رثاء القمر
جفرا نيوز - بقلم رمزي الغزوي
عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي مركز الفضاء التابع لوكالة (ناسا)، رأى عاملاً يحمل مقشة؛ فسأله عما يفعله هنا؛ فقال بثقة بالغة: سيدي الرئيس. أنا أساهم في وضع إنسان على القمر.
أول أمس مرت الذكرى الرابعة والخمسون على هبوط الإنسان على القمر، بعد محاولات فاشلة كثيرة. وهذا جعلني أتساءل مجدداً: كم إنساناً أسهم حقاً في وضع رائد الفضاء (نيل أرمسترونج) على سطح هذا الكويكب القريب البعيد. وهل كان (أبو مقشة) ممن اسهموا في هذا الفعل العظيم؟.
بعد بحث صغير هالني أن أكتشف، أن أكثر من 40000 شخصاً قد ساهموا فعلاً في عملية الهبوط، التي قال عنها أرمسترونج: (خطوة بسيطة لإنسان، ولكنها قفزة كبيرة للإنسانية). ولكن قول عامل النظافة، جعلني أشعر بأنع جزء من شيء أكبر من ذاته، وأنَّ ثمة حاجة إليه، وأنَّ هناك شيئًاً أفضل يسعى للعمل على تحقيقه. هذا الشعور بالغاية والنتيجة هو ما يخلق الحضارة الحقيقية، ويحقق الإنجاز.
على الضفة الأخرى من القمر أو المعنى. ففي النكتة القديمة أعجبني كبير السن عندما حاول واحد من الشباب أن يتهكم عليه، لأنه يدخن التبغ البلدي (الهيشي). فالشاب نظر مزدريا وقال: يا ختيار. الدنيا وصلت إلى القمر، وأنت تدخن الهيشي. فقصفه بقول يعادل صاروخا نوويا: ما دامت الدينا وصلت للقمر. أنت شو بعدك بتساوي هون يا هامل الزلم.
يشكك البعض بحقيقة أن الإنسان مشى على سطح القمر. والبعض يعتقد أن القصة كلها فبركة أمريكية وسباق اعلامي لا أكثر. ولكن المهم والأهم، أن تلك الخطوة هي التي فتحت لهم آفاقا؛ ليفكروا بارتياد كواكب أبعد ويحلموا بحيوات أفضل.
قد يكون أن الخاسر الأكبر من هبوط القمر، هو الشعور الجمعي العربي. فنحن كنا، وما زلنا ننظر إلى القمر بقداسة، وبعين من الحفاوة. فنحن نشبه به وجوه الحبيبات، رغم ان عشاق زمان كانوا لا يحبونه، حين يكون بدرا؛ لأنه يكشف سهرهم معهن.
بعد الهبوط ظهرت قصائد عربية تشبه الرثاء، فهذا الفتح قد عرى القمر وجعله بارداً بلا حياة أو أكسجين وجاذبية. وهذا ليس معيباً، بل المعيب حقا، ألا يسعى العرب إلى أن تكون لهم شوكة عالمية أو فضائية. ولكن هذا لن يكون إلا حينما يفكر كل واحد منا بما فكر فيه سائق المقشة، حيث يرى أنه يسهم في وضع إنسان على القمر. وهنا مربط المركبة الفضائية أو الأرضية.