لكمات تتنزل على رؤوسهم

جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي

ذات جنون أحمر تمنّى صديق لنا أن يكون بثلاثة قلوب وافية الحجرات كالأخطبوط؛ علّه يغدو قادرا على هضم هذا العالم عسير الاستيعاب والفهم. ساعتها ضحكنا بقلوب رقصة ونحن نشرح له أن دمه سيكون أزرق اللون كدماء إقطاعيي العصور الوسطى كما تدعي الأسطورة إن تحققت أمنيته الغريبة تلك.

عندها صرخ شاتما مزمجرا إننا نحاصره ونضيّق عليه حتى في أمنياته السخيفة، ثم لكم الحائط بقبضته قائلا إنه يتمنى أن يصبح دباً أسود مجنونا؛ ليكيل لنا بكفه اليسرى ما يشفي غليله من اللكمات الوافيات، وأن يدخل بعدها في نوبة سبات عارمة لا يسمع فيها إلا هسيس أنفاسه الصغيرات. عندها تركناه يهدأ فنحن نعرف ما يفعله حر الصيف فيمن لا يطيقون هذا العالم.

في المساء بعثت إلى ذات الصديق رابط خبر علمي جديد يقول إن في دماء الدببة شيئا يسمح لها بالسبات لمدة سبعة أشهر في السنة، مع حفاظها على لياقتها وصحتها وقدرتها على العودة إلى الحياة الطبيعية بكامل كتلتها العضلية وقواها الكبيرة.

وفي الخبر أن الدراسة التي نشرها موقع «PLOS One» تشير إلى أن عالم الفسيولوجيا «ميتسونوري ميازاكي» من جامعة هيروشيما يرى أن بعض العوامل الموجودة في مصل الدب أثناء السبات تفيد في تنظم عملية التمثيل الغذائي للبروتين في خلايا العضلات الهيكلية البشرية، وتساهم في الحفاظ على كتلة العضلات والقدرة على العودة للحياة الطبيعية.

لم أنتظر إلا بضع دقائق حتى جاء رده مع وجوه صغيرة ضاحكة « كنتم تعيبون علي حلمي الدبدوبي، عدا عن محاصرتكم لي في أحلامي وأفكاري المجنونة. أنا الآن يا صديقي أريد أن أزرع مصل هذه الدببة كلها في حجرات دمي وجسدي وأفكاري. أريد دماءها لتجري في نهر عروقي وتصبغ ماءها بأي لون كان، حتى بالأزرق الغريب. أريد أن أدخل سباتا طوييييييييلا صرت أشتهيه في عالم لم يزدد إلا غربة وتغريبا وعسر هضم وسوء حياة. أريد أن أفيق من سباتي وأرى الحرب الشمطاء تجر أذيال خيبتها في رمادها البارد البغيض.

كتبت له مع قلوب حمراء كثيرة: يا رجل. ما زلت كما كنت نقيا طيبا وحالما مجنونا. هذا العالم يا صاحبي لا يحتاج إلى سبات فوق سباته المقيت، بل يحتاج إلى لكمة كتلك التي لكمت بها الحائط ذات قهر. يحتاج إلى مزيد منها تتنزل على رؤوس أصحاب الدماء الزرقاء اللئيمة؛ علهم يفيقون، أو يفيق العالم على صراخهم الأليم.