الحرب سيدة الحضور في يوم السلام العالمي

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
 
لو أنصتنا قليلاً مساء اليوم، فسنسمع عبر محطات التلفزة العالمية قرعات جرس السلام من حديقة الأمم المتحدة في مدينة النيويورك التي تحتضن اللقاء السنوي للجمعية العمومية 78. لكني لا أتوقع أن يلتفت أحد للرنين البعيد القريب، حتى ولو سمعه وعرف معناه، ليس لأن السلام لا يعني بني البشر، بل لأن الحروب وطبولها والكروب ومآسيها تغطي على كل ما سواها فوق كوكبنا الأزرق.

يعجبني ذلك الجرس الذي يُقرع مرتين في السنة، في يوم الأرض 21 آذار، ويوم السلام في 21 أيلول. وهو هدية قدمتها اليابان للامم المتحدة، وتم الحصول على المعدن المستخدم في سبكه من صهر عملات تبرع بها مندوبو 60 دولة حضروا المؤتمر العام لجمعيات الأمم المتحدة في باريس 1951.

وكان الجرس سيعجبني أكثر وأكثر لو أنه صنع من مصهور سبطانات المدافع، ورصاص البنادق، وخوذ الجنود. فلربما كان ذلك سيعطي رمزية للسلام في عالم مفخخ بمصائد الموت في كل مكان.

الذي سيقرع الجرس هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو، كما هو متوقع، والذي قال قبل فترة إن الكراهية تجتاح جميع أنحاء العالم في مسيرة زاحفة. وربما أن على الأمين المحترم أن يقلق قليلاً على مستقبل الأرض التي خربها الإنسان بفعل طيشه وعدوانه على البيئة، ويشفق على الجائعين الذين يقتربون من المليار إنسان مما يشكلون وصمة عار في جبين الإنسانية .

ليس مهما أن أذكركم بأن من مقتضيات يوم السلام أن يتوقف إطلاق النار لمدة ساعة واحد حول العالم. فمن سيسمع هذا النداء. من سيرفع يده عن الزناد ليتابع هذا النداء؟ ولهذا سيكون علي أن أذكركم أن موضوع هذا العام في الاحتفال هو التعافي بشكل أفضل من أجل عالم منصف ومستدام، وأكثر إنصافًا وسلماً.

هذه شعارات براقة جميلة وعميقة. ولكن ماذا يمكن أن يفعل عالم بات يعاني نقصاً حاداً ومتفاقماً بأكسيد بالمحبة، ويواجه اختناقاً محكماً بكربونات تلك الحروب والكروب. هذا العالم لا يفعل شيئا سوى أن يختلق يوما عابراً وطارئا على رزنامتنا يسميه يوم السلام العالمي. فعمت صباحا ومساء أيها السلام العالمي.

أيها السادة المحتفلون سنذكركم أن الحرب بارعة أكثر منكم، في بث زوامير سيارات الإسعاف، وتشييد بيوت للأيتام، وباهرة أكثر؛ إذ تجعل الفضائيات على قيد العمل طوال الوقت. وسنذكركم أن الحرب وحدها من يلهم القادة الكبار الكبار على إلقاء خطبهم النارية العرمرمية.

الحرب أيها السادة باتت سيدة الحضور الإنساني، إذ تثير أسئلة واخزة في نفوس الأولاد الذين اعتادوا أن تأتي التوابيت ملفوفة بالأعلام. فكيف لا يفرح الصغار بهذه الألوان؟! حقاً لا أحد يربّت على كتف الحرب. الكل يطالبها أن تسقط راءها؛ لتصبح حُبّا خالصا.

ولهذا اقرعوا الجرس مرارا علَّ وعسى.