هل تشن تركيا عملية عسكرية «خامسة»؟

جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب

تتزايد المؤشرات المحمولة على أخبار وتحليلات يُدبجّها كتّاب وصحافيون أتراك, مقربون من حزب العدالة والتنمية الحاكم، على قرب «شنّ» الجيش التركي ما أسموه «عملية عسكرية خامسة» (بعد أربع عمليات اجتياح للشمال التركي حملت الأسماء الكودية التالية. أولاها درع الفرات (24 آب 2016).. والثانية/ غصن الزيتون (20 كانون الثاني 2018) أما الثالثة فجاءت تحت اسم/ نبع السلام (19/10/2019) فيما أُسميت الرابعة/ المخلب- السيف (25/11/2022). وقد استندت كل تلك التحليلات (اقرأ التسريبات) إلى خطاب الرئيس التركي/ أردوغان في الاول من الشهر الجاري, عند افتتاحه الدورة «28» للبرلمان التركي الجديد، والذي تزامن (الافتتاح والخطاب) مع التفجير الإنتحاري الذي تبنّاه حزب العمال الكردستاني PKK مُستهدفاٍ مديرية الأمن الوطني في أنقرة.

وإذا كان أردوغان وصفَ عملية التفجير بانها «تُمثّل» الأنفاس الأخيرة للإرهاب, فإن قوله أمام البرلمان بأن (استراتيجية حماية حدودنا الجنوبية بأكملها, بشريط أمنيّ يصل عمقه إلى 30 كم على الأقل، وإبقاء الأنشطة الإرهابية خارج هذا الشريط تحت الرقابة المُطلقة, ما تزال مستمرة).. يزيد من القناعة بان الرئيس التركي يريد «توظيف» بعض التطورات الجيوسياسية التي حدثت في جنوب القوقاز, خاصة بعد العملية الأذربيجانية الخاطفة التي انتهت بهزيمة إقليم كاراباخ, وتهجير أزيد من مائة ألف أرمني، بـ«فضل» الخطايا التي ارتكبها رئيس الوزراء الأرمني, بتخلّيه عن أبناء جِلدته ومحاولته الفاشلة تحميل موسكو مسؤولية ما حدث. في وقت كانت فيه كتيبة من الجيش «الأميركي». تُجري مناورات عسكرية مع قوات أرمينية, تحت يافطة المشاركة في عمليات «حفظ السلام». وها هو برلمان أرمينيا يُصادق الثلاثاء, على ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية, نكاية بروسيا مع إدراكه العميق أن ذلك يُغضب الكرملين, الذي قال ناطقه/بيسكوف: أن تداعيات هذه المصادقة ستكون «سيئة للغاية» على علاقات البلدين.

ناهيك أن أردوغان يستفيد من مناخات مُعقدة كهذه, خصوصاً بعد دخول العملية الروسية الخاصة, فصلاً جديداً من فصولها المتمادية, وإصرار حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية, على مواصلة دعم زيلينسكي, رغم الفشل الذريع للهجوم الأوكراني المضاد, بعد مرور أربعة أشهر على بدئه (4 حزيران الماضي). وقرار الكونغرس الأميركي «عدم إدراج مساعدات لأوكرانيا» في القرار الذي اتخذه وأخذ صفة الاستعجال, حتى لا يتم «إغلاق» الحكومة الأميركية. دون إهمال ما يجري في شمال شرق سوريا, من حشد عسكري أميركي متواصل, وانحياز واشنطن لقوات «قسد» الكردية الانفصالية, في حربها على العشائر العربية، الأمر الذي «أزعجَ» أردوغان, ودفعه إلى توجيه أوامره بشنّ غارات جوية على معاقل PKK في سوريا والعراق. زد على ذلك تعثّر محاولات إستئناف جولات «مسار أستانا» بسبب مواقف أنقرة.

من هنا تأتي إعادة أردوغان «التذكير» بعبارته الشهيرة «سنأتي فجأة ذات ليلة».. وتعليق وزير دفاعه/ الجنرال يشار غولر على عبارة أردوغان وقوله: «احتفظوا بهذه الأغنية في أذنيّكم»، لتعكس من بين أمور أخرى جديّة التهديد الذي أطلقه أردوغان، خاصة أن الجنرال غولر كان أطلق هو الآخر تصريحات يوم الجمعة الماضي, ليس فقط «تأكيده» أن تركيا «ترفض الحديث عن انسحابها العسكري من شمال سوريا، وأنه من غير المنطقي طرح هذا الأمر الآن». بل خصوصاً عندما أضافَ «نحن مُستعدون دائماً للجلوس والحوار, لكن مطالب الجانب السوري ليست شيئاً يمكن قبوله على الفور، إنهم - واصلَ الجنرال - يريدون أن تُغادر تركيا الأراضي السورية، لكن لماذا - تساءل غولر - يجب أن تُغادر تركيا؟ مُستطرداً.. مرة أخرى نقول أن الجانب السوري «لا» يجد وقتاً لمن يَستخرجون ويبيعون نفط الشعب السوري (يقصد قوات «قسد» الكردية, ولم يُشِر لسرقة الإحتلال الأميركي النفط وثروات الشعب السوريً)، فقط - أردفَ الجنرال - مشغولون بالتعامل مع بعض المناطق التي «أرسينا» فيها السلام والأمن ويريدون أن نخرج منها.

في الخلاصة إنتشرت في اليوم التالي لخطاب أردوغان أمام البرلمان التركي، تسريبات تبنّاها مُحللون أتراك تقول: بأن «عملية عسكرية خامسة», توشِك أن تنطلق في أي وقت, رداً على هجوم العاصمة، زاعماً أحد كُتّاب صحيفة «حرييت» اليومية, أن هذا «الهجوم» يُقدِّم الإجابة اللازمة، لمن يتساءل عمّا تفعله تركيا في سوريا, ويبدو أضافَ ــ عبدالقادر سيلفي ــ أنه رغم كل الإجراءات المُتخذة, فإن الإرهابيين قادرون على العبور من سوريا إلى تركيا. مُستطرداً على نحو لافت للإنتباه.. «ربما لم تعُد تركيا تكتفي بخط أمنِيّ يبلغ طوله 30 كيلومتراً», وفق الصحافي المذكور. ما يدعو للشكوك والريبة في شأن هوية ومرامي وأهداف, الإرهابيين الذين قاموا بالهجوم على مديرية الأمن الوطني في أنقرة, وخصوصا الجهات التي وقفتْ خلفها.