فلَيسَ لِعَينٍ لم يَفِض ماؤها عُذرُ !

جفرا نيوز - كتب العين محمد داوديه
  تعرّفت على العين الفريق جمال باشا الشوابكة في مجلس الأعيان الحالي، فحصل بيننا ما قالته سيدتنا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حين قالت سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ".
وحصل كذلك ما قاله شاعر العرب الأكبر أبو الطيب المتنبي"وشِبْهُ الشيء منجذبٌ إليه".
فأبو ماهر، ماهرٌ آسِرٌ في ملقاه الطيب الحار الذي يفيض وِداً وبشاشةً، يختصر الزمانَ والمكان، ويتبوأ مكانة صديق عزيز عريق بكل سرعة ورشاقة، فكأنه صديقك منذ عشرات الأعوام.
الفريق جمال الشوابكة، كان فريقاً وفرقة، رجل وافر الحضور، شديد الجذب،  دمثاً راقياً، يفيض إيجابية حيثما تحرك في ردهات مجلس الأعيان وفي أفياء القبة وفي اللجان والمناسبات الرسمية والاجتماعية كالأفراح والأتراح.
لفتني ان هذا الجنرال الرائق، يستحوذ بهدوئه المعهود وبثقافته العميقة وارائه السديدة، على أوسع احترام ومحبة واهتمام. وهل أهم من محبة وصداقة سيدنا أطال الله عمره، وصداقة سمو الأمير غازي بن محمد حماه الله ؟
بطرفة عينٍ، وبهدوء يتفق مع شخصيته المحبوبة المفرطة الهدوء، وبلا صخبٍ، مضى الصديق الرقيق الفريق أبو ماهر، مُخَلّفاً أوسعَ وأعرض ما شهدته منصاتُ التواصل الاجتماعي وأوساط شعبنا العظيم من تفجّعٍ وترحّم وأسىً وحسرة. وهو ترحم مستحق يحمل الدلالات الكبيرة على ان شعبنا يعرف ويجزي ويحترم قياداته الصادقة المخلصة الثقيلة الرصينة التي لا يضرب صوابها ولا يهز ولاءها ولا يزعزع انتماءها ولا يمس وفاءها اي حدث او مزعزع.
صعقنا رحيلك المباغت يا رجل الصاعقة القرم الصنديد ويا سيد الاقتحام والمباغتة والسيطرة.
لقد فجعنا يا صاحبي انك تسربت منا في طرفة عين، كالومض، 
وبعض عزائنا يا اخي الحبيب الحميم، ان الزهد والتواضع والترفع، زادك وزانك بالذكر الطيب الحميد في اوساط شعبنا ورفاق السلاح ابناء جيشنا العربي المجيد.
وبعض عزائنا انك مضيت لملاقاة ربك الغفور الرحيم، دون معاناةٍ من مرضٍ مزمن ومن آلام المباضع ومن عزلة غرف المستشفيات.
نعزي جلالة الملك ونعزي أهلنا قبيلة الشوابكة ونعزي قواتنا المسلحة ونعزي دولة فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان والذوات الأعيان ونعزي سائر أبناء شعبنا العظيم.
يرحم الله الرجل الذي أصبح رحيلُه فجيعةً وطنية عامة.
* (مقالتي في الدستور يوم الأربعاء).