أهناك وقت أضيق من هذا الوقت
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
نخرج في مسيرات ونحتشد بمظاهرات جياشة، وندخل اعتصامات صامتة بشموع وغير شموع، وكل هذا، ربما كي نبلسم ونداوي أنفسنا ببعض التنفيس أو التخفيف عن كبت يزمجر ويعتلج في الصدور، ولربما لكي نبقى على ذمة الأمل، وعلى شفا أفق قد يلوح بطوق نجاة.
منذ الآن على هتافاتنا وشعاراتنا أن تتحول إلى ابتهالات تناجي الله الواحد القهار. لم يبق فينا إلا الدعاء بعد أن عزّ القطران في الديار. علينا أن نكفّ عن استغاثة الضمير العالمي المتكلس والمتحجر في قوقعة سباته العميق فهو لن يتحرك وسيتيه في غيه إلى الأبد. وعلينا أيضا أن نترك الموقف العربي الرسمي وشأنه فهو في موت سريري يليق بمارد منزوع الأنياب والأظفار والأفكار، ثم علينا أن نغسل أيادينا بالماء والصابون، سبع مرات من مجلس الأمن المغتال والمرتهن بفيتو الغطرسة الأمريكية، وألا نعول على قرار يوقف العدوان الهمجي على شعبنا في غزة.
وهي فرصة أيضاً أن نعيد البصر كرتين وأكثر، ونتمهل في كل الشعارات التي ساقها علينا أؤلئك المنبريون وأن نمعن في التحديق بعنتريات دوخونا بها وأن نتذكر جيداً تلك الممحاة التي قرعوا آذاننا بها عندما توعدوا إسرائيل بالمحو التام والمبين عن خارطة الوجود الدولية، وتناسوا أن إسرائيل لم تكتب بقلم رصاص مدرسي، كي تمحى ببمحاة طرية وصغيرة. هذا الكيان كتب برصاص مسكوب ودم مصبوب ولا تمحوه الشعارات الرنانة الطنانة.
وهي مناسبة أن نتذكر النهفة الشعبية عن رجل تعرض لضرب لا يأكله حمار حرون في مطلع، وبعد أن صحا من غيبوبته المثخنة وجدوا أن خنجراً كان يتزنر به ولم يستخدمه، فلامه الناس الذين احتشدوا متسائلين، لِمَ لم تستخدم خنجرك أيها الصنديد العنيد وقد تعرضت لهذا الطوفان من الركلات والصفعات؟ فقال وهو يكفكف دمه ودمعه إني أذخر خنجري لوقت الضيق، فقاموا عليه ينفحونه مزيداً من اللكمات صارخين، أهناك وقت أضيق من هذا الوقت يا رعديد؟.
علينا من جديد أن نغسل أيدينا من أصحاب الشعارات وألا نتوقع منهم إلا كلاما لا يجدي نفعا في معمعان الوغى. والأهم أن ندرك يقينا أن الأرض لن يحررها إلا دم أبنائها.