لكيلا يطرق «المال السياسي» أبواب الأحزاب
جفرا نيوز - بقلم حسين الرواشدة
كيف ستفرز الأحزاب مرشحي قوائمها للانتخابات البرلمانية القادمة ؟
هذا السؤال مشروع لعدة أسباب، الأول: الموعد المتوقع للانتخابات اقترب (بعد نحو عام) كما أن الأحزاب بدأت الاستعدادات لذلك، الثاني: معظم الأحزاب المرخصة (27 حزبا حتى الآن) اختارت قياداتها بالتوافق، وبالتالي غابت عنها صناديق الانتخاب، الثالث : كوتا الأحزاب بالبرلمان ( 41 مقعدا) ستفتح امامها فرصة غير مسبوقة للتنافس، وبالتالي فإن الطامحين للترشح كثيرون، ومن لم يستطع أن تحمله الدائرة المحلية على مركب العشيرة، فليس أمامه سوى الدائرة الحزبية، اما السبب الرابع فهو أن الزحام على القائمة الحزبية، لدى مع معظم الأحزاب، سيكون مزدحما بالأسماء، وإذا انعدمت آلية الانتخاب النزيه، فإنه فرصة التصدع، وربما الانفجار الداخلي ستكون واردة.
أمام الأحزاب آليتين اثنتين لفرز المرشحين : الانتخاب او التوافق ( التعيين ان شئت)، ما أخشاه أن يتسلل المال السياسي من خلال هاتين الآليتين، وتحديدا آلية التوافق، بحيث يتم اختيار المرشح الأول او الثاني على قائمة الأحزاب بموجب «سندات الدفع المالي»، او لمن يدفع أكثر، هذه الحيلة لا تنطلي على إدارات الدولة، ولا على الناخبين، فالمرشح البزنس سيكون مكشوفا تماما، ومهما تكن ذريعة الدفع، كتبرعات للحزب، أو كوسيلة لشراء الاصوات لاحقا، فإن الحزب سيخسر سمعته، و قاعدته الانتخابية أيضا.
صحيح، يعتقد البعض - وهم على حق – ان امتحان الاحزاب والتجربة الحزبية وعملية التحديث السياسي اولا، والانتخابات البرلمانية القادمة ايضا، سيرتكز على سؤال رئيسي وهو : كيف يمكن مواجهة المال السياسي لضمان مخرجات انتخابية نزيهة ؟ كما يعتقد البعض - وهم على حق أيضا – أن إشكالية الزواج بين السياسة والبزنس، فيما مضى، أضرت بالمجال العام، وأفرزت « حالات « مشوهة على شكل مقررات وإجراءات، وربما أشخاصا ركبوا الموجة على غفلة من المجتمع، الأمر الذي يستدعي «تقليم» أظافر هذه الظاهرة، سواء بالقانون او بالسياسة، نظرا لما شكلته من» صور « غير مشرقة للتجربة الديمقراطية ولحركة السياسة ثم لاحقا اذا تكررت، لسمعة الاحزاب وتجربتها الجديدة، في الداخل والخارج على حد سواء.
على صعيد الداخل شكل « المال السياسي « أداة للتنمر على الدولة أحيانا، وعلى المجتمع أحيانا أخرى، كما انه افرز « رموزا « نزلوا بالبرشوت على المواقع العامة، دون أن يمتلكوا مواصفات تؤهلهم لذلك، مما حرم غيرهم من « التنافس « او ربما تسبب في إقصائهم، اما على صعيد الخارج فقد رسخ انطباعا عاما لحالة الديمقراطية العامة التي يجري تداولها بين رجال الأعمال والبزنس، لا بين « الممثلين « الحقيقيين للمجتمع، والفاعلين في المجال السياسي.
لا يمكن بالطبع أن نتصور بأن إشهار الطلاق النهائي والقاطع بين السياسة والمال سيتم بكبسة زر، فهذه ظاهرة لا تخلو منها أي دولة في العالم، لكن يمكن ان نتوقع بروز محاولات جادة، واجراءت واضحة، للحد من « تغول» المال السياسي، خاصة على التجربة الحزبية الوليدة، وهذه لا تقتصر على حركة القوانين وهمة الحكومات فقط، وإنما تحتاج إلى مشاركة المجتمع وقواه الفاعلة، فالطرفان متى امتلكا الإرادة والوعي قادران على قطع الطريق أمام هذه الطفرة التي أضرت بتجربة التحول الديموقراطي، وستضر بالتجربة الحزبية التي ما زلنا ننتظر قطف ثمارها في اطار عملية التحديث التي دخلنا من خلالها الى المئوية الثانية للدولة الأردنية.