مِكرٍّ مِفرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ معاً.. ورؤية التحديث
جفرا نيوز - بقلم د. نضال المجالي
شطر بيت من قصيدة امرؤ القيس في صورة بلاغية عالية، وجودة كاميرا ثلاثية الابعاد، شطر بيت قاله في وصف سرعة حركة حصانه، في تسابق وتداخل عجيب بين اقدام الحصان الامامية والخليفه والتبادل بين متقدم ومتأخر، صورة بلاغية شعرية تجعلني افكر فيما "يطلبه الجمهور" اليوم من رؤية التحديث الاقتصادي بعد مرور عام على انطلاقة المشروع، وكأنهم جميعا يطلبون ان يكون انجاز هذا المشروع كحصان امرؤ القيس، يرون نتائجه قبل تطبيقه، يرون الاقدام تسير ابعد من البرنامج الزمني، يرون عاما كافيا للوصول الى رؤية ابعد، ولن انكر حقهم! بل اطلب وعيهم في قراءة المشروع وحجمه، في متطلبات انجاحه ودورهم، في مراقبة التنفيذ والتوجيه، وعندها اعلم ان ما سيجدونه ليس عصا سحرية وليست اقدام حصان امرؤ القيس.
في برنامج التحديث الاقتصادي ما هو اكبر من برنامج " ما يطلبه الجمهور"، فنحن لسنى امام شاشة التلفزيون السوري بحضور المذيعة "ماريا ديب" في زمن قديم مضى نحقق سماع ما نطلبه مباشرة، وبالرغم انني أُحملها المسؤولية الكاملة في ان وصل الكثيرون لمستوى ان "طلباتنا اوامر" استماعا وتفكيرا ورغبة في الاختيار، ولنكن بدلا من ذلك اقرب الى برامج الواقع، التي تفرض الحياة بكافة تداخلتها سياسية واقتصادية واجتماعية على شكل خططها وطريقة تنفيذها وطموح مخرجاتها، ولا اقصد هنا التاخير، بل اقصد ضرورة التوافق بين ما هو مرسوم وبين متطلبات انجاحه ماليا وزمنيا ومشاركة، واحيانا كثيرة ترابطا معيقا مع الغير.
نعم انتهى عام! ولكن هو عام قراءة واعية، وبناء ادوات انجاح برنامج رؤية التحديث الاقتصادي، هو ارساء قواعد خطة شارك فيها المئات من المختصين من مختلف القطاعات والخبراء من ابناء الوطن، هي طموحات مشتركة لم تكن الحكومة وحدها مسؤولة عن بنائها وصياغتها، وكلنا يعلم ما انجز في جلسات متخخصة للوصول اليها، اتحدث واكتب علما اني لم احضر اي منها، الا انني سمعت وجالست وناقشت العديد من اصحاب الخبرة مما كانت لهم افكار واقتراحات ومشاركة اساس في بنائها، وفيما تسعى الحكومة والمؤسسات والجمع لانفاذه، ولهذا وان لم نملك ترف الوقت الا ان ما تم هو خلاصة جهود وافكار وبناء سنوات طويلة سبقت، ليتم في هذا العام التركيز على بناء نموذج جمعها وتبويبها وتوزيع مهامها وشكل الرقابة على ادائها ورصد موازنات لتحقيقها، وهنا نرى اهمية العام، فما تم استعراضه وان قرأه العديد تحت موضوع " الانشاء" في اللغة العربية العربية! ولكن ذلك لضعف بعض قُرّاء الملف من المعنيين في الحضور والطرح، وليس ضعفا في المشروع وذات الملفات المطروحة، الا انه "انشاء" مبني على حقائق وانجازات تتيح لنا اعتبارا من اليوم التطلع للقادم ومحاسبة التقصير وليس قبل ذلك.
في رؤية التحديث الاقتصادي جهد وطني مشترك متاح للجميع قرأته ومتابعة مسيره انجازه، والمشاركة في تطويره، ومراقبة ودعم اركانه، في رؤية التحديث الاقتصادي وضعت الحكومة مؤشرات قياس لنحكم فعلا على الانجاز والمحاسبة، في رؤية التحديث الاقتصادي ما نحتاجه فعلا ليس تحطيم اذرع واسباب النجاح والتشكيك بالمشروع الذي بين ايدينا، بل الاستمرار بضمان التطلع للمستجدات المحيطة لضمها دون تاخير حتى لا نغفل عن اي شيء يحقق اكتمال المشهد، وعندها نكون قد اكملنا شطر بيت الشعر بالمنتج النهائي فنكون" كجلمود صخر حطه السيل من عل" اي كتلة واحدة عند الحركة.