كيف تجرّعت "إسرائيل" سمّ التكنولوجيا الذي أعدّته؟

جفرا نيوز - الحرب السيبرانية هي نوع من أنواع النزاعات والاعتداءات الإلكترونية التي تجري عبر الإنترنت وتستهدف أنظمة المعلومات والبنية التحتية الرقمية، وتشمل استخدام التقنيات والأدوات السيبرانية للوصول إلى البيانات الحساسة، وتعطيل الأنظمة، وسرقة المعلومات، وتعطيل الخدمات عبر الإنترنت، وحتى التلاعب بالأنظمة الصناعية مثل محطات الطاقة ومصانع الإنتاج.

تتضمن هذه الأنشطة الهجمات عبر الإنترنت لإلحاق أضرار وتأثيرات مختلفة بالمستهدفين، وقد تكون ضمن استراتيجيات عسكرية أو سياسية أو اقتصادية. تعد الحروب السيبرانية تحدياً كبيراً للأمان السيبراني والاستقرار الدولي، وهي موضوع أمان هام في العالم الرقمي الحديث.

الترف التكنولوجي في الكيان الصهيوني

الترف التكنولوجي هو مصطلح يطلق على استخدام الأفراد والمؤسسات للتكنولوجيا الرقمية بشكل يفوق الاحتياجات الأساسية والأغراض الضرورية. يعكس هذا الترف تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في وقتنا الحالي، حيث يتم استخدام الأجهزة والتطبيقات والخدمات التكنولوجية لمناحي الحياة كافة.

الترف التكنولوجي ليس مقتصراً على الأفراد فقط بل يمتد أيضاً إلى الجوانب الأكثر ارتباطاً بالمجتمع والأمن القومي. يُظهر استخدام التكنولوجيا الذكية تأثيراً كبيراً على مستوى المدن الذكية وأنظمة الدفاع العسكرية:

- المدن الذكية: تقوم المدن الذكية بتكييف التكنولوجيا لتحسين جودة الحياة في المجتمعات الحضرية. تتضمن هذه التكنولوجيا استخدام البيانات الضخمة لإدارة حركة المرور وتحسين الأمان وتوفير الخدمات العامة بكفاءة. على سبيل المثال، تستخدم كاميرات المراقبة وأنظمة الإضاءة الذكية لتعزيز الأمان في الأماكن العامة.

- أنظمة الدفاع العسكرية الذكية: يتم استخدام التكنولوجيا الذكية في تطوير  أنظمة الدفاع العسكرية وتحسينها. تشمل هذه التكنولوجيا استخدام الاستشعار عن بُعد، وأنظمة الاستخبارات الصناعية، والذكاء الصناعي لتحليل البيانات واتخاذ القرارات الاستراتيجية. الطائرات من دون طيار والأنظمة المسلحة بشكل ذكي من الأمثلة على هذه التكنولوجيا.

تعتمد المدن والمستعمرات الإسرائيلية بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة، وتستعيض بها عن كثير من البشر. فمن الناحية العسكرية مثلاً، هناك الترويج لأجهزة الاستشعار الذكية العسكرية التي تم نشرها على طول الحدود اللبنانية-الفلسطينية، وفي ما يُسمى "غلاف غزة". وكم احتفل الجندي الإسرائيلي الجبان والخمول عندما زرعت القاذفات الأوتوماتيكية والمسماة الذكية في الساحات الأمامية كبديل لشجاعة مفقودة لـ"جيشٍ" جبان.

أما عن المنشآت المدنية الصهيونية والبنى التحتية والنقل فجميعها تعتمد على الاتصال بالشبكة العنكبوتية؛  بغية التحكم بها والمراقبة عن بعد. فها هي محطات المياه ومصافي الغاز والمترو ومحطات الكهرباء وغيرها تعمل بالاتصال بالإنترنت.

هذا ما خص المؤسسات المدنية والاجتماعية، ولكن هل دققتم في أجهزة الهواتف الخلوية لقادة الكيان وجنرالاته ووزرائه أثناء دخولهم مثلاً لمؤتمرٍ صحافي؟ فجميعهم يصحبون هواتفهم الذكية وبطبيعة الحال لكونها متصلة بالإنترنت.

كيف تحول هذا الترف إلى تهديد؟

تقارير صحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية تشير إلى نجاح إيران في اختراق هواتف عدد من المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس هيئة الأركان السابق، بيني غانتس، ووزير آخر في الكابينت الإسرائيلي. فهل يعقل لمن يتبوأ مركزاً حساساً في كيانٍ دائم الحروب مع من حوله، أن يحمل هاتفاً ذكياً موصولاً بالإنترنت، وبالتالي يكون عرضة لأي اختراق سيبراني حتى من هواة؟

وعلَّ أخطر هجمات القرصنة الإلكترونية التي تعرض لها الكيان الصهيوني الهجوم الذي استهدف شركة المياه حيث حدثت محاولة للتلاعب بنسب كمية الكلور في مياه الشرب، تبعه هجوم آخر يعتقد أنه أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة.

قبل ثلاث سنوات، شغلت السلطات الإسرائيلية المسؤولة عن الأمان السيبراني وقتها بالتحقيق في اختراق خوادم شركة التأمين الإسرائيلية "شيربيت"، التي تم اختراقها من قبل مجموعة تُعرف بـ "بلاك شادو". تلك المجموعة طلبت فدية مالية مقابل عدم نشر البيانات التي احتجزتها.

أولت وحدة الأمان السيبراني الإسرائيلية، في ذلك الزمن، اهتماماً بالغاً بهذا الاختراق الذي استهدف خوادم شركة "شيربيت". تجدر الإشارة إلى أن الشركة كانت قد فازت مؤخراً بمناقصة لتأمين سيارات خاصة لموظفي الدولة. تسبب هذا الاختراق في تسرب معلومات شخصية حساسة عن العملاء، بما في ذلك شخصيات بارزة في السلك القضائي والأجهزة الأمنية والحكومية.

إلى "طوفان الأقصى"، وفي أعقاب فشل منظومة الدفاع الجوي "القبة الحديدية" في اعتراض القذائف التي أُطلقت من غزة مساء الثلاثاء وليلة الأربعاء، انقسمت مجموعة من المستوطنين في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة بين حالةِ من الإرباك والهلع.

وفي هذا السياق، أعلنت مجموعة قراصنة عبر الإنترنت تُطلق على نفسها اسم "أنونيموس سودان" أنها نجحت في اختراق أنظمة الإنذار في إسرائيل ومنظومة "القبة الحديدية". تمّ التشويش على هذه الأنظمة وتعطيل عملها، ما جعل الأمر يتزامن مع إطلاق الرشقات الصاروخية من غزة.

لم يدرك العدو الإسرائيلي بعد أنّ أعداءه باتوا يتفوقون عليه بكثير من المنازلات الإلكترونية، لذا لا يزال ترف التكنولوجيا وعقدة الاتصال الدائم بالإنترنت لسهولة الخدمات المدنية من ناحية وللاستعاضة عن الخوف والجبن العسكري من ناحية أخرى، مسيطراً على العقليتين العسكرية والاستيطانية في الكيان الغاصب.

ستبقون قلقين، من شربة مياه عرضة لتسميمها، من هاكر من وراء البحار، إلى قاذفات أوتوماتيكية ذكية أنتم أشغلتموها ولا تعرفون متى تُخترق وتصبحون أنتم الهدف. طابخ سمّ التكنولوجيا آكله، لا محالة..