تحديد سقوف لأسعار دراسة الطب محليًا

جفرا نيوز - بقلم ينال برماوي

لا يزال قرار وزارة التعليم العالي المتضمن تخفيض مقاعد الطب في الجامعات الأردنية بشكل مفاجئ بعد اعلان نتائج الثانوية العامة يثير احتجاجات أعداد كبيرة من الطلبة وذويهم ومختصين في المجال التعليمي رغم زيادة العدد لكنه أقل بكثير من المعتاد في السنوات السابقة .

كما فاجأت الوزارة المواطنين بقرارها أمس الأول برفع الحد الأدنى لدراسة الطب في الخارج الى 90% بعد أن كان معادلا للقبول داخل الأردن 85% وقبل ذلك 80% في اطار خطة حسبما تم الاعلان رسميا لتخفيض أعداد الدارسين في هذا التخصص نظرا لارتفاع نسبة البطالة .

واذا ما أخذنا بهذا التوجه بالغاء بعض التخصصات الجامعية أو تخفيض أعداد المقبولين فيها مثل الطب فانه يجب تطبيق ذلك على باقي المجالات التي لا تقل تفشيا للبطالة عن غيرها وكثير منها ترتفع فيه معدلات المتعطلين عن العمل بكثير عما هو الحال في الطب وغيره .

المفارقة أن الحديث عن تفاقم البطالة في الطب وكثير من التخصصات ليس بالجديد وانما يعود لسنوات طويلة ورغم ذلك يتم الموافقة على فتح جامعات خاصة جديدة واستحداث تخصصات راكدة أو مشبعة تماما في مختلف الجامعات ما أدى الى تكدس أعداد كبيرة جدا لا طاقة لسوق العمل والقطاع العام لاستيعاب ولو الحد الأدنى منها .

اليوم تطالعنا عدة جامعات خاصة بالاعلان عن فتح باب القبول في تخصصي الطب البشري وطب الأسنان وضمن معدلات القبول المحددة من قبل وزارة التعليم العالي وجامعات أخرى تستعد لافتتاح كليات طب واقامة مستشفيات خاصة بها فيما تم السماح للجامعات الخاصة بالتعاقد مع مستشفيات في القطاع الخاص لنواحٍ تعليمية لغايات الحصول على الموافقات اللازمة لاستحدات كليات طب ما يسرع ويسهل اجراءات التوسع في انشاء مزيد من هذه الكليات وعلى اعتبار أنها ذات جاذبية كبيرة للطلبة الأردنيين ومن الخارج ومردودها المالي مرتفع جدا .

في حسبة أولية تقدر تكلفة دراسة الطب في الأردن لدى الجامعات الخاصة بما لا يقل عن 100 ألف دينار على أساس سعر الساعة 300 دينار وما يتبعها من رسوم فصلية تصل الى 500 دينار وأكثر من ذلك في الفصل الواحد يضاف اليها رسوم المستلزمات الأخرى ونفقات الطالب الخاصة .

واستنادا الى ذلك فان الطب يبقى في مقدمة التخصصات الجاذبة للدارسة من قبل الطلبة وذويهم والحاجة الى هذا التخصص مستمرة داخليا وخارجيا علما بأن غالبية خريجي الطب الأردنيين يعملون في الخارج سواء لدى دول عربية أو أجنبية وتشكل تحويلاتهم المالية جزءا كبيرا من اجمالي تحويلات المغتربين الأردنيين اضافة الى تعزيز السمعة بالكفاءات الأردنية في مختلف المجالات .

تمسك وزارة التعليم بقراراتها .. تخفيض أعداد المقبولين ورفع الحد الأدنى لدراسة الطب في الخارج سيرتب أعباء كبيرة على الأسر الأردنية لانهم سيضطرون لتدريس أبنائهم في الجامعات الخاصة الأردنية ورسومها مرتفعة جدا وتفوق مثيلاتها في الدول الأخرى ما سيؤدي حتما الى بيع الأصول مثل العقارات والاستدانة من البنوك والمؤسسات المالية وبالتالي ارتفاع مديونية الأفراد التي تتجاوز حاليا 13 مليار دينار .

وليس سرا أن كثيرين يرون في تلك القرارات دعما للجامعات الخاصة التي لا شك أنها باتت تشكل ركيزة أساسية في منظومة التعليم الجامعي وحتى لا تبقى الأمور في اطار السلبية والاتهامية يتوجب اتخاذ قرارات ملزمة للجامعات الخاصة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين من خلال منع المغالاة بالرسوم الجامعية الخاصة بدراسة الطب البشري وطب الأسنان وامكانية وضع سقوف لتلك الرسوم وعدم السماح بتجاوزها واتاحة المجال للجامعات الخاصة بالتنافس دونها تحقيقا للصالح العام .

وفي حال تحديد سقوف لساعات تخصص الطب في الجامعات الخاصة ستتحقق العديد من الفوائد أهمها الحد من خروج المدخرات الوطنية الى الخارج سيما وأن أعداد دراسي التخصصات الطبية في الخارج يزيد عن 15 ألفا وكذلك تحسين الموارد المالية للجامعات الخاصة وضمان جودة المخرجات وعدالة الرسوم الجامعية وتحفيز الاستثمار في التعليم الجامعي الخاص.