صحيفة القاهرة تخصص ملحقًا حول الثقافة الأردنية

جفرا نيوز  - أفردت صحيفة القاهرة، التي تصدر رسمياً عن وزارة الثقافة المصرية، ملحقاً على صدر صفحاتها حول الثقافة الأردنية، ليكون الأردن الدولة الضيف على عددها الصادر أمس الثلاثاء، بمساهمات من مثقفين أردنيين.
وافتتح السفير الأردني في القاهرة أمجد العضايلة الملحق الخاص بالأردن بمقالةٍ حملت عنوان "الثقافة ساحة التقارب والتعاون المشترك"، أكد فيه على الأبعاد الوطنية والقومية التي حملتها الثقافة الأردنية بهويتها الناجزة، والمتصلة برسالة الدولة الأردنية وفلسفتها ومبادئ الثورة العربية الكبرى، لتساهم في صياغة حراكٍ ثقافي وفكريٍ وأدبي لعب دوراً فاعلاً في بناء الشخصية الثقافية الأردنية بسماتها التي تميّزها وبنت عليها نتاجاً ثقافياً متميزاً؛ حاضنته البيئة الأردنية ورافده الإنسان الأردني المنتج ومستَنَده التاريخ الزاخر الممتد. 
وأشار إلى التعاقب في الحضارات والأمم المنتجة على أرض الأردن- الذي هو مهدٌ للحضارات كالممالك المؤابية والأدومية والعمونية والنبطية- إلى جانب التنوّع الجغرافي لبيئته، والتكامل الفسيفسائي في الثقافات المحلية لمجتمعه، وإسهام هذه العوامل في رسم أبعاد الهوية الثقافية للأردن، ودفعها نحو صفة الانفتاح والتبادل والتنوّع مع الجوار الجغرافي والفكري والثقافي الذي لا انغلاق فيه. 
وأكد "في الأردن نؤمن بأن الثقافة ستبقى بوابةً رحبةً وواسعة في علاقتنا مع الشعوب الشقيقة والصديقة، وحبل صلةٍ لا يقصر مداه ولا ينقطع، ولغة تبادلٍ وحوارٍ إنساني، يعززها التنوّع ويغذيها الفكر وتحتضنها البيئة المستنيرة من الإطلاع والمعرفة على ثقافة الغير، فيتحقق التقارب والتكامل الذي نسعى إليه إنسانياً وفكرياً وثقافيا، وما هذه الإطلالة لمثقفين أردنيين، عبر جريدة القاهرة، إلا جزءاً من الانفتاح الذي يتميز به الأردن، شعباً وثقافةً وهوية".
وحول العلاقات الأردنية المصرية، تطرّق العضايلة لدور الثقافة في مسار هذه العلاقات، مستعرضاً حجم التعاون والتبادل الثقافي الذي شهدته السنوات الأخيرة ودور المشاركات والانتاج الثقافي للفنانيين والمثقفين والمفكرين الأردنيين والمصريين في إثراء هذه العلاقة، لافتاً إلى حجم التعاون والتنسيق الثقافي بين وزارتي الثقافة في البلدين وما يربطهما من اتفاقيات تعاون وبرامج تنفيذية في مجال الثقافة ومختلف الفنون.
وتضمّن العدد مساهمات لعدد من المثقفين الأردنيين في مختلف صنوف الثقافة، مزايا الهوية الثقافية الأردنية، الدراما الأردنية، الرواية والقصة القصيرة، الحركة الموسيقية، ونماذج من القصة القصيرة والشعر ولوحات من الفن التشكيلي.
واستعرض وزير الثقافة الأسبق الدكتور صبري ربيحات، في مقالة بعنوان "الأردن"، ملامح تشكّل الهوية الثقافية الأردنية وروافدها وبعضِ من روادها وبناتها، مشيراً لدور التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا وتداخل التقاليد في بناء الثقافة الوطنية الأردنية.
وأكد أن "الأردن مشبع بعمق التاريخ ورحلة الإنسان الطويلة عبر الزمن، ففي  كل زاوية وكهف وعلى قمة وسفح كل جبل حكاية نسجت أو أسطورة نحتت أو حادثة ذات معنى وقدسية  نقلت عبر الكتب السماوية والسير  لتتوارثها  للبشرية وتتمثلها باعتبارها جزء من التراث العالمي الروحي والثقافي والانساني".
