدة !!