وقوع المواجهة وأثمانها
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
حتى ولو صدق الناطق بلسان جيش المستعمرة، أنهم خسروا 9 جنود فقط ،في أول ثلاثة أيام خلال عملية الاجتياح التدريجية لقطاع غزة، وارتفع عددهم الى 16 جنديا، فهو إنجاز دال على عدة عناوين:
أولاً أن عمليات القصف والتدمير المقصود المنهجي لقطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لم تُفقد المقاومة قدرتها على المواجهة والمبادرة عبر توجيه ضربات موجعة للعدو.
ثانياً أن المقاومة لديها القدرة القتالية، والإمكانات والأدوات العسكرية اللازمة نسبياً، القادرة على توجيه ضربات موجعة للعدو.
ثالثاً أن حجم الهجوم الإسرائيلي، حتى ولو كان كثيفاً ومركزاً، فهو عاجز عن لجم المقاومة ومبادراتها وقدرتها على التكيف مع المعطيات في الميدان حيث المواجهة الصدامية بين الطرفين.
رابعاً أن الأسابيع الثلاثة الماضية كانت هجوماً من طرف واحد، عبر سلاح الجو والمدفعية والصواريخ والقنابل الثقيلة، بهدف قتل أكبر عدد من المدنيين، وتدمير أكبر مساحة من المنشآت والأبنية والبيوت، كما فعل في مخيمي جباليا والنصيرات اول امس، وجدد جريمته امس بمجزرة ثانية في جباليا، على عكس الاجتياح الذي يفرض شروطا ومتطلبات الصدام المباشر، مع الأولوية المتوفرة لدى قوات المقاومة المستعدة لاستقبال العدو وتوظيف عنصر المفاجأة ضده عبر الأنفاق والخنادق، ردا على العدو حتى وهو يمتلك قوة نيران وأسلحة متفوقة.
تقديرات قوات المستعمرة وخشيتها من عوامل المفاجأة، تبدو واقعية وصحيحة، فالخبرة التي اجتاحت معنويات العدو من مبادرة فعل المقاومة المفاجئ يوم 7 أكتوبر، مؤشر بارز على توفر : الاستعداد والتخطيط وخبث التحضير والتضليل، مما دفع قادة المستعمرة من العسكريين ليترددوا في اتخاذ قرار الاجتياح الشامل كما يرغب نتنياهو، وتبديله بالاجتياحات الجزئية التدريجية لفحص قوة «عدوهم الفلسطيني»، وادراك الإمكانات المتاحة لديه وأمامه.
ثمة عامل قوي على المراقبين أخذه بعين الاعتبار، أن حجم القتل والتصفيات والتطهير العرقي والقتل المتعمد للمدنيين الفلسطينيين نتيجة القصف الإسرائيلي المقصود، شكل عاملا محفزا لدى المقاتل الفلسطيني في مقاتلة عدوه الإسرائيلي ومواجهته بشراسة، على خلفية مشاهدة شعبه واهله، وهم يتعرضون للقتل الجماعي، والتدمير الشامل للأبنية والمنشآت والبيوت، مما يدفعه للاستبسال والتضحية ونيل الثأر من عدوه الاسرائيلي.
المرحلة الثانية من خطة قيادات المستعمرة الإسرائيلية، لن تمر بسهولة، كما مرت المرحلة الأولى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث لم يكن هناك أي مواجهة قتالية مباشرة بين الطرفين، بل قصف بعيد متبادل كان العدو متفوقاً عدوانياً متطرفاً ضد المدنيين الفلسطينيين.
زيادة القصف الإسرائيلي توحي أن مفاوضات تبادل الأسرى بينه وبين المقاومة قطعت شوطا بوساطة قطرية، بما يؤكد أن نتنياهو يريد زيادة الفاتورة الفلسطينية المقدمة للاسرائيليين ثمنا لخسارته يوم 7 أكتوبر.