تقييدات منصات التواصل جزء من الحرب على غزة
المومني: ازدواجية المعايير ساهمت بعدم إيصال الحقيقة للعالم
القضاة: النشر بكثافة وبلغات مختلفة لفضح الاحتلال
جفرا نيوز - يشكو الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من المتضامنين مع غزة والأحداث الدائرة فيها مؤخرا من تقييد وصول كل ما ينشرونه حول غزة وما تتعرض له من جرائم حرب ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية بحق المدنيين، وفي المقابل لا يتم الحد من أي تفاعل لصالح ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي، مستنكرين ممارسات إدارات منصات التواصل والقيود التي تفرضها على كل ما ينشر بخصوص غزة والقضية الفلسطينية.
عضو مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين الزميل خالد القضاة، قال: «في السابق كانت جماعات الضغط الداعمة لإسرائيل مسيطرة على المؤسسات الإعلامية، لكنها انتقلت للسيطرة على شبكات التواصل، ونجحت في ذلك، وأصبحت لديها سيطرة حقيقية عليها، وللأسف ما زلنا نمول تلك الشبكات بحجم الإعلانات التي تصدر من الأردن، ومقابلها يتم حجب المنشورات وفرض عقوبات وفقاً للسياسة التي يرونها مناسبة».
ونوّه إلى أن «العقود من شبكات التواصل تسمى (عقود إذعان) وتتضمن الموافقة على الشروط دون وجود أي خيار للاعتراض، وبذلك تتم الموافقة على جميع العقوبات مسبقاً، وانتقلت الحرب من الأرض إلى شبكات التواصل، لكننا استطعنا تجاوز تلك القيود من خلال كثافة المنشورات واختيار المفردات والبث بلغات مختلفة، ما ساهم بارتفاع المحتوى العربي من 14% إلى 44% على تلك الشبكات».
وبين القضاة أن «الرواية الإسرائيلية هشة كان سهلا تفنيدها من خلال الاستعانة بالأدلة والصور وفضح تلك المنشورات، حيث توجه الأشخاص إلى منصة (x) التي منحت المستخدمين مساحات أوسع للنشر دون قيود».
ودعا إلى «النشر بكثافة بلغات مختلفة، وعدم نشر المنشورات المموّلة، ووقف الإعلانات، والتقييم السيئ لموقع (فيسبوك) على متجر التطبيقات، ما سيؤدي إلى صراع بقاء في هذه المنطقة، وهو ما تستغله منصة (x) التي يمكن الانتقال لها والنشر من خلالها بلغات مختلفة».
وشدد أن «مهمة الصحفيين أكبر من خلال إعادة نشر محتويات إعلامية متنوعة، وتجنب نشر بعض العبارات واستخدام الصور والأرقام لتفنيد الراوايات الصهيونية التي سيطرت بنسبة 75% في الأسبوع الأول، الآن أصبحت 43 -67%، وأحدثت تغييرا في بعض الرأي العام الغربي، ونشر صور الأحداث بذكاء وتجنب المنشورات التي تسهّل عملية التقييد على النشر، بالإضافة إلى دعم جميع المناصرين للقضية الفلسطينية على شبكات التواصل الاجتماعي بالتفاعل مع منشوراتهم ومشاركتها بهدف تقوية المناصرين للقضية، وهي عملية التفاف على القيود المفروضة، والنشر باللغات الأجنبية يعزز من وصول المنشورات، ويعزز الموقف الأردني الثابت أن المقاومة جاءت نتيجة الاحتلال وتزول بزواله، وعلينا دعم هذا الموقف».
وترى الخبيرة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني أنه «لا بد من الإشارة إلى أن الحق في حرية التعبير يعد من حقوق الإنسان التي تنطوي على أهمية خاصة؛ نظراً لأنه يعد حقاً بحد ذاته لكنه السبيل نحو الوصول للحقوق الأخرى والمطالبة بها وإيصال الحقيقة بأشكالها كافة الأمر الذي جعل هناك ارتباطاً عضوياً غير قابل للانفصال بين هذا الحق وحقوق الإنسان الأخرى»، مشيرة إلى أن «الحق في حرية التعبير وإن كان حقا غير مطلق إلا أن التقييدات التي ترد عليه يتوجب أن تكون في أضيق الحدود وخدمة لغاية مشروعة تتمثل في احترام النظام العام وحقوق الآخرين وحرياتهم وأن لا يكون أداة لنشر خطاب الكراهية وفق ما أكد عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».
وتابعت المومني: إن «ما تقوم به الشركات الخاصة بمنصات التواصل من تقييد حرية التعبير يتوجب أن يكون خدمة لغاية مشروعة وهي منع خطاب الكراهية القائم على العنف أو التمييز أو الكراهية الدينية، وبالتالي فإن التوسع في القيود خدمة لمصالح دول وأفراد بعينهم يعد خروجا على القيود المشروعة على حرية التعبير بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان وفي الوقت ذاته يعد مخالفة لقوانين بعض الدول الحاضنة لهذه الشركات باعتبار تشريعاتها لا تتضمن قيودا كمثل تلك التي تضعها وتمارسها هذه الشركات».
ولفتت إلى عدم مشروعية الشروط الواردة على حرية التعبير لدى تلك الشركات، وأن انحيازها لأطراف دون أخرى بدا واضحا في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي أظهرت ازدواجية المعايير المتعلقة بحرية التعبير، وساهمت في عدم إيصال الحقيقة للعالم ونشر المعلومات المضللة عما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وساهمت في إعطاء المشروعية لآلة الحرب الإسرائيلية ما يستدعي محاسبة ومساءلة هذه الشركات وتشكيل أدوات ضغط عليها خاصة من قبل الدول المتضررة من سياساتها لعدم تكرار هذا المشهد الذي أقل ما يوصف بأنه بعيد عن قيم الإنسانية المشتركة.
ويقدم مستشار الاستراتيجيات الرقمية خالد الأحمد نصائح لنشر المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل؛ أبرزها وقف تحديث تطبيق (الانستغرام) من خلال إعدادات الهواتف الذكية، والسماح لوصول المحتوى الحساس من خلال إعدادات تطبيق الانستغرام–المحتوى المقترح (المحتوى الحساس)، وعدم نشر أية صور مخالفة لسياسة المنصات الاجتماعية مثل (أسلحة أو دماء أو شهداء)، وتجنب استخدام كلمات معينة تمت إضافتها لقاموس خطاب الكراهية، بالإضافة إلى النشر عن القضية بلغات غير العربية لتصل إلى جمهور جديد والتأكد من مصدر المعلومة قبل النشر، وعدم نشر فيديوهات أو صور تظهر أوجه أو أماكن المقاومين، وانتقاء المصادر وطريقة سرد المحتوى بشكل واع، لأن لغة الأرقام والمنطق والقانون تلعب دوراً كبيراً في التأثير، مع الاستمرار بالنشر والتضامن المستمر الذي سيزيد من همة كل مظلوم.
الرأي - غدير السعدي