وقال إن الإنسان الاردني أنجز عبر رحلته  الكثير في ميادين اللغة  والفن والأدب والفكر والفلسفة  وبث قيم الاحترام والحوار والسماحة التي أعلت من قيمة الإنسان بصفته انسان، الاردن الذي استقبل اكثر من نصف مجموع سكانه احتضن لينصهروا في هوية اردنية تحترم التنوع الثقافي واستوعب التباين والنظر له باعتباره  علامة غنى".
بدوره، عرض الكاتب والفنان محمود الزيودي لتاريخ الدراما الأردنية ومسيرة تطوّرها، ودور التلفزيون الأردني في الإنتاج الدرامي وأثر استحداث كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك في رفد الدراما الأردنية والعربية بفنانين ومخرجين ومنتجين، لافتاً إلى جيلٍ من الفنانيين الأردنيين الذين عرفوا بأدوار متميزة أسهمت في جعل الدراما الأردنية ذات حضور على الشاشات العربية.
وفيما يخص الدور القومي للدراما الأردنية، أكد الزيودي أن "الأردن هو أكثر بلدان الوطن العربي التصاقا بقضية فلسطين والشعب الفلسطيني، وحتى عام 1967  كانت الضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية، ولم تنتج أي مؤسسة إنتاج تلفزيوني ما انتجته الدراما الأردنية عن القضية الفلسطينية، ومنها "العناب وهبوب الريح" اخراج محمد عزيزية و "وجه الزمان" اخراج سعود الفياض و "المشراف" اخراج شعلان الدباس.
وفيما يخص الحركة الموسيقية، كتب استاذ الموسيقى في الجامعة الأردنية الدكتور محمد واصف مقالاً بعنوان "مشاهد من الحركة الموسيقية في الأردن" أكد فيه أن "المئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية حملت تأسيساً وتنويعاً وازدهاراً للحركة الموسيقية والفنية في الأردن، وحققت منجزاتٍ نعتز بها، ولا نقف عندها بل نتطلع لتوسيع انتشارها وتداخلها واشتباكها مع ثقافاتٍ وأولوان موسيقية عربية وغربية، لأن الموسيقى هي لغة تواصل بين الشعوب، ومرآة عاكسة لهوية وثقافة ومواهب كل أمة حيّة"، مشدداً على أن "الأردن دولةٌ ناجزة وهويةٌ ثقافيةٌ ناضجة وشعبٌ حي تعبّر الموسيقى والفنون عن هويته".
وساهم الروائي والقاص مفلح العدوان في العدد بمقالته "القصة القصيرة في الأردن.. بين واقعية الريادة، وتجريب التسعينيات"، أشار فيها إلى أن القصة تعتبر الى جانب الشعر من أكثر الأجناس الكتابية ترسخا في تربة الإبداع في الأردن، وحيث تعرض مسيرها في الأردن، تقريبا، لذات التحولات التي اصابت القصة العربية من حيث الإندراج تحت شتى المدارس والمفاهيم، كما نشأت في داخل البنى القصصية المكتوبة عدة عمليات حراك كان لها مساسها المؤثر بأركان النظر إلى وظيفية الكتابة وإلى كيفية الكتابة أيضا، مستعرضاً عددً من الأسماء الذين لهم حضور وإسهامات في القصة القصيرة في الأردن من مختلف الأجيال التي بدأت مع تأسيس الدولة الأردنية حتى الألفية.
وقدّم الشاعر الدكتور اسماعيل السعودي، استاذ الأدب والنقد في الجامعة الأردنية ورئيس منتدها الثقافي، قصيدة ً قال فيها " من أرضِ عبداللهِ جئتُ مسلّماً ...وعلى شفاهي قُبلةٌ ووفاءُ، والأردنيونَ النشامى حولُه... مجدٌ أثيلٌ راسخٌ وعطاءُ، عمّانُ ترسلُ عشقَها وغرامَها ... والشاهداتُ جبالُها الشّماءُ، نثرتْ على الصحراءِ عطراً خالداً ... فتزينتْ في أرضها البتراءُ، وعلى مسارحها شواهدُ عزّها ... الفرحُ زيّنَ تاجَها وغناءُ، هذا هو الأردنُ مهدُ حضارةٍ ... من عهدِ عادٍ رمزهُ الشهداءُ".
