مشروعية المقاومة المسلحة الفلسطينية في غزة

جفرا نيوز- كتب: د. عمر المخزومي

في ظل ما تشهده الساحة الدولية في هذه الآونة من أحداث دامية تتمثل بالانتهاكات الاسرائيلية بمساعدة أمريكية لكل مبادئ القانون الانساني الدولي من خلال استخدام آلة الحرب وبكل أنواع الأسلحة التي تمتلكها بما فيها المحرمة دولياً ضد شعب قطاع غزة الأعزل والمحاصر أصلاً، وتأتي هذه الانتهاكات الموجهة إلى الأعيان المدنية بما فيها الأحياء السكنية والمساجد والكنائس والمستشفيات وبصورة علنية غير مسبوقة وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره بما فيها منظمة الأمم المتحدة، هذه المنظمة التي أصبحت تحتضر جراء عجزها عن إدانة هذه الجرائم والانتهاكات وغيرها من الجرائم المتعددة والمتتالية المرتكبة من الكيان الصهيوني المحتل، والذي يتذرع في حربه على غزة بأنه في حالة دفاع شرعي ضد المقاومة المسلحة الفلسطينية، متنكراً لأصل وجوده غير الشرعي في هذه المنطقة، ومتنكراً للغاية التي وجد من أجلها حق الدفاع الشرعي والذي هو حق للشعب المحتل.
وتستمد المقاومة المسلحة شرعيتها من ميثاق الأمم المتحدة، ذلك أن مشروعية المقاومة كأداة للمساعدة الذاتية والدفاع الشرعي، فتعتبر المساعدة الذاتية وسيلة مباشرة يلجأ إليها أفراد النظام القانوني لنيل حقوقهم بطريقة مباشرة ويعد الدفاع الشرعي من أبرز صورها وتطبيقاتها.
فالحق المسلوب بغير حق وبأسلوب لا يقره النظام القانوني الدولي يمكن استرداده بعد فترة زمنية تفصل بين واقعة سلبه وواقعة محاولة استرداده، ويكون استرداده في هذه الحالة بكل الوسائل بما فيها استخدام القوة المسلحة مشروعاً باعتباره ممارسة صحيحة تكمن في أن الفاصل الزمني المشار إليه أعطى للمجتمع الدولي فرصة تبين الصواب والخطأ، وصار عجزه عن إحقاقه بمثابة ترخيص صريح للطرف المتضرر باستعادة حقه بوسائله الخاصة، ولو بالقوة المسلحة استثناءً للحظر الوارد في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، وتطبيقاً لذلك أقرت الأمم المتحدة مشروعية المقاومة بكل الوسائل ضد الاستعمار والنظم الاستعمارية.
ففي الوقت الذي يفرض فيه ميثاق الأمم المتحدة على الدول في الامتناع عن استخدام القوة المسلحة في علاقاتها المتبادلة مع الدول الأخرى، فإنه يجوز لها ردع أي عدوان على سيادتها ووحدتها الإقليمية واستقلالها السياسي على اعتبار أن أبرزصور العدوان هو الغزو والاحتلال الحربي وإن للشعب رخصة في استخدام القوة لردع العدوان، وهو ما لايتعارض مع مبادئ القانون الدولي.
وعلى هذا، فالمقاومة الفلسطينية في غزة أسلوب من أساليب المساعدة الذاتية التي يلجأ إليها الشعب الفلسطيني للدفاع عن وجوده ولردع العدوان الاسرائيلي الدائم، وهي الأداة الوحيدة الشرعية المتاحة أمامه منذ عام 1948 للحصول على حقه في تقرير المصير في ضوء قواعد القانون الدولي، مع ضرورة الإشارة إلى الالتزام التام للمقاومة الفلسطينية في ممارستها لحقها في الدفاع بمبادئ القانون الانساني الدولي من خلال استهدافها للمواقع العسكرية دون المدنية وتطبيق قواعد الحرب من حيث التعامل مع الأسرى، على عكس دولة الاحتلال التي تضرب عرض الحائط بكل القواعد الانسانية الدولية والتي لا تستهدف إلا الأطفال والنساء وكبار السن والأعيان المدنية التي حرمت الاتفاقيات الدولية استهدافها بأي شكل من الأشكال.
استاذ القانون الدولي المشارك
جامعة الزرقاء