مفقودو "درنة" الليبية ... الشغل الشاغل للأهالي والعائلات
جفرا نيوز - يروي أحمد عاشور (62 عاما) مأساته بعد أسبوع من فيضانات وسيول اجتاحت وسط مدينة درنة الليبية وجرفت كل شيء في طريقها إلى البحر قائلا "فقدت ابنتي. أمها مقتنعة أنها لا تزال على قيد الحياة. وأنا سلمت أنها توفيت… تركت لنا رضيعا يبلغ من العمر ثلاثة أشهر”.
لا تزال العائلات في المدينة تحاول استيعاب حجم الخسائر الإنسانية والمادية الفادحة للكارثة ويعتصرها الحزن على من راحوا من أحبائهم بينما تطاردهم الهواجس بشأن مصير المفقودين.
وفقد عاشور أيضا أكبر شقيقاته وابنتها. وقال "عندما عرفنا ما حدث للآخرين يمكننا أن نتقبل كل ما جرى لنا”.
وتحول وسط درنة إلى أرض قاحلة وتنتشر الكلاب الضالة بين أكوام الحطام الموحلة التي كانت يوما من الأيام بنايات ومنازل. وتقف بعض المباني الأخرى بالكاد في مشهد غريب مستندة على طوابق أرضية دمرتها المياه تقريبا.
وقبل أسبوع، انهار سدان في المدينة تحت وطأة عاصفة عاتية وأمطار غزيرة مما أطلق سيلا ضخما من المياه صوب وادي نهر موسمي جاف يمر عبر وسط المدينة التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة.
وتسببت الكارثة في مقتل الآلاف وفقد الآلاف. وقدم مسؤولون يستخدمون طرقا مختلفة لحساب الأعداد بيانات شديدة التباين بشأن حصيلة الضحايا حتى الآن. ويقدر رئيس بلدية درنة أن أكثر من 20 ألفا فقدوا بينما أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 3922.
وقال عثمان عبد الجليل وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا لرويترز عبر الهاتف إن آمال العثور على ناجين تتضاءل بشدة لكنه أكد أن جهود البحث ستتواصل للعثور على أي ناجين.
وأضاف أن الجهود تتركز حاليا على إنقاد أي ناج وانتشال الجثث من تحت الحطام ومن البحر أيضا بمشاركة العديد من الغطاسين وفرق الإنقاذ المتخصصة من دول أخرى.
دولة فاشلة
سدت سيارات الإسعاف والشاحنات، التي تحمل الغذاء والماء والحفاضات والحشايا وغيرها من الإمدادات، الطرق المؤدية إلى درنة اليوم الاثنين.
وأرسلت دول غربية ودول من المنطقة فرق إنقاذ ومستشفيات متنقلة. ولقي خمسة من عمال الإنقاذ اليونانيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوات المسلحة، مصرعهم في حادث سيارة أمس الأحد.
وتعرقلت جهود التعافي بسبب الفوضى في الدولة، التي تحولت إلى دولة فاشلة منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في عام 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.
وتقع درنة في الشرق خارج سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا المتمركزة في الغرب، وحتى عام 2019 وتعاقبت على السيطرة عليها سلسلة من الجماعات الإسلامية المتشددة من بينها تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية.
ويقول سكان إن تهديد السدين المنهارين للمدينة كان معروفا إلى حد كبير مع توقف مشروعات لإصلاحهما لأكثر من عشر سنوات. كما يتهمون السلطات بالفشل في إجلاء السكان في الوقت المناسب.
والتهديد الأكبر الذي يواجه الناجين الآن ربما يأتي من إمدادات المياه الملوثة.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة خيرية إن "أزمة الفيضانات تركت آلاف الأشخاص في منطقة درنة بدون مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يشكل تهديدا وشيكا على صحتهم وسلامتهم”.
وأضافت "المياه الملوثة يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان، وخاصة النساء والأطفال، لخطر متزايد”.