كتابان والثالث مجانًا !!

جفرا نيوز - بقلم رشاد ابو داود

«اشترِ كتابين واحصل على الثالث مجاناً».  «خصم 75 % على كافة الكتب». فاجأتني مثل هذه المظاهر في أول جولة أقوم بها لمعرض عمَان الدولي للكتاب 2023 في ثاني أيام افتتاحه.

طبعاً ثمة إيجابيات كثيرة لإقامة المعرض سنوياً سآتي على ذكرها لاحقاً. لكن في كل سنة وفي كل نشاط مماثل في العواصم العربية تبرز سلبيات يتم العمل على تلافيها في السنة التالية.

فاجأني أيضاً قلة عدد الذين يخرجون حاملين أكياساً – حسناً إنها بيضاء – تحتوي على حصادهم من المعرض مقارنة بالذين يتجولون في أجنحة المعرض «ايد ورا وايد قدام» واليدان خاويتان الا من..الموبايل. وهنا أستذكر ما كتبه أحدهم عندما سئل عن حصيلة معرض الكتاب في بلده فقال «500 كتاب 1500 كاسة نسكافيه» !.

ليس عيباً وجود كافيتريا تقدم القهوة والمشروبات البريئة في اي معرض اضافة الى منصات السندويتشات بمختلف أنواعها حتى تلك التي تقدم عيدان البطاطا الشهية خاصة للأطفال. نعم الأطفال، فالمعرض فرصة لاصطحاب الأطفال لمعارض الكتب لتعويدهم على حب القراءة. فربما ترسخ في ذهن بعضهم محبة القراءة ويصبح كاتباً مشهوراً عالمياً. بالرغم من أن جائزة نوبل للآداب لم تمنح جائزتها الا الى نجيب محفوظ فيما ظل أدونيس يحلم بها وخاطر، ربما من أجل تحقيق حلمه بآراء لا تتناسب مع معتقداتنا ومفاهيم مجتمعاتنا العربية.

كافتيريا المعرض كانت فرصة لنلتقي بزملاء وأصدقاء مثقفين لم نرهم منذ سنين طويلة. بعضهم شاب شعره وبعضهم غادر الشعر رأسه. منهم من تكرش من دون أن يتقرش وبالكاد يمتلك قوت يومه، ومنهم من ربح المليون بالتزلف والمديح لكل من يدفع أكثر.

لا أعمم لكن هذا هو حال المثقفين في عالمنا العربي. ففي دراسة لمنظمة اليونيسكو جاء أن نصيب كل مليون عربي لا يتجاوز 30 كتاباً مقابل 854 كتاباً لكل مليون أوروبي بمعدل قراءة العربي ربع صفحة في السنة. أما أميركا فإنها في المرتبة الأولى بمعدل 11 كتاباً للفرد سنوياً.

من المسؤول عن تدني مستوى القراءة عند المواطن العربي ؟

الأسباب كثيرة. لكن ما نلاحظه في هذا الزمن العربي الهزيل أن القراءة آخر ما يفكر به الفرد. فثمة أولويات كثيرة ضرورية لكي يبقى حياً لا يقرأ. السكن، الأقساط، المدارس، الفواتير، وحتى..الخبز !

لهذه الأسباب لاحظت أن ثمة أجنحة في المعرض خالية من الزوار بينما فيها كتب لكبار الكتاب والمفكرين. وحين تريد أن تسأل الموظف عن كتاب مهم تجده منشغلاً في الموبايل، وحين يتكرم ويرفع رأسه يقول لك سعراً مرتفعاً جداً. تتركه وتمضي الى جناح يقف الزوار أمامه على الدور لأن كتبه «بياعة»، انه موضة العصر. وكثير من «الكتاب» يكتب كما يتحدث. لا لغة ولا اعراب ولا يفرق بين «اشت رِ واشتري» حيث الأولى للمذكر والثانية للمؤنث لا ينفع معها الجزم ولا الحسم.

تنظيم معرض عمان للكتاب راق ومنظم ومتعوب عليه من قبل الجهة المنظمة. سعدت بلقاء أصدقاء قدامى والاستماع الى شعراء في أمسية منتدى المعرض، اشتريت بعض الكتب ومنها كتب للأطفال لأحفادي خاصة أن رشاد ابن الصف الأول ابتدائي وشوشني قبل أن أخرج من البيت «سيدو انت رايح معرض الكتاب ؟ قلت له نعم. قال : جيبلي كتب للأطفال».