تصويب مفردات ومفاهيم
جفرا نيوز - بقلم حمادة فراعنة
لا ألوم المنظمات والأحزاب والأفراد الذين يعتقدون بالفكرة الصهيونية وهدفها وتوجهاتها وعملها نحو جعل فلسطين مستعمرة لليهود، ويؤكدون على تمازج ودمج اليهود واليهودية على أنها: قومية ودينية في نفس الوقت، فهذا هو هدفهم وبرنامجهم.
ولكنني ألوم بكثير من الحزن والأسف الأحزاب والمنظمات والأفراد لدى الشعب الفلسطيني وما أكثرهم، وغالبيتهم، يقعون بالخطيئة السياسية الفكرية حينما يستعملون مفردة اليهود باعتبارها المرادف لمفردة العرب، وأنها الطرف الآخر المتصادم مع الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، كأن يُقال الصراع العربي اليهودي، أو العلاقات العربية اليهودية، أو مستقبل العرب واليهود في فلسطين، أو ضرورة مشاركة العرب واليهود في الأحزاب المشتركة، وجميعها دالة على أن الهوية والقومية وأداة الصراع وأداة السلام هم اليهود.
حينما أدقق بالأفكار والبيانات والبرامج لدى الأحزاب العربية الفلسطينية في مناطق 48، قلما نجد تعبيراً دقيقاً في وصف الحالة المطلوبة في القول: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أو الصراع العربي العبري، أو استعمال مفردة اليهود واليهودية مع الإسلام والمسلمين، أو استعمال اليهود واليهودية مع المسيحية والمسيحيين، باعتبار اليهود واليهودية دينا وديانة.
لقد قاد الشيوعيون وقادتهم والمفكرون عندهم وكتابهم الأفذاذ في مناطق 48: اميل توما، إميل حبيبي، جورج طوبي، توفيق زياد، محمود درويش، سميح القاسم وغيرهم، قادوا التمسك بالهوية الفلسطينية منفردين عن باقي شرائح الشعب الفلسطيني وقواه السياسية في مناطق 48، منذ نكبة الفلسطينيين عام 1948، واحتلال ثلثي وطنهم، في مواجهة التعبير الصهيوني الرسمي السياسي والإعلامي: تعبير «عرب إسرائيل» و»مسلمي إسرائيل» و»مسيحيي إسرائيل» و»دروز إسرائيل» ، ودوافع ذلك على الأغلب تحاشي كلمة إسرائيل كعنوان لبلدهم الفلسطيني تعبير «البلاد» كأن يقولوا نحن من البلاد، مقيمون في البلاد، أهل البلاد الاصليون، وهكذا، ولكنهم وقعوا في خطيئة مازالوا يقعون فيها بقولهم: «العلاقات العربية اليهودية» و»النضال المشترك العربي اليهودي»، وهي خطيئة سياسية فكرية مبدئية يجب التخلص منها، وأن يقودوا وأدها بصفتهم الطليعة سياسياً وكفاحياً إلى جانب القوى السياسية الأخرى من الإسلاميين والقوميين وسائر الوطنيين.
تصويب المفردات تعبيراً عن حقيقة الصراع وعناوينه ضرورة، حتى تستطيع الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف عناوينها وأدواتها ومواقعها الجغرافية، وتتمكن من توسيع شبكة علاقاتها، وتحجيم معسكر عدوها، فالصراع السياسي يجب أن يُبنى على مفاهيم أكثر دقة في التعبير عن محتواه، وأدواته، بين المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
مفاهيم التلاقي والتباعد يقوم على الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة الهوية الإسرائيلية، فلسطين نقيض إسرائيل، الهوية العربية في مواجهة الهوية العبرية، وهكذا نملك قدرات المواجهة للمشروع الصهيوني برمته على طريق اندحاره وهزيمته.