دول غرب إفريقيا تندد بـ"استفزاز جديد" من المجلس العسكري في النيجر

جفرا نيوز- نددت دول غرب إفريقيا التي ترفض الانقلاب في النيجر الاثنين، بـ"استفزاز جديد" من المجلس العسكري بعد تهديده بمحاكمة الرئيس المخلوع محمد بازوم بتهمة "الخيانة العظمى"، فيما أبدت الولايات المتحدة "استياءها" من هذا الأمر.

وأعلن المجلس العسكري مساء الأحد، أنه جمع "الأدلة لمحاكمة الرئيس المخلوع وشركائه المحليين والأجانب أمام الهيئات الوطنية والدولية المعنية بتهمة الخيانة العظمى وتقويض الأمن الداخلي والخارجي للنيجر".

واستند المجلس في اتهاماته إلى "تبادلات" بازوم مع "رعايا" و"رؤساء دول أجنبية" و"رؤساء منظمات دولية".

واعتبرت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في بيان صدر في أبوجا الاثنين، أن هذا التهديد "شكل جديد من الاستفزاز يتنافى مع إرادة السلطات العسكرية في جمهورية النيجر إعادة الانتظام الدستوري بسبل سلمية".

في السياق، قال الناطق باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل "نحن مستاؤون بشدة من التقارير عن أن الاحتجاز غير العادل للرئيس بازوم قد مضى نحو خطوة أبعد حتى... هذه الخطوة لا داعي لها وغير مبرّرة، ولن تسهم صراحة في حلّ سلمي لهذه الأزمة".

والولايات المتحدة كانت مع فرنسا شريكا أساسيا للنيجر قبل الانقلاب، خصوصا أن البلدين ينشران فيها قرابة 2600 جندي بهدف التصدي لمجموعات مسلحة في منطقة الساحل.

"تهدئة التوترات"

جاء تهديد العسكريين الانقلابيين بعدما التقى ممثلو النظام العسكري وفدا من رجال الدين النيجيريين المسلمين السبت، بالتوافق مع رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يتولى الرئاسة الدورية لإيكواس، بهدف "تهدئة التوترات الناشئة من إمكان (تنفيذ) تدخل عسكري" للمنظمة.

وقال رئيس وفد الوساطة الشيخ بالا لاو في بيان إنّ قائد الانقلابيين الجنرال عبد الرحمن تياني أبلغه أنّ "بابه مفتوح للبحث في مسار الدبلوماسية والسلام من أجل حلّ" الأزمة.

والخميس، كرر قادة إيكواس أنهم لا يزالون يعطون الأولوية للحل الدبلوماسي، لكنهم أمروا في الوقت نفسه بنشر "قوة احتياط" تابعة للمنظمة من دون تحديد أي جدول زمني لتدخل عسكري محتمل يعهد إليها.

وفي قمة سابقة في الثلاثين من تموز/يوليو، فرضت إيكواس عقوبات مالية وتجارية شديدة على النيجر التي تعول في شكل كبير على شركائها الخارجيين، وأمهلت الانقلابيين سبعة أيام لإعادة النظام الدستوري تحت طائلة اللجوء إلى القوة المسلحة.

تحذير

وأعلن رئيس الوزراء الذي عيّنه العسكريون في النيجر الاثنين، أن بلاده قادرة على "تجاوز" هذه العقوبات.

وقال علي محمد الأمين زين الاثنين، معلقا على التدابير التي اتخذتها المنظمة الإقليمية، في مقابلة أجراها معه موقع "دويشته فيله" الألماني، "نعتقد أنه حتى لو كان التحدي المفروض علينا غير منصف، لا بدّ من أن نتمكن من تجاوزه، وسنتجاوزه".

وإذ أكد أن نيجيريا وإيكواس شريكان مهمان للنيجر، حذّر قائلا "إذا تبيّن لنا أن المبدأ السياسي والعسكري يأتي في الصدارة بدل هذا التضامن الاقتصادي، فسيكون ذلك مؤسفا للغاية".

وندد المجلس العسكري الأحد بـ"العقوبات غير القانونية واللاإنسانية والمهينة" التي فرضتها إيكواس على النيجر خلال قمة 30 تموز/يوليو.

في الوقت نفسه، أعلن مجلس السلم والأمن، الهيئة المكلفة النزاعات والمسائل الأمنية في الاتحاد الإفريقي، الاثنين، عقد اجتماع في أديس أبابا للبحث في "آخر تطورات الوضع في النيجر والجهود الرامية إلى التعامل معها".

