الاستقطاب الحاد بين اليمين والوسط واليسار يحبس الأنفاس في إسرائيل

جفرا نيوز- تفاقمت احتجاجات "الإسرائيليين"، على خطة قانون إصلاح القضاء، لتزداد حدتها في مناطق بالقدس المحتلة وتل أبيب، بعد إقرار الكنيست بندا رئيسيا فيها، هدفه الحد من صلاحيات المحكمة العليا، ما جعل الإسرائيليون يحبسون أنفاسهم أمام هذه الأزمة المشتعلة.


وقد أقر المشرعون أول من أمس، هذا البند المثير للجدل تحت ما يسمى بـ"حجة المعقولية"، والذي سيصح بعد التصويت عليه قانونا نافذا، ينحاز للحكومة على حساب المحكمة العليا، وأداة إجرائية للجهاز القضائي.

وقد أعلنت لجنة في الكنيست الإسرائيلي، الخميس الماضي، إقرارها لهذا الإجراء تحت عنوان "خطة الإصلاح القضائي"، بعد طرحه من الحكومة اليمينية المتشددة، برغم تصاعد الاحتجاجات ضد الخطة.

يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد شنيكات إن "إسرائيل تعيش على مفترق طرق حاسم بين المعارضة والائتلاف الحكومي بشأن الإصلاحات القضائية، ولأول مرة تشهد حالة من الاستقطاب الحاد بين اليمين واليمين المتطرف من جهة والوسط واليسار، وحتى أطراف تعد من اليمين من جهة أخرى".

وأضاف شنيكات، أن "تعديلات المعقولية" مرت بالقراءة الثالثة، برغم المظاهرات الضخمة والمستمرة ضدها منذ أسابيع، وبرغم دخول طرفي الصراع في مفاوضات، لكن كل طرف يتهم الآخر بإفشالها، إذ كانت نتيجة التصويت 64-0، لأن المعارضة لم ترد إعطاء شرعية للتصويت.

ويوضح شنيكات أن "نتنياهو اعتبر ذلك انتصارا للديمقراطية، في حين اعتبرته المعارضة انتكاسا لها ودخول في الاستبداد، وإفقاد القضاء إستقلاله".

ويقول شنيكات "إن الخطوة المقبلة، هي الاعتراض لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، ومتوقع بأن تنقض قرار الكنيست، لكن الائتلاف الحاكم، يعد مشروع قانون لتجاوز هذه العقبة، وليغير ملامح النظام السياسي بإضعاف المحكمة العليا إلى الأبد، وليصبح مركز السلطة بيد الحكومة فقط".
يبين أن الاعتراضات المعارضة لم تتوقف، سواء على المستوى الشعبي، أو حتى الحركات الكبيرة في الاستنكاف عن الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وبشكل خاص في سلاح الجو الإسرائيلي، بالإضافة إلى حركات أخرى، منها خروج الأطباء من إسرائيل، وتراجع البورصة، وانسحاب شركات التكنولوجيا من إسرائيل.

وبحسب شنيكات، من غير المتوقع أن يتراجع (وزير الأمن القومي) ايتمار بن غفير و(وزير المالية اليميني) بتسلئيل سموتريتش، بحكم تركيبتهما الأيديولوجية، وبالتالي ستميل إسرائيل إلى تحول النظام السياسي إلى الاستبداد، برغم أنه سيكون هناك ضغوط دولية من حلفاء دوليين لها، لضمان استقلال القضاء، فقد أدت هذه التغييرات المثيرة للجدل، تحت مسمى "الإصلاحات" إلى حالة استقطاب شديدة فيها، ما تسبب بواحدة من أخطر أزماتها منذ تشكيلها ككيان منتصف القرن الماضي.
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية د. هاني السرحان، أنه لأكثر من نصف عام، أدى الاقتراح لانقسام في قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي، بحيث خرج الآلاف بانتظام إلى الشوارع ضده، إذ أدى مسعى الحكومة لإجراء التعديلات، يدفع بزج إسرائيل في واحدة من أسوأ أزماتها السياسية، بعد خروج احتجاجات عليه، ما أضر بالاقتصاد وأثار قلق حلفائها الغربيين.
ويضيف السرحان إن "الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي اقترحته حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة في كانون الثاني (ديسمبر) الماضي، تسبب بانقسام حاد في إسرائيل وبواحدة من أكبر حركات الاحتجاج منذ نشأتها في منتصف القرن الماضي".

ويقول إن "القانون الجديد، إلى جانب بقية ما يعرف بخطة الإصلاح، يزيل الإشراف القضائي على الحكومة والبرلمان، ما يؤدي لتقويض النظام الديمقراطي".

ويرى العميد المتقاعد حافظ الخصاونة، أن هنالك قلقا في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية من الأضرار الفورية التي تسببها أزمة الانقلاب القضائي على التماسك الداخلي بوحدات الجيش، والتي أصبحت ملموسة، في حين أن الضرر المحتمل على الكفاءة العملية للجيش بشكل عام وسلاح الجو بشكل خاص، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.

ويضيف الخصاونة أنه "في الأيام الأخيرة، أعلن عدد متزايد من جنود الاحتياط بأنهم سيتوقفون عن التطوع في الخدمة بسبب التشريع الشامل، ولا سيما التعديل الذي يلغي معيار المعقولية"، لافتا إلى أنه في مناقشات أخيرة، تناول ممثلو هيئة الأركان كقضايا منفصلة، تأثير الاحتجاج في استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب وتماسك وحدته.

ويؤكد أن الجيش يعتقد بأن الانقسامات السياسية القوية، تتسرب بالفعل إلى وحدات الاحتياط، وتضر بأجوائها والمحتوى والعلاقات بين الجنود وقادة المواقع المختلفين.