حوارات الرئيس مع جيل z

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي

أحد الأصدقاء من الطلبة الجامعيين المشاكسين ممن تابعوا عبر وسائل الإعلام لقاءات رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة مع الشَّباب في الأقاليم الثلاثة يقول لي إنه لو كان بين الحاضرين لسأل الرئيس سؤالين اثنين، الأول عن معنى الرحى؟ الذي وصف بها الشباب في أحد حواراته، والثاني عن السبب الذي يجعله يدعو إلى الحزبية والتحزّب مع أنه لم ينخرط في أي حزب حتى الآن.

بالطبع تكفلت بتوضح معنى الرحى لصديقي، وقلت إنها الطاحونة الدائرية المكونة من حجرين دائريين ثقيلين كان يستخدمهما أهلنا في طحن الحبوب قبل اختراع الآلة والكهرباء. فصفّر حينها الشاب منبهرا وقال: طيب لماذا لم يستخدم الرئيس لغة نعرفها ونفهمها ونعيشها. أنا من جيل z» « فكيف لي أن أعرف هذه اللغة.

لم أجب عن سؤاله الثاني وأتركه معلقا لصاحب الشأن فقد يريد أن يرد عليه. ولكني ذكّرت المشاكس أن رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لم يتحزب ايضاً، رغم أن اللجنة هي عرّابة تفعيل الحزبية والتحزب في بلدنا.

من بعد تحدثنا عن أن مجمتعنا غير حزبي ويأنف الحزبية، وما زال يهابها ويرى أنها ضرب من اللاجدوى واللامعنى. فالأردنيون ورغم عهدهم الطويل مع الأحزاب، والممتد لما يقارب بزوغ الدولة الحديثة قبل قرن، إلا أن «فوبيا التحزب» ما زالت تتلبسهم وتسري بوجدانهم ودمائهم بشكل ما، وأن حظر العمل الحزبي بعد حل حكومة سليمان النابلسي 1957 (أول وأخر حكومة حزبية ائتلافية ولم تعمر إلا بضعة أشهر) ما زال يشكل حاجزا خفيا قويا في وجدان الناس.

عودة الحياة البرلمانية عام 1989 لم تعد تفعيل الأحزاب في حياة الأردنيين بشكل حقيقي، بل ظل حضورها شكليا غير متغلغل في الأعماق مع أن عددها وصل إلى أكثر من 50 حزبا (تقلصت إلى 27 حزبا مع تطبيق القانون الجديد)، وهو ما يؤكد على ما تشير إليه استطلاعات الرأي التي دأب مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية على إجرائها وفحواها أن الأحزاب تحظى بدعم لا يتجاوز 2 % من أفراد المجمع، وأن ثقة الناس بها في أدنى مستويات الثقة بمؤسسات الدولة، وهذا ما يفسر أن الأحزاب الناجية من مقصلة القانون لم ينتسب إليها أكثر من 40 ألف مواطن في مجتمع يزيد تعداد سكانه على 11 مليون نسمة، فكيف يمكن لمجلس نيابي قادم أن يكون ثلث أعضائه (41 نائبا) حزبيين لشعب غير حزبي ولا يؤمن بالأحزاب ولم ينخرط بها.
الأردنيون يأنفون التحزّب وهي حقيقة ما كان للقانون أن يقفز عنها أو يتجاوزها، فالخوف والهاجس والريبة كلها غربان تعشش في وجدان الناس من تجربة حظر الأحزاب المذكورة أعلاه، ولا أعتقد أن باستطاعة كوتا حزبية حتى ولو كانت بهذا العدد الضخم أن تجعل من الأردنيين حزبيين كما ينبغي للحياة الحزبية أن تكون.