قرأة متأنية في أسباب فشل حكومة فايز الطراونة

جفرا نيوز – كتب : أسد بن الفرات بداية لم تأت حكومة فايز الطراونة للاستمرار في مسيرة الاصلاح السياسي كما اشارت في برنامجها الوزاري حيث لم تحقق منه شيئا بل كان اكبر همها ان تعيد الولاية العامة الى موطنها بعد محاولات اختطافها من سابقه عون الخصاونة ودوائر أمنية اخرى. وتأسيسا على هذا لا بد من التأكيد على ان حكومة فايز الطراونة جاءت في توقيت خاطئ لم يكن الهدف من وجودها الا ثأرية على تصرف رئيس وزراء اعتقد يوما ان الفكر السياسي الحر يمكن ان يطغى على العقليات العرفية التي تربت في كنف الدولة من نهاية عقد الستينيات. وللبحث في اسباب فشل الحكومة موضوعيا لا بد من معرفة ان الحكومة لم تسجل فشلا في ادارة امور الدولة فحسب بل وحاولت هدم بنيانها برعونة لم تشهدها المملكة سابقا وساهمت هذه الرعونة في تألبيب ليس فقط الشارع عليها بل وحتى نتاج انتخابات مزورة من النواب وهم الحليف التقليدي لاية حكومة ودوائر صنع القرار. ويمكن اجمال اسباب الفشل بعدة محاور اولها: حكومة انتقالية ان الحكومة جاءت بلا هدف اوعنوان فكانت تدعي تارة انها انتقالية وانتقالية بماذا ولماذا لا احد يعرف وجاءت نتاج تصادمات وتجاذبات بين اركان السياسة في الدولة ولم تحقق على ارض الواقع الا تصريف للاعمال ولكن بصورة سيئة. ملف الانتخابات وثانيا فشلت في التحشيد والتهيئة لملف الانتخابات الذي طلب الملك لاكثر من عشر مرات في اوقات مختلفة اجراؤها قبل نهاية العام وهو التزام ارتأئ ان يطلقة امام العالم اجمع في محاولة للتأكيد على خروج المملكة من ازمة البرلمانات المزورة وابعاد الفاسدين من مسؤولي الحكم عن مواقع القرار وبشكل تدريجي.   هيبة الدولة وثالثا : فشلت في ادارة الازمات اذ افقدت الدولة هيبتها والامن حقه في القيام بواجبه واقفضل وصف ينطبق عليها "ان البلد صارت حارة كل من ايده اله" فمئات التعديات على الدولة واغلاقات الطرق والاعتصامات المتكررة وعجزها حتى عن توفير المياه لمواطنيها . ازمة اللاجئين كما فشلت في ادارة ازمة اللاجئين السوريين لغياب التخطيط والرؤية لان من يقود المرحلة ببساطة لا يتحلون بالحكمة ومن الرعونة بمكان ويتعاملون بمبدا "الفزعة". اذ ان التركيبة التي اختارها الطراونة كانت غريبة عجيبة لا انسجام فيها ولا تتلائم مع المرحلة المفصلية التي تمر فيها البلد فوزراء ضعاف لا يملكون القرار وليست لديهم خبرة حقيقية في ادارة شؤون الدولة وهم ببساطة "موظفين" ، باستثناء عدد منهم الذين عملوا بمعزل عن الرئيس وخصوصية وزارتهم. فأزمة اللاجئين السوريين لم تدار من خلال مطبخ سياسي مخضرم وانما انشغل الوزراء المعنيين في الملف بانتظار الارادة السياسية دون تحمل التبعات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه والتي تؤثر في ملفات التعليم والصحة والبطالة فضلا عن الاستهلاك العالي للمياه والطاقة وفاتورة الامن الباهظة. انتظر الوزراء "الموظفين" التعليمات ولم يستعدوا جيدا للدرس كما لم يتعظوا من حالات اللجوء الانساني للعراقيين حينما دخل المملكة نحو مليون عراقي فيما كان عدد المسجلين الفعلي لدى مفوضة اللاجئين نحو اربعين الفا وهو ما استعدت به الامم المتحدة. وما يحصل الان بعد دخول نحو 200 الف لاجئ سوري ان عدد المسجلين فعليا هو 56 الفا حيث لم يشكل هذا