الـقـــول الـفـصـــل
جفرا نيوز - بقلم عوني الداوود
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني يوم أمس النقاط على الحروف حاسما جدلا أخذ وقتا طويلا وعلى كافة الأصعدة جرّاء مشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي صدر أخيرا في الجريدة الرسمية، بعد صدور الارادة الملكية السامية بالموافقة عليه من بين ستة قوانين نشرت في الجريدة الرسمية الاحد الماضي.
لقاء جلالة الملك يوم أمس رئيسة وأعضاء مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، ونقيب الصحفيين الأردنيين في قصر الحسينية، حمل رسائل مهمة لا بد من التوقف عندها وفي مقدمتها:
1 - اللقاء في حد ذاته، وبحضوره المتمثل بـ (رئيسة وأعضاء مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان ونقيب الصحفيين) مهم عقب اقرار قانون الجرائم الالكترونية، ليكون الحديث من رأس الدولة مباشرة، الى الجهات التي تعتبر مظلة لحقوق الانسان وللحريات والاعلام في المملكة.
2 - القول الفصل جاء خلال تأكيدات جلالة الملك على:
أ)- أن مكافحة الجرائم الإلكترونية يجب ألا تكون على حساب حق الأردنيين في التعبير عن رأيهم أو انتقاد السياسات العامة.
ب)-..مع ضرورة مواجهة الإساءات المخالفة للأخلاق والتجاوزات على القوانين.
ج)- الأردن ملتزم بالتعددية السياسية والإعلامية.
د)- الأردن ليس دولة تعسفية ولن يكون أبدا، «وتاريخنا يشهد على ذلك».
3 - ولطمأنة الجميع فقد أشار جلالة الملك الى :
أ) - أن تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية سيكون العامل الحاسم في الحكم عليه.
ب)-..ومراجعة بعض بنوده، بالتعاون مع الجميع، كما هو الحال في باقي التشريعات.
ج)- توجيه الحكومة إلى مراجعة مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، بما يكفل حق الجميع في الحصول على المعلومات الصحيحة والدقيقة وبشكل سريع مما يساهم في الرد على الإشاعات والأخبار الكاذبة.
4 - ومن أجل المشاركة، وحتى تقوم كل جهة بدورها فقد لفت جلالة الملك إلى أهمية مركز حقوق الإنسان كمؤسسة وطنية، ودوره الأساس في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ونشرها، مؤكدا جلالته أهمية الاستمرار في بذل الجهود بهذا الاتجاه.
- باختصار فإن جلالة الملك قد حسم الجدل حول قانون الجرائم الالكترونية بالتأكيد على أنّ (التطبيق) هو العامل الحاسم في الحكم على القانون ومراجعة بعض بنوده، كما أن القانون لن يكون على حساب حق التعبير أو انتقاد السياسات العامة، وأن الاردن ملتزم بالتعددية السياسية والاعلامية، ولذلك فهو جاد بتنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وأن الأردن يمضي قدما نحو انتخابات برلمانية بمشاركة حزبية واسعة، العام المقبل، تأكيدا على الالتزام بالتحديث السياسي كضرورة «بالرغم من التشكيك بذلك من قبل بعض الفئات» - كما قال جلالة الملك -.
أكثر من ذلك فمن أجل سحب البساط من تحت مطلقي الاشاعات المتذرعين بغياب المعلومة، فقد وجّه جلالته الحكومة إلى مراجعة «مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات»، وبما يكفل حق الجميع في الحصول على المعلومات الصحيحة والدقيقة و(بشكل سريع) وهذه نقطة مهمة لأن التأخر بالرد أو التوضيح أو ايصال المعلومة الصحيحة في وقتها يخلق بيئة خصبة للاشاعات..في حين تساهم سرعة الرد بالمعلومة الصحيحة بالحد من الإشاعات والأخبارالكاذبة.
الأردن اليوم أمام استحقاقات، بدأت مع اطلاق رؤى الاصلاح الثلاث «السياسية والاقتصادية والادارية»، وتتسارع الخطى مع قرب الاستحقاق الاصلاحي السياسي المنتظر والمتمثل بالانتخابات البرلمانية المقبلة العام 2024 وبمشاركة حزبية واسعة، يعوّل فيها على مشاركة أفضل للمرأة والشباب، وهذه الاجواء الاصلاحية بحاجة الى أفق رحب من الحريات وابداء الرأي والرأي الآخر وهذا لن يحد منه قانون الجرائم الالكترونية مع تأكيدات جلالة الملك بالالتزام (بالتعددية السياسية والاعلامية).
بقي أن أشير الى دور العديد من الجهات الرسمية والاهلية بشرح قانون الجرائم الالكترونية الذي تغيب كثير من تفاصيله على قطاع كبير من المجتمع وفي مقدمتهم الشباب، وهنا يأتي دور «مركز حقوق الإنسان» وغيره من الجهات المعنية، بما فيها وسائل الإعلام المتعددة والمنظمات الاهلية والحقوقية، من أجل شرح بنود القانون وآليات التعامل مع بنوده، بما يساهم بالفعل في الحدّ من الجرائم الالكترونية التي ترتكب دون الحد من حرية التعبير والنقد المسؤول.