الأردنيون مكبلون بارتفاع المحروقات وسط ضبابية الاقتصاد وقوة قيمة الدينار


جفرا نيوز -  جعل تدني الأجور وحتى تآكلها بفعل مستوى التضخم غالبية الأسر الأردنية تضيق ذرعا بارتفاعات أسعار مشتقات الطاقة وفي مقدمتها الوقود والكهرباء وسط تعدد الالتزامات والمصاريف مثلما هو الحال في معظم البلدان العربية محدودة الدخل.

ولئن كان البلد يعاني من مشاكل كثيرة لعل من أبرزها قلة الموارد واعتماده الشديد على المساعدات الدولية، إلا أنه القيمة القوية للدينار تشكل جدار حماية للشركات والأفراد بوجه الظروف المتغيرة وخاصة خلال ارتفاع الأسعار.

ورفعت الحكومة في سبتمبر الجاري أسعار المنتجات النفطية بنسب وصلت إلى 12 في المئة في زيادة هي الأعلى منذ سنوات، حيث تم رفع سعر البنزين أوكتان 90 بنسبة 4.3 في المئة ليبلغ 960 فلسا للتر (1.3 دولار).

كما تم رفع سعر البنزين أوكتان 95 بالقدر ذاته ليصل إلى 1.2 دينار للتر (1.7 دولار)، فيما تم رفع سعر الديزل بنسبة 12 في المئة ليبلغ نحو 800 فلس (1.1 دولار).

وتعد مشكلة الطاقة أحد التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد. وتبلغ الفاتورة السنوية في المتوسط 5 مليارات دولار، وهي في ارتفاع مستمر مع الزيادة الاضطرارية في عدد سكان البلاد بنسبة 10 في المئة نتيجة لتدفق 1.3 مليون لاجئ سوري.

واللافت أن قيمة واردات البلاد من النفط ومشتقاته تراجعت في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بنسبة 18.6 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 1.75 مليار دينار (2.47 مليار دولار).

ويتمتع البلد بأحد أعلى المعدلات العالمية من حيث استيراد الطاقة، فالتقديرات تشير إلى أنه يستورد 95 في المئة من احتياجاته وأغلب الإمدادات تأتي من الدول العربية المجاورة مثل مصر.

وتقول نقابة أصحاب محطات المحروقات والغاز إن فاتورة الطاقة تستهلك قرابة نصف دخل الفرد الأردني كل عام، وهو ما يجعلها من الأعلى في المنطقة العربية.

ويتفق الخبراء مع هذا الرأي ويؤكدون أن الأسعار المرتفعة للبنزين والديزل بهذا الشكل مردها غياب منظومة نقل عام ملائمة، وهو ما ركز عليه المختصون في السنوات الماضية وكان بمثابة ورقة ضغط على الحكومة.

ويظهر حال المواطنين مع أسعار الوقود أيضا في الإقبال على محطات الوقود، حيث قال محمود سمير، وهو عامل مضخة، إن المستهلكين، يطلبون التزوّد بمبالغ قليلة جدا مثل 5 دنانير (7 دولارات) في كل مرة وأحيانا فقط لتمضية يومهم.

ويضيف للأناضول "بعض الزبائن يتزودون بمبلغ ثابت في كل مرة بينما غيّر الكثير منهم من استخدام صنف بنزين أوكتان 95 الأعلى سعرا إلى الأوكتان 90 رغم حداثة سياراتهم، وغالبيتهم أصبحوا يتزودون بالبنزين باستخدام بطاقات الائتمان وليس نقدا”.

ولا يتوقف الأمر على مشتقات الوقود، فإن أسعار الكهرباء سجلت زيادات متتالية منذ العام الماضي، وسط ظروف جوية قاسية صيفا وشتاء، تجبر على استهلاك عال للطاقة.

وارتفعت أسعار تعرفة الكهرباء بالبلاد، وهي مقسمة على 7 شرائح استهلاك، بنسب تراوحت بين 8 و16 في المئة خلال الفترة بين فبراير 2022 أي قبيل اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، ونهاية النصف الأول من العام الجاري.

