التهجير ليس الحل يا أميركا

جفرا نيوز - كتب  - د. حسين العموش

محاولات تهجير الفلسطينيين الغزيين ضمن خطط وتنفيذ وإخراج أميركي يؤكد بأن الفلسطينيين لا يواجهون العصابات الصهيونية، بل يواجهون الأميركان الذين استنفروا من لحظة دخول مقاتلي غزه الى المستوطنات، حيث قامت قيامة واشنطن وكأن الكيان المصطنع ولاية أميركية تماماً.

في القرن الواحد والعشرين تقود الدولة الديمقراطية الأولى (كما توصف) في العالم مشروع دولي لنفي ٢ مليون إنسان من أرضهم، مخالفة بذلك كل المعاهدات والمواثيق الدولية التي نصت على حق الإنسان أن يختار مكان سكنه.

هذا الحل بالنسبة لأميركا وربيبتها الكيان الصهيونى يؤكد فشل كل الحلول السابقة وكل العمليات العسكرية الضخمة التي يقوم بها الكيان، مثلما يؤكد فشل أكبر قوة عسكرية عالمية (أميركا) في إيجاد حل عسكري يؤدي إلى وقف العمليات العسكرية التي تقوم بها حماس كل فترة.

هذا معناه عسكريا ولوجستيا فشل اكبر قوة عسكرية في حسم المعركة، معناه اعتراف كبير باستنفاذ كافة الطرق لانهاء «حماس» و"الجهاد» الاسلامي وغيرها من المنظمات الفلسطينيه في غزة والضفة الغربية.

ما قام به ألف جندي مدرب ومستعد للموت من أجل قضيته أذهل العالم، وأوقفه على قدم واحدةلاربع وعشرين ساعة.

وحين أفاقت أميركا والكيان الصهيوني من الصدمة صبّت جام غضبها على غزة؛ الإنسان والأرض والشجر والحجر، متجاوزة حقوق الإنسان وضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تنص على القتال المتبادل بين العسكريين، بعيدا عن قتل وترويع وتدمير المباني والمنشآت الخاصة، متجاوزة كل العهود التي اعتبرت المرأة والطفل والشيخ الأعزل بمنأى عن الاقتتال.

على الولايات المتحدة أن تراجع نفسها جيدا، وأن تستوعب الدرس وتتفكر به جيدا، وأن تلتقط أنفاسها وتتوقف مع ذاتها لتعلم أن النفي والتهجير الذي تفكر به، وهو الأمر غير القابل للتطبيق على الأرض، وأن تفريغ غزة من سكانها لن يضمن للمستوطنين أن يناموا ليلهم الطويل، ذلك أن الإرادة التي حركت الف شاب حريصون على الشهادة حرصهم على الحياة ارادة لن يكسرها نفي او تهجير، بل ازيدكم من الشعر بيت ولعل الامريكان لا يعرفون أن كسر إرادة الإنسان العربي المسلم ونفيه وإخراجه من أرضه وبيته سيساهم في زيادة الكره والحقد على أميركا وكيانها المصطنع.

لعل مراكز الدراسات الاستراتيجية والبحثية الأميركية إذا ما قامت بدراسة على عينة عشوائية من العرب والمسلمين وسألتهم عن موقفهم من جهة ما رحّلتهم من منزلهم او أرضهم، كيف سينظرون إليها؟ هل يلاقونها بالورد أم بالرصاص؟!!.

إذا وجدنا في هذه المرة ألف شاب فلسطيني يحملون أرواحهم على أكفهم ويدخلون بلدهم، سنجد في المرات القادمة عشرات الآلاف من الشباب وربما الفتيات يقومون بعمليات مشابهة انطلاقا وردا على الموقف الأميركي المنحاز للكيان الصهيوني بالكامل.

على الدولة التي تدعي انها الدولة الديمقراطية الاولى في العالم تطبيق الديمقراطية على الأرض، وأن تفتح عقلها جيدا وتحكم ضميرها وتفتح عينيها جيدا لترى كيف يقتل مئات الاطفال والنساء والشيوخ، وكيف تقوم بدعم الة الحرب الصهيونية التي انفلتت من عقالها ودكّت غزة بآلاف الأطنان من المتفجرات والفسفور الأبيض الذي قادت أميركا تحركا دوليا لإخراجه من أدوات الحرب.

إن استطاع الأميركان إخراج الغزيين من ديارهم سيساهم ذلك في تفاقم القضية، وستجد أميركا التي زجت بنفسها بالصراع مضطرة الى مواجهة حقيقة مهمة، وهي إنها انحازت للكيان الصهيوني، وأصبحت جزءا من المشكلة بشكل مباشر، بدلا من أن تكون جزءا من الحل، وللحديث بقية.