ردع القتلة الجوالين
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
على ما يبدو أننا نتألم ولا نتعلم. نمتعض ولا نتعظ ابداً. نحزن ونأسى ولكننا بسرعة ننسى، وكأن ذاكرتنا غربالية المزاج. لا نعتبر حتى من دمنا، ولا نعيد كَرة البصر لنطالع مصائبنا وأسبابها. نشب كنار قشّ القيصوم، ونخمد كانطفاءة ضوء الجدار. فقبل يومين قتل سائق طائش مستهتر يسابق سائقا آخر لا يقل عنه طيشا واستهتارا أما وأبناءها الثلاثة وهم على الرصيف.
نحن نسمح لهم بقتلنا وتحطيمنا حين نتركهم يركنون إلى قاعدة حفظوها عن ظهر قلب: (رأس مالك فنجان قهوة). فتباً للقهوة وفناجينها إن كانت ستمرر القتل بهذه الطريقة السهلة، وتبا للعطوات والجاهات والصلحات الكاذبة، وللعبي الهفهافة التي لا يهمها حجم الألم الذي تخلفه مثل هذه الحوادث في أنفس الناس. وتباً لعادات أوصلتنا إلى هذه الحالة الوضيعة، فسمحت لهؤلاء بقتلنا مرارا وتكرارا وإمعانا.
حين يقود أحدهم سيارته بطيش ورعونة وسرعة فضائية فهو قاتل جوال. هو قاتل مع سبق الإصرار. فهو لا يدري من سيكون هريسا تحت عجلات سيارته، ولا يعلم حجم الكارثة التي سيتركها خلفه. فكم من حالات دهس عشناها كلها بسبب السرعة الزائدة والطيش والرعونة.
للأسف فنحن غدا سننسى. ونصالح ونسامح؛ ليخرج القاتل من وراء القضبان بعد فنجان قهوة، ليتأكد ما يشاع في الناس، من أن الحياة لا تساوي إلا فنجاناً لعيناً أوصلنا هذا الحضيض من القتل الرخيص.
نحن أرخينا الحبل لكل طائش. فمن أمن العقاب؛ سار برقاً في شارع لا يحتمل سرعة راكض أو مهرول. أرخينا الحبل لطاش يدرك في قرارة نفسه، أن لا أرخص من دهس وردة، أو طفل بعمرها أو فتى يافعا، ما دام الأمر يوازي فنجاناً لن يبرد في حضرة الأجاويد. فأي أجاويد نحن؟. نحن بلهاء لم ندرك قيمة الحياة.
بحجة الفنجان أسقطنا حقوقا مدينة وجزائية عن مجرمين كان يقودون سياراتهم بنية قتلي وقتلك وقتل كل مرتاد للطريق. أليس من يطلق جنون السرعة ناوياً على القتل؟. أليس من يستهتر بقواعد المرور ويتجاوز ويعربد ناويا القتل، أو هو قاتل بالفعل.
علينا أن نعيد النظر بتكييف مثل هذا الجرائم البشعة. وأن نعد الدهس بهذه الطريقة الإجرامية قتلاً عمداً. ويبدو لي أن قانون السير الجديد خطوة في الاتجاه الصحيح المفضي إلى ردع هؤلاء القتلة الجوالين.