معدل (التوجيهي).. هل هو المعيار الوحيد للقبول الجامعي؟
جفرا نيوز- يقف طلبة التوجيهي المنتظرون لنتائج الثانوية العامة على مفترق طرق للاقبال على محطة دراسية جديدة في مسيرتهم العلمية، والتي تشكل تحدياً امام الكثيرين منهم بسبب طبيعة اختيار التخصص المناسب، وكيفية ملاءمته لاهتماماته، وبما يوفر فرص عمل مستقبلا تواكب حاجة سوق العمل المتغير والمتسارع.
وشهدت الجامعات الرسمية والخاصة توسعا ملحوظا باستحدات تخصصات أكاديمية تلبية لاحتياجات سوق العمل، وتشجع الطلبة على مواكبة التطورات التكنولوجية، بشكل يتماشى مع اهتماماتهم ومستقبلهم العملي.
اذ تعتمد الجامعات معيار المعدل في شهادة الثانوية العامة "التوجيهي" للقبول في الحقول الدراسية المختلفة، كونه المؤشر الاساسي لقبول الطلاب في الجامعات الرسمية والخاصة او كليات المجتمع، بيد انه لا يجب أن يكون العامل الحاسم في اختيار تخصص الطالب الأكاديمي.
من جانبه، قال نائب رئيس جامعة الحسين بن طلال، الدكتور محمد الرصاعي، انه غالبا لا يقيس معدل الطالب في الثانوية العامة جميع متطلبات دراسة التخصصات الجامعية والتميز فيها، ولا يلبي الميول والاتجاهات والمهارات المنسجمة مع هذه التخصصات.
واضاف ان معدل الثانوية العامة يشير إلى القدرات الذهنية للطالب كالتحصيل المعرفي وبعض مهارات التفكير، في حين يتوجب اختيار التخصص الجامعي في ضوء انسجام قدرات الطالب المعرفية وميوله المهنية ومهاراته الفكرية والجسدية مع متطلبات هذا التخصص.
واشار الرصاعي الى انه في معظم الأحيان لا يتلقى طلبة المرحلة الثانوية، والتي تسبق دخولهم الجامعة، الإرشاد المهني بشكل يضعهم على الطريق المناسب لتخصصات المستقبل التي تعتبر اكثر رواجا.
ولفت الرصاعي الى نظام القبول الموحد الذي يضع الطلبة امام خيارات تقليدية دون أن يتلقوا التوجيه للتخصصات الجامعية التي تضعهم على مسارات أكاديمية ومهنية مناسبة، بخلاف الكثير من الدول التي يتم قبول الطلبة مباشرة من قبل الجامعات، الشيء الذي يجعل عملية الإرشاد الأكاديمي من الأدوار المهمة للجامعات، حيث يتم توجيه الطلبة في مسارات أكاديمية تنسجم وقدراتهم المعرفية، وميولهم المهنية، ويتم الإرشاد للتخصص الجامعي المناسب بناءً على إختبارات ومقاييس تكشف عن مهارات الطلبة وميولهم وفرص تميزهم في مسارات أكاديمية ومهنية محددة، حيث تقوم الجامعات ببناء هذه الإختبارات والمقاييس على أيدي خبراء من الأقسام الأكاديمية وكذلك المهنيين والمختصين، وتصبح ذات قدرة عالية على التوجيه والإرشاد في عمليات القبول الجامعي، وتتواصل عملية الإرشاد للطلبة أثناء دراستهم الجامعية.
وتابع الرصاعي ان عددا محدودا من الجامعات تقوم بتوجيه الطلبة نحو اختيار التخصصات الجامعية المناسبة لخصائصهم وقدراتهم، حيث يحدد ذلك من خلال وحدة القبول الموحد في وزارة التعليم العالي.
ودعا الرصاعي الى ضرورة توفير مراكز توعوية على المستوى الوطني أو على مستوى الجامعات لتقديم خدمة كشف الميول والاتجاهات والاهتمامات المعرفية والمهنية،
مبينا ان المرحلة تتطلب البدء بالتفكير في إنشاء مراكز للقياس والتقويم في كل جامعة إلى جانب مركز وطني للقياس والاختبارات، حيث تساعد هذه المراكز الطلبة وذويهم في التوجيه والإرشاد نحو التخصصات الأكاديمية المناسبة.
ورأى التربوي الدكتور اشرف عليمات ان الصورة النمطية حيال فرض اولياء الامور على ابنائهم الطلبة باختيار تخصص معين بدأت بالانحسار، نظرا لنسب البطالة المرتفعة في صفوف الخريجين.
وقال: انه يتطلب من الطلبة في المرحلة الحالية وقبل اعلان نتائج الثانوية العامة العمل على دراسة الذات واكتشاف الاهتمامات الشخصية التي يتوجب عليهم استثمار الوقت في اكتشافها بشكل يساعدهم على تحديد التخصصات التي تتناسب مع شخصيتهم وميولهم الفردية.
وبحسب العليمات، يتطلب في المرحلة الحالية توجيه الطلاب نحو اختيار التخصص المناسب لهم بناءً على مواهبهم واهتماماتهم واللجوء لمتخصصين لتقديم الاستشارات بكيفية اختيار التخصص الذي دائما ما يصب بالاتجاه الاكاديمي.
وتابع: ينبغي على مختلف المؤسسات المعنية وبالشراكة مع القطاع الخاص تقديم دراسات توضح احتياجات سوق العمل كي يتمكن الشباب من الاقبال على الحياة العلمية او العملية بكل ثقة حيال رغباتهم للتمكن من قيادة مستقبلهم باقتدار بعيدا عن المجازفة باختيار تخصصات راكدة او مشبعة.
ولفت العليمات الى انه لا يمكن اغفال دور الجامعات، والتي يجب عليها طرح تخصصات مبنية على دراسات وابحاث تستطلع حاجة سوق العمل بهدف تحديد حاجتها من التخصصات المستحدثة كون الجامعات توفر بيئة تعليمية تفاعلية وحديثة، وتمكن الطلاب من اكتشاف شغفهم وتطوير قدراتهم في المجالات التي يرون فيها تحدياً وفرصاً واعدة.
يشار الى ان غالبية الجامعات طرحت عددا من التخصصات المستحدثة التي تلقت اهتماماً متزايداً من قبل الطلبة في الجامعات تشمل: تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب والبرمجة وتطوير التطبيقات، حيث تعد هذه التخصصات حاسمة لمواكبة التقدم التكنولوجي السريع،
اضافة الى الهندسة البيئية والمتجددة، لدراسة كيفية تحسين البيئة واستدامة الموارد الطبيعية، وهو مجال يكتسب أهمية متزايدة في ظل التحديات البيئية الحالية.
كما طرحت تخصصات في القطاعات الانسانية المتمثلة بالصحة النفسية والعلوم السلوكية وسط تزايد الاهتمام بصحة النفس والعلاج النفسي، الى جانب تخصصي الذكاء الاصطناعي والتعلم الالكتروني الذي يعد اكثرها جذبا للطلبة في العامين الاخيرين باعتبارهما اكثر التخصصات حداثة.
الراي - سرى الضمور