المدخنون يجتاحوننا

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
 
بعدما رأى صورة رئتين على علبة تبغه، واحدة بيضاء، وأخرى سوداء أطلق صرخة ساخرة: وااااااو لقد ربحت معلاقاً شهياً. وكتب آخر على جدار فيسبوك بأنه اضطر (لشفط) عشر سجائر متتابعة؛ كي يهدّئ من روعه، حينما رأى على علبته نعشاً من السجائر. وآخر أسرَّ لي: بأنه من كثرة ما قرأ عن مضار التدخين؛ اضطر أخيراً إلى ترك القراءة.

الكفر عناد. فالكل يتحجّج بصعوبة الإقلاع عن هذه الآفة ناسياً أنه يصوم أكثر من 14 ساعة. المسألة مسألة إرادة. فحين تشعل فتيل إرادتك؛ تطفئ جذوة عادتك. والتدخين عادة تتحول بالعناد إلى عبادة.

وتعقيباً على المعلاق الذي ربحه المدخن الساخر، فإن بعض النسوة المسكونات بخرافات الجن وضربات العين الحاسدة، كنَّ يعمدن إلى افتعال الوسخ على جسد الطفل الجميل، فلا يسبلن له شعراً، ولا يغسلن له وجهاً، بل يتركنه على حاله، ليحتشد عليه الذباب من جهاته الأربعة، وأحياناً يدعنه بلا سروال تحتاني؛ فيصبح المسكين هدفاً مثيراً لنقرات الدجاج في باحة الدار.

كلُّ هذا كان على سبيل التنفير، أو ما يسمى بـ(وسخة الحسد)، إي أن العين التي لا تصلي على النبي، حين تقع على مثل هذا الولد الوسخ لا تستحليه، ولا تحسده؛ بل تنفر منه، وتهرب عنه.

كلما قرأت على علب السجائر (التدخين سبب رئيس للوفاة)، أو رأيت رئة بشرية تالفة، صورة ميت ملفوف بكفن وكأنه (حبة توفي) مسجى على نعش سجائر، كلما رأيت هذا قلت: أحلى تنفير.

يبدو أن المدخنين اعتادوا على الصورة وتآخوا معها. لم تعد تؤثر فيهم، فلا تنفرهم عن عادتهم. ولهذا على الدولة ألا تكتفي بأسلوب التنفير هذا، بل عليها ببعض التدابير الصارمة غير المهادنة والذكية، وأن تنشط في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتقدم التنفير بطريقة مبتكرة.

أول أمس أثارت تصريحات وزير الصحة حول نسبة الطلبة المدخنين في مدارسنا وتتجاوز 25% من الطلبة حسب إحصائيات عام 2014. وكلنا يعرف ويحس ويرى كيف أن النسبة لربما قد تضاعفت لتصل إلى 50%. هذا مؤلم وكارثي.

نحن في مقدمة دول العالم من حيث عدد المدخنين وفي حجم الإنفاق على هذا البلاء. ومع هذا فالحكومات بشكل خاص، والدولة عموماً في حالة قصور عن منعنا من احتلال موقع متقدم عالمياً في سلم هذه الممارسة المؤذية، وخاصة السلبي منه. الحكومات عجزت عن تطبيق قرار منعه في الأماكن العامة، وتركت المدخنين يجتاحوننا بغيوم تبغهم أينما ذهبنا.