250 ألف زائر لجبل القلعة في 7 أشهر
جفرا نيوز-في قلب العاصمة عمان، يتربع جبل القلعة الأثري الذي يُمثل رابطاً مهماً يصل تاريخ عمان القديم بالمعاصر، عبر الولوج بمختلف الحقب التاريخية، وصولاً إلى المدينة العصرية.
ويقدم جبل القلعة الذي زاره خلال الأشهر السبعة الماضية نحو 250 ألف زائر، تجربة فريدة للسياح تجمع بين الإرث الثقافي والإطلالات البانورامية الرائعة.
وفي استعراض للحقب التاريخية التي مرت على الموقع، قال مدير عام دائرة الآثار العامة الدكتور فادي بلعاوي، إن جبل القلعة الأثري "أحد جبال مدينة عمان السبعة”، برز كمقر للحكم والإدارة خلال فترة العصر الحديدي، حيث اتخذه العمونيون عاصمةً لهم وأطلقوا عليه تسمية ربة عمون، لافتا إلى أن الموقع كان قديماً يتمتع بمزايا عسكرية واستراتيجية.
وأضاف "أعاد الحاكم البطلمي بطليموس فيلادلفيوس، بناء ربة عمون وقام بتغيير اسمها لمدينة فيلادلفيا، والتي تعني مدينة الحب الأخوي”، مبيناً أنه خلال العصر الروماني ازدهرت فيلادلفيا وتوسعت وأصبحت إحدى مدن حلف الديكابوليس، وبنيت فيها المعالم العامة، كالشوارع والمسارح والساحات والحمامات والأسواق والمعابد.
وقال بلعاوي "حظيت مدينة عمان بالاهتمام من الأمويين، فبنوا فيها مسجداً وقصراً كان له الطابع الرسمي والسياسي، حيث كانت المدينة مركزاً حكومياً وفيها مقر الوالي أو دار الإمارة وفيها حامية عسكرية، بالإضافة إلى دار لسك العملة”.
وأشار الى أهم المعالم والمواقع الأثرية في جبل القلعة، بدءا من معبد هرقل الذي يعتبر من أهم وأضخم المباني الرومانية الباقية في مدينة فيلادلفيا، حيث يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثاني الميلادي وتحديداً 161- 166 ميلادية، لافتا إلى أنه يمكن مشاهدة أعمدته الشاهقة من وسط المدينة ومن الجبال المحيطة بمدينة عمان.
وتابع "كما يوجد في جبل القلعة ثلاث كنائس، أهمها ما يعرف بالبازيليكا أو الكنيسة البيزنطية، التي بنيت عام 550 ميلادية، إضافة إلى الأعمدة التي تتزين بالتيجان الكورنثية المزخرفة بأوراق الأكانثوس التي نقلت من المباني الرومانية وأعيد استخدامها في بناء الكنيسة”.
ولفت، إلى أن المنشآت التي أقيمت خلال الفترة الأموية تمثل عناصر المدينة الإسلامية المتكاملة، حيث احتوت على المسجد والسوق والحمام والقصر، بما في ذلك قاعة العرش وقاعة الاستقبال التي بنيت خلال حكم الخليفة هشام بن عبد الملك، بالإضافة إلى العديد من الوحدات السكنية، كما احتوت على دار لسك عملة النقود الإسلامية.
وأضاف، من المعالم الأثرية الأخرى الموجودة في جبل القلعة، موقع شارع الأعمدة، والمسجد الذي يقع في أعلى بقعة من الجبل إلى الجنوب من القصر الأموي، ومتحف الآثار الذي يعتبر أول متحف أقيم في الأردن وبني عام 1951 ميلادية، ويضم مجاميع من القطع الأثرية المميزة من أعمال التنقيبات الأثرية من مختلف المواقع الأثرية في الأردن، وخزان الماء "البركة”.
