الاكتئاب المبتسم ..قناعُ سعادة غير حقيقي
جفرا نيوز- كتبت: حنين البطوش
الاكتئاب المبتسم يُعد أخطر أنواع الاكتئاب وهو حالة يعيشها الفرد يبدو خلالها شخصا سعيداً بينما بالحقيقة يعانون من أعراض اكتئابية داخلية وحدهم، ويخفون ذلك تحت حياة مثالية ناجحة، وعلاقات اجتماعية متعددة، أصحاب هذا الأكتئاب يضعون قناعاً للعالم الخارجي يظهرون أنهم يعيشون حياة سعيدة نشطة بينما يشعرون بعكس ذلك تماماً، دون أن تترك أثراً للآخرين يجعلهم يكشفون ذلك .
الاكتئاب المبتسم المعروف بـ (Smiling Depression) لا يُعد تشخيصاً طبياً، لكنه مصطلح يستخدمه المختصون بالصحة والعلاج النفسي، تسمية مجازية لوصف حال الأشخاص ذوي الاكتئاب المخفين أعراضه عن الآخرين، وقد يبدو هؤلاء الأشخاص طبيعيين ويمتلكون حياة سعيدة، وربما ناجحة أيضًا، لكنهم يخفون تحت هذه الحياة الرائعة، أعراضاً اكتئابية يعانون منها بصمت.
وهو مرض نفسي شائع تزايد استخدام هذا المصطلح مؤخراً إذ تقدر منظمة الصحة العالمية عدد المصابين به نحو 264 مليون شخصا حول العالم من مختلف الفئات العمرية، نحو واحد من كل عشرة أشخاص يعاني من اكتئاب المبتسم اللانمطي ، واثبتت الدراسات أن النساء أكثر عرضة للأكتئاب المبتسم من الرجال.
وهناك عدة أعراض للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم منها: الشعور بتحسن مؤقت في المزاج استجابةً للأخبار السعيدة أو اللحظات الإيجابية مثل مدح أو تهنئة من صديق، لكن بعد ذلك الشعور يعود للشعور بالإحباط مرة أخرى.
ومن الأعراض التي قد يعانون منها هؤلاء الأشخاص زيادة الشهية وزيادة الوزن، حيث تحدث تغيرات في الشهية فبعض الأشخاص يأكلون عند الاكتئاب، في حين يفقد آخرون شهيتهم، ويعاني بعض الأشخاص من تغيرات في النوم حيث يعانون من النهوض من الفراش عندما يشعرون بالاكتئاب لأنهم يريدون النوم أغلب الوقت، وتغيرات كبيرة في عادات النوم لديهم ،كالسهر طوال الليل والنوم خلال النهار.
بالإضافة لمشاعر اليأس واللوم والخوف والحزن والقلق والتوتر والوحدة وفقدان القيمة والاهتمام ببعض الأنشطة المحببة التي يستمتعون بها عادةً، والقلق أو الميل إليه، والإحباط والميل إلى التفكير في المواقف السلبية، ونوبات من التهيج والغضب، وعدم التركيز وصعوبة في اتخاذ القرارات بشدة، وغالباً تترافق بنوبات بكاء عندما يكون وحده بالمساء.
كثيراً ما يسبب الاكتئاب المبتسم ميول للأفكار الموت والانتحار بكثرة، حيث يكونون في خطر مرتفع بشكل خاص لأنهم نشطون، وتزداد نسبة الأفكار الانتحارية في حال عدم السعي للعلاج.
وعلى الرغم من كل هذه العلامات والأعراض التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون هذا الأكتئاب إلا أنهم ذو أداء وعمل جيد، وقد يستمرون في وظيفة ثابتة والحفاظ على علاقات اجتماعية فعالة قد تبدو سعيدة ومتفائلة لهذا السبب علينا التحدث معهم باستمرار عن أمور حياتهم لمنحهم القوة للافصاح على مشاعرهم.