ويتم الاجتماع بعد تأجيل لقاء كان مقررا السبت، لقادة أركان جيوش دول إيكواس للبحث في نشر قوة التدخل، سعيا لتقديم "أفضل الخيارات" في ما يتعلق بقرار المنظمة الإقليمية تفعيل "قوتها الاحتياطية" ونشرها.

من جانبه، أكد بازوم المحتجز منذ الانقلاب في مقر إقامته الرئاسي مع ابنه وزوجته، لعدد من وسائل الإعلام أنه "رهينة" وأنه محروم من الكهرباء.

وأعلن الانقلابيون أن الرئيس المخلوع تلقى زيارة طبيبه الذي "لم يثر أي مشكلة بالنسبة إلى وضعه الصحي".

استدعاء

وأعلن النظام العسكري الذي تولّى السلطة في نيامي، الاثنين في بيان، أنّه استدعى سفير النيجر في أبيدجان بعد تصريحات للرئيس العاجي الحسن واتارا اعتبر الانقلابيّون أنّها ترقى إلى حدّ "الإشادة بالعمل المسلّح" ضدّ نيامي.

وفي إشارة منهم إلى الضوء الأخضر الذي أعطته الدول المجاورة للنيجر في غرب إفريقيا لتدخّل مسلّح مُحتمل بهدف استعادة الديمقراطية في البلاد، ندّد العسكريّون الانقلابيّون بـ"حماس" واتارا "لرؤية هذا العدوان غير القانوني والعبثي ضدّ النيجر يتحقّق".

لدى عودته الخميس، من قمة للجماعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في أبوجا، قال واتارا إنّ رؤساء الدول اتّفقوا على أنّ عمليّة عسكريّة يجب أن "تبدأ في أقرب وقت" من أجل إعادة الرئيس النيجري بازوم إلى منصبه، بعد أن أطاحه انقلاب في 26 تموز/يوليو.

واعتبر "المجلس الوطني لحماية الوطن" الذي تولّى السلطة في نيامي أنّ هذا "التسرّع (...) يشهد على التلاعب الذي دبّرته بعض القوى الخارجيّة"، من دون أن يسمّيها.

وقال في بيان "لهذا السبب يُعبّر المجلس الوطني لحماية الوطن وحكومة النيجر عن رفضهما التامّ للتصريحات التي أدلى بها" واتارا "والتي تتجاوز الموقف المشترك" لإيكواس و"قرّرا استدعاء سفير النيجر في أبيدجان للتشاور".

"مذابح"

تحدّث وزير خارجية الرئيس النيجري محمد بازوم، الإثنين، عن "مذابح" في العاصمة نيامي، من دون تحديد الجهة التي تتعرّض لها.

وقال الوزير حسومي مسعودو في مقابلة أجرتها معه محطتا "راديو فرانس إنترناسيونال" الإذاعية و"فرانس 24" التلفزيونية "حاليا في نيامي (...) هناك مذابح مع جحافل من الشباب المدفوعين بالكراهية العنصرية والاتنية. (...) لهذا السبب من الملحّ وضع حد لذلك وإعادة النيجر إلى مسار السلام والاستقرار والتقدم الاقتصادي".

لكن مسعودو لم يحدد الجهة التي تتعرّض لهذه "المذابح". وأضاف "الخطاب الذي أطلق العنان له في نيامي هو الخطاب العنصري، خطاب التعصّب". وتابع "يجب وضع حد لهذا الخطر الذي يتهدّد تماسك بلدنا، لهذا السبب يجب أن نتحرك بسرعة ونضع حدا سريعا لما حدث للتو".

من جهة أخرى رفض مسعودو بشدّة اتهامات "الخيانة العظمى" التي أطلقها النظام العسكري بحق الرئيس المخلوع.

وقال الوزير "المجموعة العسكرية لا تتمتّع بأي شرعية للحكم على أي شخص. ما ارتكبته هو أكثر من مجرّد خيانة، إنه عمل إجرامي".

وشدّد مسعودو على أن العسكريين "لا يمكنهم أن يدّعوا الصفة الأخلاقية لإصدار أحكام على أحد".

وأضاف "من الغريب والسرّيالي سماع هؤلاء يتحدّثون عن محاكمة الرئيس بازوم".