2.47
مليار دولار واردات نفطية في 7 أشهر من 2023 بتراجع 18.6 في المئة بمقارنة سنوية

ويقول الباحث في شؤون الطاقة عامر الشوبكي لوكالة الأناضول إن الإنفاق على كلف الطاقة في الأردن يكون للكثيرين على حساب نفقات مهمة مثل الصحة والتعليم، ولها علاقة كبيرة بمعدلات الفقر، وتتسبب في نقص القدرة الشرائية.

ونسبت وكالة الأناضول إلى الشوبكي قوله إن "فاتورة الطاقة من الوقود والكهرباء تشكلان ما يقرب من 40 في المئة من متوسط الدخل في الأردن”.

وبيّن أن أسعار المحروقات في السوق المحلية، عالية، ولا تتناسب مع معدل دخل الفرد الأردني، وأهم أسباب ذلك الضريبة المقطوعة على بيع كل لتر من البنزين أو الديزل.

وتفرض الحكومة ضريبة مقطوعة على المشتقات النفطية، حيث تبلغ القيمة التي تحصّلها الحكومة على مشتق البنزين أوكتان 95 نحو 0.57 دينار عن كل لتر (0.81 دولار).

وبحسب منصة أويل برايس الأميركية المتخصصة في قطاع الطاقة، فإن الأردن يقع ضمن أعلى ثلاث دول في أسعار المشتقات النفطية.

وبالنسبة للبنزين أوكتان 90 فإن الحكومة تفرض على كل لتر ضريبة مقطوعة بمقدار 0.37 دينار (0.21 دولار) فيما تفرض على الكاز والديزل ضريبة مقطوعة على كل لتر بنحو 0.16 دينار.

وإلى جانب إنفاق الأفراد، فإن القطاعات التجارية تعاني أمام ارتفاع أسعارها، إذ تنقل كلفة الزيادات على المستهلك النهائي، وبالتالي هناك تأثير صعودي على تضخم أسعار المستهلك.

ويرى الشوبكي أن هذه الزيادات في أشعار الطاقة بأنواعها تؤثر سلبا على جاذبية السوق المحلية للاستثمارات المحلية والأجنبية. وقال "كل ذلك في نهاية المطاف ينعكس على المواطنين على شكل فقر وبطالة”.

وتنظر الحكومة إلى العام الحالي بتفاؤل باعتباره حاسما في طريق تقليص العجز المالي والضغط على الديون بشكل أكبر بالتزامن مع تنفيذ برامج التنمية للابتعاد تدريجا عن المخاطر التي تسببت فيها الجائحة.

وبند الطاقة في الميزانية العامة من أكبر هواجس الحكومة كل عام بسبب كلفة الاستيراد المرتفعة، وأثرها على عجز الميزان التجاري وارتفاع أسعار السلع.

وقال الخبير في شؤون النفط هاشم عقل إن "تأثير ارتفاع أسعار الطاقة مربك جدا للمواطن، حيث يجد نفسه مجبرا على تغطية زيادة تكاليف الطاقة على حساب المأكل والمشرب وحتى على حساب التعليم”

وأضاف "لذا نجد التحول السنوي من التعليم في المدارس الخاص إلى المدارس الحكومية بسبب فارق التكاليف، وعجز الأهل عن توفير المال”.

وتابع "انتقل هذا العام قرابة 15 ألف طالب إلى المدارس الحكومية من المدارس الخاصة ما سبّب أيضا إرباكا لوزارة التربية والتعليم لأن الغرف الصفية محدودة”.

كما قدر عقل أن يكون الإقبال على الديزل ضعيفا جدا في الشتاء القادم، لأن التكلفة مرتفعة، وسيضطر المواطن إلى استعمال مدافئ الغاز، وبنسبة ضئيلة مدافئ الكاز، أحد مشتقات الوقود السائلة، والحطب.

وارتفع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك منذ مطلع العام حتى نهاية أغسطس الماضي، بنسبة 2.45 في المئة، حيث كانت مجموعة الوقود والإنارة من أبرز المجموعات التي ساهمت بالزيادة بنسبة 10.48 في المئة.