23 عامًا على انتفاضة الأقصى

جفرا نيوز - يوافق اليوم الخميس 28 سبتمبر/ أيلول الذكرى الثالثة والعشرين لاندلاع انتفاضة الأقصى التي ما تزال شاهدة على صمود الفلسطينيين وإصرارهم في الدفاع عن مقدساتهم في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.

وتأتي الذكرى الـ23 للانتفاضة في وقت تستمر فيه معاناة المسجد الأقصى المبارك ومخططات دولة الكيان الإسرائيلي المحتل لتهويده وتغيير معالمه، وبالتزامن مع اقتحامه يومياً من قبل المستوطنين بحماية جيشهم، في محاولة لتقسيمه زمانياً ومكانياً.

كما تعود الذكرى مع تصاعد حالة المقاومة في الضفة الغربية المحتلة وارتفاع معدل العمليات الفدائية منذ مطلع العام الجاري إذ قتل خلاله حتى اليوم 35 إسرائيليًا وجرح المئات.

أحداث لا تنسى

في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000 اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى"، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون المسجد الأقصى المبارك، وتجوله في ساحاته بشكل استفزازي.

وهذا ما أثار مشاعر الفلسطينيين، وأدى لاندلاع المواجهات بين المصلين وجنود الاحتلال في المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة، أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وسميت بـ "انتفاضة الأقصى".

وفي اليوم الأول لأحداث الانتفاضة أصيب 25 جنديًا وشرطيًا احتلاليًا بعد رشقهم بالحجارة وعلب النفايات والأحذية من قبل الشبان الغاضبين بباحات الأقصى، فيما أصيب نحو 20 فلسطينيًا بجراح.

واشتدت المواجهات في اليوم الثاني للانتفاضة، والذي وافق الجمعة 29 سبتمبر مما أسفر عن استشهاد ستة شبان و300 جريح.

وفي 30 سبتمبر 2000، أعدمت قوات الاحتلال الطفل محمد جمال الدرة، الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، أمام كاميرات التلفاز وأطلقت النار عليهما، في مشهد اهتزت له مشاعر ملايين الشعوب العربية والعالمية، فأصبح منذ حينها يمثل رمزًا للانتفاضة.

وأثار إعدام جيش الاحتلال للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم للخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة جيش الاحتلال، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات منهم.

وفي أول أيام الانتفاضة حاول جيش الاحتلال إرهاب الفلسطينيين، لمنعهم من الاستمرار في الغضب الشعبي، فاستخدم الطائرات المروحية العسكرية في إطلاق النار، وللمرة الأولى استخدمها في قصف أهداف أرضية. وسرعان ما تطور الأمر حتى استخدمتها هي وطائرات نفاثة في هجمات طالت مباني سكنية، وأسست خلالها "إسرائيل" نظامًا عسكريً جديدًا يقوم على استهداف المدنيين، بعد أن ارتكبت العديد من المجازر وقتلت آلاف الفلسطينيين.

وعم إضراب شامل وحداد عام واتساع رقعة المواجهات لتشمل كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، مما أسفر عن استشهاد 13 مواطنًا واصابة 623، من بينهم الطفل الدرّة.

وفي الأول من أكتوبر، استشهد 10 مواطنين وأصيب 227 آخرين، واستخدم الاحتلال في تلك المواجهات المروحيات وصواريخ "لاو".

وشكلت الانتفاضة أحد أبرز محطات النضال الشعبي الفلسطيني، التي شهدت جرائم إسرائيلية كبيرة ومتتالية، راح ضحيتها أطفالًا ونساءً ورجالًا، ولم يسلم منها الشجر ولا الحجر.

ووفقًا لإحصائيات فلسطينية رسمية، أسفرت انتفاضة الأقصى عن استشهاد 4412 فلسطينيًا إضافة لـ 48322 جريحًا، بينما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون حسب بيانات رسمية إسرائيلية.

وما ميز انتفاضة الأقصى عن الانتفاضة الأولى، كثرة المواجهات المسلحة، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، وما شهدته من تطوير في أدائها وقوتها، فطوّرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس سلاحها فيها، وتمكنت من تصنيع صواريخ لضرب المستوطنات الإسرائيلية.

وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى لاجتياحات عسكرية وتدمير آلاف المنازل والبيوت، بالإضافة إلى تجريف آلاف الدونمات الزراعية.

ومن أبرز أحداث الانتفاضة، اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وخلال هذه الانتفاضة، أقدم شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة التي اندلعت عام 2000 ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

ولمساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، خرجت مظاهرات في أرجاء عربية وعالمية رافضة المساس بمقدساته الإسلامية، فكانت مظاهرة مخيم عين الحلوة، تلاها مظاهرة حاشدة في مخيم اليرموك القريب من دمشق، وامتدت إلى معظم العواصم والمدن العربية والإسلامية والغربية، حيث شهد بعضها مسيرات مليونية.

صفا