نجلاء المنقوش - غيت: رأس جبل الجليد فقط!
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
الولايات المتحدة غاضبة، عاتبة على إسرائيل لأن «سرّبت» خبر اجتماع وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في حكومة «الوحدة الوطنية», المُنتهية ولايتها والتي يرأسها عبدالحميد الدبيبة. كما أن إيطاليا التي استضافت لقاء المنقوش – كوهين (وزير خارجية العدو الصهيوني, الذي عيّنه نتنياهو لمدة عام واحد فقط انتهى منها حتى الآن ثمانية أشهر)، كذلك حال عبدالحميد الدبيبة الذي يُبدي (أقلّه إعلامياً) غضباً, ولا يتوقّف منذ الكشف عن فضيحة اللقاء السري الذي جمع المنقوش بكوهين, عن إعلان تنصّله من الاجتماع بعد تعليقه عمل المنقوش وإحالتها للتحقيق، ثم ما لبث (بعد أن «تأكد» وصول المنقوش سالمة إلى منزلها في لندن عن طريق اسطنبول) أن أقالها، دون مطالبتها الامتثال للتحقيق أو حتى اصدار نشرة حمراء عبر الانتربول لجلبها إلى الجماهيرية السابقة.
وإذ «سرّبت» المنقوش أن لقاءها مع كوهين «تمّ بعلم ومباركة الدبيبة, وأنها قدمت له تقريراً, عما دار في اجتماعها مع رئيس جهاز الموساد الصهوني السابق، قبل أن يفجّر كوهين قنبلته المدوّية التي ما تزال اصداؤها, تتردّد في المشهدين الليبي والإقليمي وامتداده نحو واشنطن وروما, بما هي الراعيتان لقطار التطبيع الليبي – الإسرائيلي، فإن ما تم كشفه عن «سلسلة» اللقاءات السرية التي تمت حتى الآن, بين مسؤولين ليبيين سابقين وحاليين في وقت مبكر بعد إطاحة نظام القذافي، يعكس من بين أمور أخرى عمق الاختراق الصهيوني في دول عربية عديدة, ما تزال مفاعيله جارية أفقياً وعامودياً حتى الآن، ولم تكن «غلطة» كوهين سوى بعض تجلياتها, خاصة إذا ما عدنا إلى تصريحات نتنياهو/رئيس الائتلاف الفاشي في الكيان العنصري, الذي لم يتوقّف عن التفاخر, بأن إسرائيل في طريقها لتوسيع دائرة التطبيع العربي والاسلامي معها وعلى نحو سيُشكل مفاجأة للجميع.
يجدر هنا العودة للتذكير بالزيارة «النادرة» التي قام بها مدير المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وليام بيرنز إلى ليبيا في وقت مبكر من هذا العام 13/1/2023، إذ «سرّبت» وسائل إعلام أميركية وصهيونية أن البند «الأول» على جدول مباحثاته مع الدبيبة والمنقوش, هو «الإنضمام إلى قافلة التطبيع مع إسرائيل, رغم ما قيل بعدها على لسان المنقوش, حيث التقى عبدالحميد الدبيبة بحضور المنقوش, التي كتبت تغريدة عبر تويتر جاء فيها: اللقاء مع بيرنز شهِد تبادلاً مُثمراً في الآراء، بشأن قضايا تتعلق بالأمن وبتمهيد الطريق صوب الاستقرار وإجراء الانتخابات في ليبيا».
كذلك التقى بيرنز مع «الجنرال» خليفة حفتر في بنغاري، ما عنى أيضاً أن واشنطن مطمئنة إلى أن مصالحها ونفوذها ودورها في ليبيا مضمون ومؤكد, سواء حُسِم الصراع في الجماهيرية السابقة لصالح حكومة طرابلس, أم استطاع حفتر السيطرة على العاصمة بدعم إقليمي معروف، علماً أن اشاعات لم يتم نفيها بل جرى تأكيدها من مصادر عديدة, بأن نجل حفتر واسمه «صدام", زار دولة العدو أكثر من مرة واجتمع بقادتها وطلب دعمهم.. مُبدياً استعداده لـ"التطبيع» مع تل أبيب حال وفّرت له (ولأبيه) دعماً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً على ما قالت تلك المصادر, وهي معلومات لم تعد سِرية ولم يعبأ انصار حفتر وأوساطه بنفيها.
هو إذا سباق بين طرابلس وبنغازي على نيل رضا واشنطن وتل أبيب رغم أن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي في طرابلس اجتمع مؤخراً مع الجنرال حفتر في بنغازي, ما بدا وكأنه بداية تحرّك من الأخير لضمان بقائه في المشهد, بعد الخلافات التي تعمّقت بينه وبين الدبيبة, حيث يرفض الأخير تسليم الحكومة الجديدة التي عيّنها مجلس النواب/برئاسة عقيلة صالح, إلاّ لحكومة تُكلف من برلمان مُنتخَب «جديد»، ما أبقاه/الدبيبة على رأس حكومة طرابلس التي باتت الآن في مهب الريح, بعد فضيحة لقاء روما بين المنقوش مع إيلي كوهين.
من السذاجة الرهان على, أو التوقّف عند الغضب الأميركي على إسرائيل, بسبب تسريب خبر لقاء روما الليبي - الإسرائيلي. كذلك هي حال «عتب» إيطاليا, التي يبدو انها صعدت مُبكراً إلى قطار التطبيع الذي تقوده اميركا, في ظل حكومة جورجا ميلوني اليمينية, الأكثر تأييداً ودعماً وتبريراً لجرائم إسرائيل.
ليس مهماً والحال هذه ايراد المزيد من «الأسرار» التي تم الكشف عنها, خاصة في شأن الاختراق الصهيوني للمشهد الليبي, والدور الذي لعِبه ويلعبه مَن يُوصَف بـ«عراب التطبيع الليبي/الإسرائيلي", وهو رافائيل لوزون/ رئيس اتحاد اليهود الليبيين, في ترتيب اللقاءات السريّة بين ليبيا وإسرائيل. منذ عام 2017 في جزيرة رودس اليونانية. كذلك هي حال القرار «الحاسم» الذي اصدره نتنياهو أول أمس/الثلاثاء بعد الكشف عن لقاء روما السري, عندما أوعز إلى وزرائه, بالتواصل مع «مكتبِه» حول أي لقاء سياسي سري، وعدم نشر أي تفاصيل إلاّ بموافقته الشخصية.
يبقى السؤال الأهم.. ما هو التسريب «التالي».. الصادم والجديد, الذي تستعد «إسرائيل» إخبارنا به, وما هي الدولة العربية أو الإسلامية.. «الجديدة» التي ستصعد قطار التطبيع؟.