نتنياهو.. حرب برية أم ترانسفير 3
جفرا نيوز - كتب - فارس حباشنة
معركة طوفان الاقصى تدخل يومها العاشر. ويبدو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يهرب من التدخل العسكري البري في قطاع غزة، والقيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية تتراجع خطوات الى الخلف في سيناريو الغزو البري لقطاع غزة.
و في غزة الجيش الاسرائيلي يشن حرب ابادة على سكانها، وتدمير ممنهج للعمران وترويع للمدنيين، وقتلهم بدم بارد. واستغل نتنياهو الدعم الغربي العنصري ليلقي بلا هوادة بقنابل الدمار الابدي على غزة بشرا وحجرا. و الاحصاءات الاولية تقول : ان المنازل المدمرة زادت على 10 الف منزل، والشهداء قفز تعدادهم إلى 3 الاف شهيد، والجرحي قفزوا حاجز عشرة الاف جريح ومصاب.
و بعد التراجع غير المعلن عن الحرب البرية، فان نتنياهو يضغط باتجاه سيناريو مشروعه البديل عن الحرب البرية الذي بات مستبعدا ان يخوضها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة لاسباب لوجستية وعسكرية ميدانية، وخوفا من الوقوع في مصيدة و فخ غزة البري، يطرح مشروع التهجير لسكان غزة الى سيناء.
صدى فتح مشروع التهجير الاسرائيلي لفلسطينيي قطاع غزة ضرب وقعه في عمان والقاهرة. وعلى اعتبار ان غزة ستكون نقطة البداية لمشروع التهجير الفلسطيني الثالث، وبعد غزة حتما سيتبعها تهجير فلسطينيي الضفة الغربية الى الاردن.
نتنياهو وقادة الحرب في اسرائيل قد يتراجعون عن الحرب البرية، ولا يريدون اي مفاجآت في طريقهم ، ولذا فانهم يكثفون القصف الجوي، وذلك لخلق مزيد من الدمار على الارض، وتوفير بيئة لاخلاء وتهجير السكان، ولكنهم يضعون سقوفا سياسية مرتفعة مقابل ابادة وتهجير فلسطينيي غزة. و ان يتوقف الكلام عند مستوى التهجير دون خوض حرب برية، فهذا يعتبر انتصارا كبيرا في العقلية العقائدية العسكرية الاسرائيلية.
ترانسفير فلسطينيي غزة والضفة الغربية مشروع سياسي اسرائيلي توراتي، ولم يحد يوما مسؤول اسرائيلي عن طرحه والتفكير به، فما بالكم عندما تأتي اللحظة الملائمة موضوعيا وسياسيا. و سيناريو تهجير فلسطينيي قطاع غزة اعتبره سياسيون مصريون بمثابة اعلان حرب على مصر. وكذلك، اردنيا ابدت قوى سياسية وشعبية وعشائرية مخاوفها من الخيار الاسرائيلي، و ما يشكل من خطر على وجود الكيان الاردني.
و في عقيدة اليمين الاسرائيلي المتطرف فان الترانسفير والتهجير سيناريو حتمي في المستقبل الوجودي لدولة اسرائيل، ومن وحي توراتي مؤمن بتطهير دولة اليهود التوراتية من اي جنس بشري عدا عن اليهود يسكنون على تراب اورشليم القدس والسامرة ودولة اسرائيل، وعقدتا : الاصطفاء العرقي و «النقاء الجغرافي». تجميد ووأد اتفاقية وادي عربة وحده الخيار الاردني المناسب لنسف سيناريو ترانسفير لفلسطينيي الضفة الغربية.
وعندما وقع الاردن اتفاقية وادي عربة 96، كان جوهرها استراتيجيا تحقيق هدف تثبيت الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية واجهاض مشروع الوطن البديل. فانسحاب اسرائيل من الضفة الغربية المحتلة واقامة دولة فلسطينية فيها، يعني تأسيس كيان للمجتمع الفلسطيني على اراضيه، ولتكون نقطة البداية في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني نحو عودة اللاجئين والحل النهائي. و لكن على الواقع، فشل الفلسطينيون في تشكيل دولة وطنية، واسرائيل اختصرت اوسلوا في التنسيق الامني مع سلطة رام الله.. واشتداد وتيرة اليأس وفشل بناء دولة بقي يضغط على الاردن باتجاه خيار الترانسفير بوسائل ناعمة وخشنة.. وبدأت امريكا الراعي لعملية السلام الفلسطينية / الاسرائيلية تطرح الاردن كخيار بديل لتصفية القضية الفلسطينية، وفي مفردات صفقة القرن عبرت السياسة الامريكية بوضوح عن الغاء حق العودة وعودة اللاجئين و رعايتها لتجنيس وتوطين الفلسطينيين في الاردن.
و الوطن البديل وترانسفير الثالث في جوهره كمشروع «جيوبولوتيكي « مازال من الابعاد الجوهرية في مرامي الاستراتيجية الاسرائيلية.. وهو موضع مركزي في عقيدة دولة الكيان الصهيوني .
اليوم، واردنيا في موضوع الترانسفير ليس استشعارا لخطر ما، بل انه واقع حال لتحد وجودي يواجه الاردن.
امس اصدر ائتلاف العشائر الاردنية بيانا يحذر من مخطط جديد لتهجير الفلسطينيين الى الاردن.
وفق تطورات حرب غزة فان تل ابيب دون مواربة اعلنت حربا كبرى في الاقليم، وحربا نيرانها الباردة تلتهم الاصدقاء قبل الاعداء.
و كما ذكرت.. ليس جديدا ان تطرح اسرائيل مشروع الترانسفير، ولكن الجديد هو المعطى العسكري والحرب المفتوحة في غزة، والابادة والتدمير والتهجير القسري، والدعم الامريكي والاوروبي اللا محدود لاسرائيل.