طوفان الأقصى والتضليل الإعلامي الغربي
جفرا نيوز - الدكتور أمجد بدر القاضي/ عميد كلية الإعلام
ارتبط مفهوم الهيمنة الإعلامية بمفهوم التدقيق الإعلامي باتجاه واحد من دول الشمال إلى الجنوب، ويتجسد ذلك من خلال التبعية الإعلامية، وهي مدرسة فكرية خرجت من الولايات المتحدة رائدة العالم في المجالين العسكري والاقتصادي وإنعكاس قواه على الإعلام، الذي يرمي إلى المحافظة على تفوق الولايات المتحدة، وامتداد تفردها في المجالات الاقتصادية والعسكرية والإعلامية والتكنولوجية كافة، وخدمة للسياسة الخارجية الأمريكية وربيبتها إسرائيل، إذ يقوم الإعلام الأمريكي ووسائل الإتصال المختلفة الرسمية والخاصة بالعمل على استمرار هذه الهيمنة، لا سيما في الصراع العربي الإسرائيلي، واتضح ذلك جلياً خلال الحروب العربية الإسرائيلية وطوفان الأقصى.
وكشفت الحرب التي شنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، التي ما تزال مستمرة للأسبوع الرابع بوحشية لا مثيل لها، مستهدفة كل ما على أرض فلسطين المقدسة وفي غزة على وجه الخصوص، دون تمييز بين الأطفال والنساء وكبار السن ازدواجية معايير التعامل الدولي مع مثل هذه القضايا، ضاربة بذلك كل القوانين والأعراف الدولية، وبتغطية إعلامية كبيرة اتسمت بالانحياز الصريح من الغالبية الساحقة من وسائل الأعلام الغربية للرواية الصهيونية، بعيداً عن التقيد بقواعد الأخلاق والمهنية والعمل الإعلامي.
وبمتابعة التغطية الإعلامية التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية المهيمنة على وسائل الصحافة والإعلام ووكالات الأنباء الكبرى ، التي استطاعت لعقود طويلة أن تسيطر على المادة الإخبارية الأساسية التي تستقيها، وتستعيد نشرها الصحف والإذاعات الغربية والعربية، يلاحظ وبشكل صارخ انحيازها واعتمادها على الرواية الإسرائيلية الصهيونية، التي بالغت بالكذب والتزييف وقلب الحقائق والمبالغة في تعظيم بعض المخالفات والانتهاكات، مدعومة بتصريحات لمسؤولين حكوميين ونواب ورجال صحافة وإعلام غربيين تعتمد على التشكيك وقلب الحقائق، والتشوية المتعمد والربط المزيف بين المقاومة والإرهاب، ومع ذلك فإن وسائل الإعلام الغربية تأخذ الرواية من المصادر الإسرائيلية كما هي دون تدقيق وتأكد من صدقية المصدر، مما يعد إمتداداً لحالة الهيمنة الإعلامية الأمريكية الدائمة لكن بشكل غير مسبوق، بما تم استخدامه من تكنيكات إعلامية سلبية خرجت عن كل قواعد المهنية وضوابطها.
ومع هذه الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة كافة، التي تساندها أمريكا والدول الغربية ضاربة عرض الحائط بكل القيم والمبادئ الإنسانية الأساسية، ناسية أو متناسية أن ما تقوم به المقاومة هو من الحقوق المشروعة، التي تتسم بالعدالة للدفاع عن أرض محتلة وشعب مقهور مورس عليه كل أنواع الظلم والتضييق والعنصرية لمنعه من الحصول على أبسط حقوقه، لذلك كان لابّد له من هذا النضال لقضية عادلة ستّكلل بالنصر مهما طال الاحتلال وعظم الظلم.
كنا نأمل من وسائل الإعلام الدولية أن تؤدي أدوارها بمهنية، وأن تبرز الحقائق كما هي على الأرض دون تحيز أو كذب ومبالغة وتزييف، لكنها تعمدت الانحياز وكما هو متوقع إلى جانب القصة الإسرائيلية، متناسية كل ذلك التاريخ والوثائق، التي وضعتها نقابات ومؤسسات الصحافة والإعلام لمساندة الحريات وقضايا الشعوب والدفاع عن المقهورين والمظلومين، لكن كل هذه المثل تسقط عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.