الألغام.. إرث قاتل في سوريا
جفرا نيوز - اعتاد أبناء هيثم النابلسي على ممارسة أعمالهم الموسمية في حصاد محصول القمح لتأمين لقمة العيش للعائلة، لكن رحلة العودة الروتينية إلى المنزل كانت استثناءاً هذه المرة.
خسر هيثم النابلسي ابنه الأكبر وأُصيب ولداه نتيجة انفجار لغم أرضي أصاب سيارة تُقِلُّ عاملين في الحصاد شرقي بلدة دير العدس بريف محافظة درعا (40 كيلومتراً جنوب دمشق و70 كيلومتراً شمال غرب درعا) خلال حزيران الماضي (2022).
يوثق هذا التحقيق تعرض مواطنين في سوريا لمخاطر الإصابة أو الموت نتيجة انفجار مخلفات الحرب من ألغام وذخائر وأسلحة متفجرة، بعد صراع دام أكثر من عقد تاركاً وراءه خطراً طويل الأمد يهدد حياة ملايين السكان، بعد أن استعملت أطراف متعددة في النزاع، ألغاماً وفخاخاً بأنواعها وأشكالها المختلفة، بهدف تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، ويعرض رحلة علاج الناجين منهم، ومعاناتهم ما بعد الإصابة، والجهود الدولية البطيئة في معالجة ملف مخلفات الحرب.
قُتل وأُصيب أكثر من 13 ألف مواطن ومواطنة جراء انفجار ذخائر متفجرة في مناطق متفرقة من البلاد منذ كانون الثاني/يناير 2015 لنهاية نيسان/أبريل 2022، في حين يعيش 10.2 مليون مواطن سوري في مناطق تحتوي ذخائر متفجرة، وهذا ما يعادل نصف عدد السكان تقريباً، بحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة.
ضحايا من الجنوب إلى الشمال..
في حزيران/يونيو 2022، انفجر لغم أرضي بشاحنة كانت تقل عمالاً لحصاد القمح شرقي بلدة دير العدس بريف محافظة درعا. تُوفي 11 شخصاً وجُرح 26 آخرون، وفقاً لوكالة (سانا) الرسمية للأنباء.
وتنتشر المخلفات في مناطق عديدة من محافظة درعا؛ مثل: حوض اليرموك، ودرعا البلد، وطريق السد، وداعل، ودير العدس، وغيرها، وتكررت الحوادث في الريف الغربي بشكل أكبر من الريف الشرقي، وفقاً لمصادر أهلية خاصة تحدثت إلى "إرم نيوز".
فقد نصر هيثم النابلسي ( 20 عاماً) أخاه الأكبر في انفجار دير العدس، بينما أُصيب أخوه الأصغر. يروي الشاب تفاصيل ما حدث لـ (إرم نيوز): "بعد أن فرغنا من العمل، صعدنا إلى السيارة، وفي طريق العودة انفجر لغم فجأةً، فقدت الوعي على الفور".
يقول نصر: "توفي أخي الأكبر، وكُسرت قدما أخي الثاني، في حين بُترت قدمي اليسرى". ويستحضر نصر بغصّة ذكرى الحادث "صحوت قليلاً بعد الانفجار لأجد أبي أمامي، أردت أن يساعدني أحد، كانت قدماي مغطاة بالدماء، بدأت بالصراخ ...صرخت عدة مرات، بعدها غبت عن الوعي..".
يسرد هيثم النابلسي (والد نصر وفؤاد وسامر) وقائع اللحظات المريرة لذلك اليوم المأساوي: "كنا في البيت عندما سمعنا صوت انفجار لغم، بعدها بقليل نُودِيَ عبر مكبرات المسجد لخروج كل سيارات البلدة في سبيل إسعاف المصابين".