"آثار كارثية" لحرب غزة على اقتصاد الاحتلال
جفرا نيوز - حذَّرت مصادر إسرائيلية من أزمة اقتصادية حادة جراء الحرب الدائرة على قطاع غزة، وقالت إن التداعيات الخطيرة ستظهر مطلع عام 2024، حسبما أفاد موقع المال والأعمال الإسرائيلي "غلوبس".
وذكر الموقع أن التداعيات الناجمة عن الحرب التي أسماها الجيش الإسرائيلي "السيوف الحديدية" على الاقتصاد المحلي، لا تُقارَن بالعمليات العسكرية التي شنّها الجيش في السنوات الماضية، وسط توقعات بأن يُغلق عام 2023 كواحد من أسوأ الأعوام على الاقتصاد الإسرائيلي.
وبحسب التقرير الذي نُشر، مساء الخميس، تشمل التداعيات انهيار عشرات الآلاف من الشركات، وانخفاض استهلاك الفرد، وتراجع عائدات الدولة من الضرائب، وزيادة إنفاق الحكومة على الأمن والإعانات الاقتصادية، وارتفاع العجز والبطالة.
80 مليار شيكل
وذكر الموقع أنه "من المتوقع أن يُعدّ عام 2023، هو عام الاقتصاد الضائع، وسيقود البلاد إلى عام 2024 بظروف اقتصادية إشكالية".
وبلغت كلفة الحروب السابقة، بحسب مخطط بياني نشره الموقع، عشرات المليارات من الشواكل كالتالي: حرب لبنان الثانية في العام 2006 تكلفت قرابة 23 مليار شيكل، وبلغت كلفة حرب "الرصاص المصبوب" في العام 2009 قرابة (22 مليار شيكل).
وتكبد الاقتصاد الإسرائيلي إبان حرب "عمود السحاب" في العام 2012 قرابة 6 مليارات شيكل، وفي حرب "الجرف الصامد" في العام 2014، تحملت الخزانة الإسرائيلية 16 مليار شيكل.
الدخان يتصاعد من إحدى المستوطنات
أما حرب "حارس الأسوار" التي شنتها إسرائيل على غزة في العام 2021 فقد سحبت من الاقتصاد الإسرائيلي 11 مليار شيكل.
وتوقع موقع "غلوبس" ألّا تقل الكلفة المبدئية للحرب الحالية التي ستتحملها خزانة الدولة، عن 80 مليار شيكل (20 مليار دولار تقريبًا)، ما يعني أكثر من جميع الحروب السابقة مجتمعة خلال قرابة 17 عامًا.
غلق الوزارات
خبير الاقتصاد د. روبي ناتانزون، المدير التنفيذي لـ"مركز ماكرو للاقتصاد السياسي"، في شارع فينسكير/تل أبيب، أخبر الموقع بأن "حرب السيوف الحديدية تزامنت مع فترة شهدت نشاطًا اقتصاديًّا مرتفعًا، بمعدل نمو بلغ 3% شهده الربع الثاني من 2023، مدفوعًا بزيادة الاستثمارات واستهلاك الفرد والصادرات".
واستطرد قائلًا، "إن الحرب تقود باتجاه تفاقم عجز الموازنة بدءًا من العام المقبل، إذ ستنخفض إيرادات الحكومة الضريبية، في مقابل ارتفاع حاد في النفقات؛ بفعل تراجع النشاطات التجارية، وإعانات البطالة، وانخفاض الرواتب للعاملين في الصناعات والأعمال الأخرى في مناطق المواجهة التي شُلَّت اقتصاديًّا".
الشيكل الإسرائيلي يتراجع إلى أدنى مستوى أمام الدولار منذ 2015
وأرجع "ناتانزون" العجز المتوقع أيضًا إلى زيادة نفقات الحكومة على التكاليف المباشرة للحرب، والنفقات الأمنية وإعادة تأهيل وتعويض الشركات والمواطنين الذين تضرروا بشكل مباشر وغير مباشر بسبب الحرب.
وتوقّع أن تظهر عواقب كثيرة، أسوأ بكثير مقارنة بالماضي جراء الأضرار التي لحقت بالموازنة، وبسبب العجز المرتبط بنفقات الحرب والتعويضات، ووجد أن تلك الأضرار ستُنهي أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد المنزلي.
ودعا "ناتانزون" الحكومة الإسرائيلية إلى التوجه فورًا نحو ضغط النفقات الحكومية، وغلق الوزارات غير الضرورية، وتحويل موازنات تلك الوزارات إلى الحرب، ووقف تسليم المخصصات المالية الخاصة بالأحزاب الائتلافية، والبدء في إعادة تخطيط موازنة 2024 من جديد، وعمل مواءمة بين الواقعين الأمني والاقتصادي، ومحاولة إعادة الثقة واليقين للاقتصاد الإسرائيلي.
ضغط النفقات الحكومية
وأجرت رابطة المنظمات والشركات المستقلة في إسرائيل عملية مسح بطلب من موقع "غلوبس"، وخلصت إلى أن التكلفة الإجمالية لميزانية حرب "السيوف الحديدية" ستبلغ حوالي 80 مليار شيكل، بما يشكل 4% من الناتج المحلي الإجمالي.
الدخان يتصاعد من إحدى المستوطنات
وسيرتفع العجز إلى 4.3% و5.7% في الأعوام 2023-2024 على التوالي، أي أربع مرات وخمس مرات على التوالي أعلى من العجز البالغ 1.1% الذي حدّدته الحكومة لعام 2023 بأكمله قبل الحرب، وبعيدًا للغاية عن توقعات سابقة لبنك إسرائيل (البنك المركزي) في يوليو/تموز الأخير، والذي حدّد نسبة عجز للسنة المالية الحالية والمقبلة بواقع 1.3% و1.5% على التوالي.
الموقع بيَّن أن وزارة المالية تبحث حاليًّا زيادة الموازنة العامة للدولة مقارنة بتلك التي صادقت عليها الحكومة والكنيست، والتي بلغت 514 مليار شيكل وقت إقرارها، مع زيادة نسبة العجز إلى 4% بدلًا من التوقعات السابقة، ويقدر "بنك إسرائيل" زيادة معتدلة نسبيًا في العجز مقارنة بتقديرات ما قبل الحرب.
لكن تلك التقديرات ربما تبقى أفضل بكثير من الواقع، إذ وضع "مركز ماركو للاقتصاد السياسي"، تقديرات أكثر سوادًا للوضع الاقتصادي المتوقع، وذكر، وفق ما أورده الموقع، أن الأضرار الاقتصادية للحرب أكبر بكثير مما يعتقد المسؤولون في "بنك إسرائيل".
وأشار إلى أن عجز الموازنة لن يقل عن 80-115 مليار شيكل في العام المقبل.
وتابع أن الفترة المقبلة ستشهد أزمة في استهلاك الفرد، وانهيارات في رأس المال المادي، وأزمة في تدفّق سير العمل قرب مناطق الخطر أو المناطق المرشحة للتعرض لمخاطر، وستحدث اضطرابات في منظومة الإنتاج وفي سلاسل التوريد. مضيفًا: "استند (بنك إسرائيل) على تحليل تداعيات الحروب السابقة، لكن الأزمة الحالية مختلفة تمامًا في آثارها".