حقيقةً أسباب هذا الإكتئاب كثيرة وعديدة، وفي العادة لا يدركُ الإنسان أنه مصابٌ بالاكتئاب المبتسم، فمن يعاني منه يُهمِل في العادة مشاعره الشخصية ويحاول تجنبها، فقد لا يدرك حتى أنه مكتئب أو أنه لا يريد الاعتراف بوجود هذه الأعراض خوفاً من المجتمع ونظرة المحيطين عنه أنه ضعيف أو غير سعيد.
والمصاب بالإكتئاب المبتسم لا يحدث له أي تأثير في مستويات الطاقة لديه أمام الآخرين، لكن بمجرد أن يكون بمفرده يظهر ضعفه وحزنه.
ويعتبر رفع سقف التوقعات لدى الشخص بخصوص مهاراتهم، أو أدائهم، من أسباب هذا الأكتئاب، مما يسبب هذا الأمر مشاكل واضطرابات نفسية، تجعل الفرد يشعر بالدونية والخذلان وعدم الثقة.
والتعرض المستمر للنقد أو الحكم المُسبق إذا تم الأفصاح عن مشاعره، وقد يُنظر له على أنه فقط مجرد شخص يجذب الانتباه، مما يشعر المصاب بالخزي والخجل من مشاعره ويعمل على إخفائها عن الآخرين ، ومن ثم تفاقمها في صمت.
والاهتمام الزائد بالظهور على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة مثالية مخالفة للواقع، حيث تساعد على إبراز الاكتئاب المبتسم، إذ يمتنع المصاب بهذا النوع من الاكتئاب من مشاركة لحظاته السيئة مع الآخرين ، بينما يحرص على نشر لحظاته الأخرى السعيدة، يعطي ذلك انطباعاً عاماً بعدم وجود حزن أو أزمات يمر بها، ومن ثم يعطي فرصه لزيادة الاكتئاب المبتسم لدى الشخص.
والتعرض لمحنة شديدة كفقدان الوظيفة، أو المرور بتجربة عاطفية فاشلة أو الانفصال عن شخص مُقرب وبعض الضغوطات النفسية والصدمات الحياتية التي تؤدي لمشاعر سلبية.
أما بالنسبة للعلاج الاكتئاب المبتسم متعدد فقد يتم تشخيص من يعاني من الاكتئاب المبتسم رسميًا بالاكتئاب مع ميزات غير نمطية، أي غير معتادة مع أنواع الاكتئاب الأخرى كالمظهر السعيد ليس نموذجيًا لشخص يشعر بالاكتئاب.
ويعد علاج هذا النوع من الاكتئاب مماثل لعلاج الاضطراب الاكتئابي الشديد، بالحالات الاكتئاب البسيطة يتم العلاج النفسي السلوكي المعرفي بعدة خطوات أهمها وأولها اعتراف الشخص بهذا النوع من الاكتئاب ومقاومة الضغوطات بالعمل على تحسين نمط الحياة بشكل عام بعدة طرق منها: مشاركة المشاعر الداخلية للمريض وتحدثه عن مشاعره بالحوار، سواء للمحيطين به سواء صديق مقرب أو أحد أفراد العائلة أو للمعالج المختص. ومساعدته بالتعبير عنها وأهمية تنظيم الأولويات والتخطيط السليم والنوم الجيد والغذاء الصحي والمداومة على تمارين الاسترخاء والتنفس من أهم خطوات في علاج الأكتئاب المبتسم.
وفي الحالات الاكتئاب المتوسطة والشديدة يتم اللجوء للعلاج الدوائي من خلال الطبيب المختص .
لذلك إذا كان شخص يعاني من الاكتئاب المبتسم عليه الأخذ بالاستشارة النفسية من المعالج المختص أو اخبار الاهل بذلك كي لا يزداد الوضع سوءا ويفوت الأوان ، فور ملاحظة استمرار الاكتئاب لفترة أكثر من أسبوع حتى لا يتفاقم الأمر أكثر من ذلك ،حيث تساعده الاستشارة معتمدة على تحديد ماهي انواع الاكتئاب التي تعاني منها، وبالتبعية طريقة علاجها الصحيح ، عن طريق وضع برنامج العلاج النفسي وتحديد العقاقير والأدوية المضادة للاكتئاب والمثبتة للحالة المزاجية المريض بحسب كل شخص.