فوائد الرفع !!
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
أنا لا أتهكّم أو أسخر لا سمح الله.. لكنني أحاول قراءة ما يتبقى من الجزء المبلول في الفنجان.. وأعني هنا كلف رفع أسعار المياه اعتبارا من كانون الاول المقبل 2023، وكلف ارتفاع غرامات قانون السير الجديد وكذلك قانون الجرائم الالكترونية.. وحتى ارتفاع فوائد البنوك، وليس انتهاء بارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمحروقات.. الخ.
أتحدث عن ذلك من زاوية أنه لا يوجد عسر مطلق ولا يسر مطلق في هذه الحياة، وهذا ينطبق ايضا على القوانين والقرارات فهناك من يقرأها بايجابية، وهناك من يقرأها على النقيض تماما وبكل سلبية.
كما أنه لا بد من التأكيد على أن رفع الاسعار لا يتقبله ولا يستسيغه أحد، وحتى من حكم عليه القدر بأن يكون بموقع اتخاذ قرار الرفع، على الأغلب أنه كان يتمنى ألّا يحدث ذلك من خلاله على الأقل.
على أية حال لن أطيل في مقدمات ما أود الحديث عنه حول ما أسميته «فوائد الرفع» لذلك أقول مباشرة:
1 - بعيدا عن تفاصيل ومبررات التوجه نحو رفع أسعار المياه على المواطنين (المنازل) واذا ما كانت من أجل تغطية كلف الصيانة والتشغيل وتوفير سيولة (شهرية / بدلا من فصلية كل 3 شهور) تستطيع من خلالها وزارة المياه تحسين الخدمات المقدّمة والمطلوبة للمواطنين، أو حتى ما قيل من أن الدفع الشهري سيخفّف ويقلّل من تراكم المبالغ المطلوبة وغير المدفوعة على المواطنين والتي وصلت الى نحو (80 مليون دينار)، وبعيدا عن تفاصيل الشرائح التي أصبحت (7) شرائح، والتأكيدات على أن الشريحة الاولى (6 متر مكعب/شهريا من المياه) والتي تشكّل نحو (29 %) من المستهلكين لن يطالها الرفع ( 61 % من المستهلكين هم من الشريحتين الاولى والثانية - بحسب وزير المياه والري المهندس محمد النجار)، وأن الشريحة العليا هي الأكثر تأثرا.. الخ تلك المبررات والتي قد يقرأها مختصون على أنها باتت ضرورية مع تصاعد كلف الصيانة والتشغيل، بسبب أن التسعيرة المباشرة على المياه لم يطرأ عليها أية زيادات منذ العام 2010 وليس العام 2015 الذي تم فيه زيادة على المبلغ الثابت على الفاتورة الربعية.. الا ان مواطنين يرون أن القرار يعني مباشرة رفع أسعار المياه بغض النظر عن المبررات أو الشرائح.. لذلك فان تجنب أية آثار قد تطال المواطنين من التأثر بقرار رفع أسعار المياه يتلخص بالعمل على ترشيد استهلاك المياه وهذه (إيجابية) باتت ضرورية ما دام جزء من فلسفة قرار الرفع يقول بأنه كلّما زاد استهلاك المياه زادت قيمة الفاتورة.
2 - قانون السير الجديد غلّظ العقوبات، ولكن على من يرتكب المخالفات، إذن فايجابية القانون تكمن في «الردع»، وحتى يتجنب المواطن الكي بنار المخالفات مرتفعة القيمة، عليه أن يكون أكثر حذرا وأكثر التزاما بقوانين السير، حفاظا على حياته وحياة الآخرين، وتجنبا لدفع مخالفات بمبالغ طائلة.
3 - أيضا ينطبق هذا الأمر على قانون الجرائم الالكترونية الجديد، فمن لا يخالف لا يعاقب ولا يتم تجريمه ولا تغريمه، فبالتالي فان المطلوب عدم تجاوز القوانين بما قد يسيء للآخرين من اغتيال للشخصية وابتزاز واثارة الفتن والاضرار بالاقتصاد الوطني ومؤسساتنا الوطنية.. وكل ذلك بما لا يتعارض مع حق المواطن أوالمستخدم حقه بالتعبير وانتقاد الخطأ أينما وجد.
4 - أسعار السلع كثير منها ارتفع لسبب أو لآخر منها ارتفاعات طرأت على بعض السلع من الخارج نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية التي لا زالت مشتعلة وانعكست سلبا على التجارة العالمية والتصدير مع ارتفاع كلف الشحن والتأمين بعد تقطّع سلاسل الامدادات وشح الموارد بسبب استمرار الحرب وغيرها من الاسباب.
باختصار.. نعم ارتفعت بعض الأسعار والكلف على المواطنين، لكن الايجابي يكمن في الحلول التي تصب في صالح المواطنين بصورة أو بأخرى والتي تتلخص بترشيد الانفاق من السلع كالمياه على سبيل المثال، والامتناع عن ارتكاب مخالفات قانونية سواء في السير والجرائم الالكترونية وغيرهما.
وكذلك الامر في الارتفاعات التي تحدث بين حين وآخر لعدد من السلع والحل بترشيد استهلاكها، بل ومقاطعتها أحيانا والبحث عن بدائل افضل.
البعض يقول إن رفع الأسعار يحدث حتى في الدول المتقدمة جدا.. وأقول نعم صحيح.. لكن الفرق أن المواطن في الدول المتقدمة يدفع ربما أكثر لكنه يحصل على خدمات أكثر في المقابل.. لذلك المشكلة كثيرا ما تكمن في أن المواطن يدفع ويدفع وينتظر خدمات لا يجدهادائما !