وكأننا دائماً في البدايات
جفرا نيوز - بقلم نسيم عنيزات
ما ان نجتاز مرحلة -بشق الانفس طبعا- لنجد أنفسنا امام اخرى أصعب واشد تعقيدا، وكأننا نعيش في دائرة مغلقة او عبر سلسلة تداخلت حلقاتها وتشابكت فأصبح حلها بالطرق العادية شبه مستحيل، فنحتاج إلى دوافع ودعامات قد تكون غير موجودة او متوفرة احيانا كثيرة.
وكأنه مكتوب علينا ان نعيش دائما في البدايات دون ان نصل النهايات او نشعر ونعيش معنى الوصول الذي يمنحنا وقتا نمسح به عرقنا او يسمح لنا بشربة ماء او الاحساس بالراحة بعد وعورة الطريق التي سرنا عبرها.
وصولا ولو جزئيا او على الاقل وهميا يشعرنا بأننا اقتربنا من الهدف او تحقيق جزء من الطموح والتطلعات ويمنحنا جرعة امل جديدة.
غريبة حياتنا، ومعقدة هي ظروفنا التي تنقلنا دائما من شقاء إلى شقاء كأننا في ساقية لا تعرف النهاية من البداية بعد ان ملت عد الخطوات واحتساب الوقت.
فكل قضية لدينا لها بداية جديدة تنسف التي قبلها وكأنك لم تعان او تشقى.
خذ مثلا على ذلك، - وان أردتم امثالا- فما ان ينهي أبناؤنا امتحانات الثانوية العامة بكل تفاصيلها المرعبة ومراحلها المتعبة، طوال سنة كاملة يعيش الأسر و الاهالي خلالها حالة اشبه بالطوارئ والخوف والأعصاب المشدودة .
لتجد نفسك امام معضلة اخرى أكثر تعقيدا، وازمة أكبر واشد تتعلق بقضية القبول الجامعي والحصول على مقعد في إحدى الجامعات، يلبي طموحك والميول والرغبة لديك ويراعي بعض الظروف المالية ومكان الجامعة وقربها من السكن..
لتجد نفسك في النهاية بأن لا شيء قد تحقق وقد أجبرت على دراسة تخصص في جامعة دون حول لك ولا قوة، في ظل التنظير الذي يطالب بمراعاة الرغبات نحو تخصصات معينة لحاجة سوق العمل لها، وكأنك تملك فرصة الاختيار في ظل الاستثناءات وشح المقاعد الجامعية وتحديد عددها.
وبمعنى اخرى فقد تم اقتيادك الى دراسة تخصص اختاره لك جهاز الحاسوب الذي تعامل مع رقم مجرد فقط،، وهو المعدل وعدد المقاعد. المتبقية دون مراعاة لأي معيار اخر.
والغريب يتم بعدها محاسبتك وتحميلك المسؤولية بحجة سوء اختيارك لتخصص اجبرت عليه بعد ان كلفك ثمنا باهظا من مالك وسني عمرك.
وفي هذا الوضع وما تكبدته الأسر من رسوم جامعية واثمان للساعات ومواصلات وكتب وضريبة الاستثناءات، التي اجبرتك على الالتحاق في الجامعات الخاصة.
لتجد نفسك بعدها على احدى مقاعد البطالة التي تنتظرك في إحدى المحطات، لتزداد المرحلة التي بعدها تعقيدا وصعوبة، وما تحدثه من تغيرات على مسارات حياتك نحو عالم مجهول ومظلم لا تضمن عواقبه.
دول كثيرة، الحياة لديهم أكثر سهولة وأقل تعقيدا.
فما ان يجدوا البداية وما أسهل العثور عليها فالحياة عندهم كأنها مرسومة، فما ان تحدد هدفك وتضع قدمك على بداية الطريق المعبد والممهد اصلا الذي يمنحك سهولة العبور والوصول دون تحديات او مطبات لتجد نفسك قد وصلت الى غايتك وكأنك بحلم لم يكلفك الكثير من التعب والعناء.