وحول العلاقة التكاملية بين الثقافة والإعلام، كتب الدكتور علاء الزيود مقالةً حملت عنوان "الثقافة والإعلام وثنائية الوعي والتنوير"، اعتبر أن  "في معركة الوعي، وأي وعيٍ الذي لا يكتمل إلا بحلقة التغذية الفكرية التي تنتجها أدوات الثقافة وتحملها وسائل الإعلام، تعتمر العلاقة الاعتمادية بين الثقافة والإعلام في رسم حلقة تشكيل الوعي وصولاً إلى التنوير، وهي علاقة طردية كلما زاد الانتاج الثقافي فيها زاد دور الإعلام في الاعتماد على الثقافة كمادةٍ أساسيةٍ ومنتجٍ رئيسي في مخاطبة القارىء".
ورأى أن هذه الثنائية بين الإعلام والثقافة تزداد قيمتها في معركة الوعي، التي لا يمكن كسبها إلا بتثقيفٍ وتحصينٍ فكري وبناءٍ ثقافيٍ معرفيٍ يسرشد به العقل الذي يتعرض لموجاتٍ معلوماتية غير مغربلة، يختلط بها الحقيقي بالزائف والسليم بالمضَلِل والمعلومة بالإشاعة، في سياقٍ يتطلب التكامل المعرفي الذي لا يحققه سوى هذا التقارب الاعتمادي بين قطبي المعرفة "الثقافة والإعلام".
وفيما يخص المؤسسات الأردنية، عرض الدكتور ثامر الشوبكي مدير دائرة المكتبات العامة في أمانة عمان الكبرى للدور الثقافي لأمانة عمان، من خلال الدائرة الثقافية فيها، والتي تعتبر ذراعاً حيوياً وفاعلاً في دعم الإنتاج الفكري والثقافي والأدبي وتعزيز التنمية الثقافية في الأردن في مختلف اصناف الفنون وحقول الثقافة.
ولفت إلى اسهامات أمانة عمان، عبر دعم الإنتاج الثقافي، في تعزيز الهوية الثقافية الوطنية وترسيخ مفهومها، والتأكيد انها أصبحت شريكاً فى الهدف الاستراتيجي العام للتنمية الثقافية والاجتماعية في الأردن، مستعرضاً، في هذا الاتجاه، مرافقها ودوائرها الثقافية والفنية والمسارح والساحات التي تحتضن مختلف صنوف الثقافة الفكرية والأدائية.
وحول "العمل التلفزيوني في الأردن ..البداية والتطور"، الذي جاء عنوان مساهمة المدير العام الأسبق لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون محمد الطراونة، أشار إلى أن التلفزيون الأردني شكل مدرسة لإعداد وتأهيل الكوادر البشرية ذات الكفاءة العالية، حيث أن أول محطة تلفزيونية بدات قبل خمسة وخمسين عاما حملت إسم الأردن بكل مضامينه، مؤكداً الطراونة "اليوم نفتخر بما أصبحت عليه القنوات التلفزيونية الأردنية من دور إعلامي ريادي وإثبات لوجودها وحضورها وفعاليتها على خارطة العمل التلفزيوني الأقليمي، من خلال عضويتها في العديد من الهيئات الإعلامية العربية والعالمية، وحصلت على العديد من الجوائز التي تثبت  مدى الكفاءة العالية، التي وصل اليها أداء القنوات التلفزيونية الأردنية والعاملين فيها، والذين لهم بصماتٍ واضحة في تاسيس ونجاح محطات تلفزيونية إقليمية".
بدوره، عرض المدير العام السابق لوكالة الأنباء الأردنية فايق حجازين لمحطات في مسيرة وكالة الأنباء منذ انطلاقها في تموز من العام 1969، وبقائها بدورها الصحفي الريادي، كوكالة أنباء وطنية هي المزود الرئيس لوسائل الاعلام بالاخبار والتقارير والمقابلات المحلية والعربية والدولية.
وتضمن الملحق صوراً من لوحاتٍ مختارة للفنان التشكيلي الأردني فادي الداوود ذات رموزٍ ودلالات من الحياة الأردنية، منها تجسّد عبر صورٍ تحمل مشاهد بانورامية من العاصمة عمّان لحالة العيش الاجتماعي فيها، وأخرى لمهنٍ يدويةٍ من الحياة الاجتماعية للأردنيين وألعاب شعبية كطاولة الزهر، فضلاً عن لوحات تجمع بين المزج بين المعالم السياحية في الأردن والفن.