وفيما يخص أعمال التأهيل والتطوير في موقع جبل القلعة، بين بلعاوي أن وزارة السياحة والآثار ودائرة الآثار العامة، تعكفان على استكمال مشروع تأهيل السفح الجنوبي، وترميم وحماية الأرضيات الفسيفسائية بالموقع، وإجراء أعمال الصيانة للجدران الأثرية في المسجد الأموي.
وأوضح، أن مشروع تأهيل السفح الجنوبي لموقع جبل القلعة يعد من أهم المشاريع التي تنفذها دائرة الآثار العامة ووزارة السياحة والآثار وبالشراكة مع أمانة عمان الكبرى والمركز الأميركي للأبحاث الشرقية.
ولفت بلعاوي، الى أنه سيجري العمل خلال المشروع على تطوير مسار سياحي جديد يربط منطقة جبل القلعة مع منطقة وسط البلد عبر السفح الجنوبي والبوابة الجنوبية لجبل القلعة، وذلك عن طريق إعادة تأهيل وتطوير المنطقة بشكل كامل، وإعادة ربط المدينة العليا بالمدينة السفلى، وتأهيل الأدراج التي تصل بين جبل القلعة ومنطقة وسط البلد.
وقال "يهدف المشروع الى إحداث نقلة نوعية وتحويل المنطقة إلى منطقة جذب سياحي ما يعمل على تعزيز النشاط التجاري فيها، بالإضافة لخلق بيئة حيوية تتناسب وتليق بوسط مدينة عمان ومكانتها التاريخية والتراثية باعتبارها تشكل بداية ظهور الأحياء السكنية ونواة المدينة خلال بداية القرن العشرين، إضافة الى تعزيز دور ومكانة موقع جبل القلعة الأثري كمقصد سياحي مهم، عبر إيجاد نظام خدمات متكامل يوفر للسائح متطلباته كافة”.
وأضاف بلعاوي "تسعى الوزارة والدائرة من خلال هذا المشروع الى أن يصبح الموقع متنفساً حيوياً للسياحة الداخلية، وإشراك المجتمع المحلي في العمل وتوفير الفرص الاقتصادية لهم ".
وأوضح، أن أعمال المشروع بدأت في شهر آذار عام 2021 وجرى تنفيذه على عدة مراحل، حيث بدأت المرحلة الأولى بتنفيذ أعمال إزالة أنقاض المباني المتهدمة ونقلها يدوياً من الموقع، وتنفيذ أعمال الحماية والترميم والتقوية للجدران التراثية وجدران المباني التراثية والغرف.
وتابع أن المرحلة الثانية تضمنت تنفيذ مسار سياحي يشمل الأدراج والممرات وأعمال الإنارة وتنفيذ وسائل السلامة العامة بما يسهم في سهولة الوصول من وإلى الموقع”.
وأكد، أن الأعمال التي تم تنفيذها هي أعمال حماية وترميم للمعالم الأثرية والتراثية وليست أعمال تجديد، حيث يجري الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على أصالة المعلم الأثري والتدخل بأقل الأعمال، والتي تهدف فقط إلى سلامة وحماية المعلم الأثري.
وأشار بلعاوي، الى أنه ضمن أعمال تأهيل المسار السياحي تم اتباع أسس وقواعد من شأنها الحفاظ على قيمة الإرث الثقافي للموقع من خلال استخدام مواد صديقة للبيئة ولا تؤثر سلباً على البقايا التراثية المتبقية، ومراعاة البنية التحتية وتصريف مياه الأمطار، وسهولة استدامة الموقع، وإمكانية إجراء أعمال صيانة مستقبلية عند الحاجة، بالإضافة إلى مراعاة المنظر العام وإزالة جميع التشوهات البصرية المحيطة.
وبين أن أعمال المشروع، شملت بالإضافة إلى إنشاء المسارات والأدراج وأعمال الإضاءة والسلامة العامة، تنفيذ أعمال ترميم للأدراج الحجرية الرومانية، وترميم وصيانة الأبراج على جانبي البوابة، بالإضافة إلى ترميم العديد من الجدران التراثية والغرف.(بترا).