الدرس اي فرق لدى الوزراء الموظفين في حسبة فايز الطراونة. ملف الاعلام كما شكل ضعف الاعلام الحكومي وعدم سيطرة الاعلام الحكومي على مجريات الاحداث في البلد وتدخلات الحكومة في الاعلام لجهة التضييق عليه سواء من خلال ضبط جموح المواقع الالكترونية او تشفير مضمونها او تقييدها من خلال سلسلة قوانين كان نواتها قانون للمواقع الالكترونية ومن ثم عدلت الفكرة لاقحام المواقع الالكترونية في قانون المطبوعات والنشروالتعسف في تقديمها قربانا لفشل حكومة الطراونة في ادارة ازمات الدولة. ولان الطراونة الذي عاش وتربى في ظل عقلية عرفية لم تعهد مكانا للحوار والفكر السياسي المستنير بقي محافظا على تقاليد السياسة التي تشربها من حيث " نفذ ثم لا تناقش" كما بقي تلميذا نجيبا لسدنة المدرسة المحافظة التقليدية التي لا تؤمن بالحوار وان تعاليم السيد لا تناقش او لا تنفذ بيد انه تذاكى في اكثر من قضية لاثبات حالة الولاء "سكر زيادة " او المزايدة على الولاءات الاخرى. مقامرة غير محسوبة وفي خطوة غير محسوبة العواقب حاول الطراونة اثبات جدارته واستغلال حالة الانشغال في متاهة ملف الاعلام عرج قليلا على قرارات صعبة كان يعتزم اتخاذها سابقا الا انه توقع ان الوقت مناسب لاتخاذها وهي خوة رفع اسعار المشتقات النفطية وتعيين عدد من المحاسيب والاصدقاء لضم مناصرين له من بين صالون رؤساء الوزارات والرجال المؤثرين في الدولة معتقدا انه سيشترى سكوتهم على انهيار مقومات الدولة التي أعادها للوراء نحو 100 عام. توقع الطراونة ان تمر عملية رفع الاسعار بمعزل عن النواب الذين كانوا ينتظرون هفوة واحدة له لاعادة اثبات وجودهم اما القواعد الانتخابية خاصة في ظل عزوف الاردنيين عن المجلس الذي يعتبرون وجودة خطيئة ما بعدها. كما توقع ان يؤثر رئيس المجلس المستفيد من تعيينات الطراونة في التخفيف من حدة احتقان النواب الغاضبين الذين يتصيدون الفرصة للانقضاض على حكومته لاثبات انهم مع المواطنين وانهم شربوا حليب السباع من اجل المواطن الغلبان الذين ينتظرون صوته قريبا بفارغ الصبر. نتائج غير متوقعة توقعات الطراونة لم تكن بمحلها فالنواب الذين استشاطوا غضبا هدأت خيلهم وهو بالمناسبة مستعد للتنسيب بحل مجلسهم كما يراهن الرئيس الذي شهد اكبر موجة هجوم في تاريخ الحكومات الاردنية على وقوف احزاب الشيكولاتة والنوجا التي زينت بها الدولة طاولة الاطياف السياسية لتقول للعالم لدينا احزاب وتجاهلت تأثير الحركة الاسلامية حيث راهنت على ان الحركة بمريديها واتباعها واصواتها لا تصل الى 200 الف مواطن ناسيا او متناسية ان حركة التحريض التي قادتها الحركة ساهمت في عزوف اكثر من مليون مواطن عن التسجيل في الانتخاب وهزت ثقته بالحكومة والنيابة واجراءاتها. رحيل قريب حكومة الطراونة التي لم يعد لديها ما تقوم به سوى تصريف البريد بين مؤسسات الدولة تنتظر رصاصة الرحمة من جلالة الملك بعد ان دخلت في غرفة العناية المركزة كما تنتظر موافقة الملك على ارسال تنسيبها بحل المجلس النيابي المزور. وربما ان اسبوعا واحدا بات كافيا لمعرفة نهاية هذه الحكومة في ظل تعطيل مجلس النواب لاعمال الجلسات والنواب يقولون لرئيس الوزراء نسب الى جلالة الملك برحيلنا. طبعا رحيل غير مأسوف عليه للحكومة والمجلس معا والتبدا مرحلة سياسية حقيقية جديدة بعيدا عن العقلية العرفية الانتفاعية.