شغور مقعد في مجلس الأعيان

جفرا نيوز - بقلم *أ. د. ليث كمال نصراوين

شهد مجلس الأعيان قبل أيام شغور مقعد أحد الأعضاء فيه، وذلك بعد وفاة الفريق الركن المتقاعد العين جمال الشوابكة. وهنا يثور التساؤل حول الأثر الدستوري المترتب على هذا الشغور والطريقة التي سيتم فيها ملء هذا الشاغر، والتي جرى إعادة النظر فيها بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2022.

إن المشرع الدستوري قد أوجد مجموعة من الأحكام التنظيمية الخاصة بتشكيل كل من مجلسي الأعيان والنواب، وذلك من حيث آلية الاختيار ابتداء وشروط العضوية في المجلسين والحد الأعلى لعدد أعضاء مجلس الأعيان، حيث تنص المادة (63) من الدستور على أن يتألف مجلس الأعيان بما فيه الرئيس من عدد ﻻ يتجاوز نصف عدد مجلس النواب.

فعلى خلاف مجلس النواب الذي يجري تحديد عدد أعضائه صراحة في قانون الانتخاب، فإن الأعيان الذين يتم اختيارهم للعضوية في المجلس المعين يرتبطون بنسبة محددة من عدد النواب المنتخبين، حيث يشترط المشرع الدستوري ألا يتجاوز عدد أعضاء مجلس الأعيان بما فيهم الرئيس نصف عدد أعضاء مجلس النواب.

وعليه، فإن شغور محل أحد أعضاء مجلس الأعيان أو أكثر لا يؤثر على دستورية المجلس من حيث تشكيله واجتماعاته؛ فالمشرع الدستوري لم يحدد عددا ثابتا للأعيان المعينين وانما اكتفى بالإشارة إلى عدم جواز أن يكون المجلس المعين أكثر من نصف عدد أعضاء مجلس النواب.

وتتمثل الحكمة الدستورية في اشتراط ألا يتجاوز عدد أعضاء مجلس الأعيان نصف عدد النواب في محاباة المجلس المنتخب على حساب المجلس المعين. فكما هو معلوم أن مجلس الأعيان يتم تعيينه من قبل جلالة الملك باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، وأنه بالتالي يختلف عن مجلس النواب المنتخب الذي يمثل الإرادة الشعبية.

لذا، فقد كان المشرع الدستوري حريصا على إيجاد نوع من المفاضلة الإيجابية لصالح مجلس النواب بأن قرر له صلاحيات دستورية واسعة لا تثبت لمجلس الأعيان. فالمجلس المنتخب يقوم بالتصويت على البيان الوزاري للحكومة الجديدة ويطرح الثقة بالوزارة أو أحد الوزراء فيها، كما يثبت لمجلس النواب الحق في إحالة الوزراء إلى النيابة العامة لمحاكمتهم عن الجرائم الناتجة عن تأدية وظائفهم، وتقديم العرائض إلى جلالة الملك لطلب عقد دورات استثنائية عملا بأحكام المادة (82/2) من الدستور.

أما الآلية التي سيجري فيها ملء الشاغر في مجلس الأعيان، فقد جرى عليها تعديل دستوري في عام 2022، وذلك فيما يتعلق بالخطوات المطلوب اتباعها لهذه الغاية وإلغاء المدة الزمنية لإجراء التعيين. فالمادة (88) من الدستور قبل التعديل كانت تشترط في حال شغور محل أحد أعضاء مجلس الأعيان أن يقوم رئيس المجلس بإشعار الحكومة خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو، وأن يُملأ محله بطريق التعيين خلال شهرين من تاريخ اشعار المجلس بشغور المحل.

أما بعد عام 2022، فقد جرى إلغاء الحكم الدستوري الذي يشير إلى ضرورة قيام رئيس مجلس الأعيان بإشعار الحكومة بشغور المقعد خلال ثلاثين يوما، وإلغاء الفترة الزمنية لإجراء التعيين فيها والتي كانت محددة بشهرين من تاريخ الإشعار. وقد جاء هذا التعديل ليتناسب مع المادة (40/2) من الدستور التي جرى إضافتها في عام 2016، والتي تعطي الحق لجلالة الملك في تعيين رئيس وأعضاء مجلس الأمة بإرادة ملكية تحمل توقيعه دون توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص.

إن استثناء الحكومة من المشاركة في اختيار رئيس وأعضاء مجلس الأعيان يبرر عدم اشراكها في عملية تعيين العضو الجديد، وبالنتيجة إلغاء الحكم الدستوري الذي كان يفرض على رئيس المجلس توجيه إشعار لها في حال شغور العضوية.

وفي جميع الأحوال، فإن مدة العضو الجديد الذي يجري تعيينه لملء الشاغر في مجلس الأعيان تدوم إلى نهاية المدة الدستورية للمجلس، والتي هي أربع سنوات شمسية غير قابلة للتمديد.

*أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية