كيف ستخوض الأحزاب انتخابات 2024 ؟

جفرا نيوز- تغييرات جذرية وهامة تشهدها الانتخابات النيابية المقبلة عام 2024 ستأخذ الحياة السياسية أبعد من آمال وطموحات بقيت تأخذ طابع الأحلام لسنوات طويلة، تغييرات تأخذنا أبعد من أنفسنا وما سعينا له على مدى سنوات، في رؤية مشهد سياسي محلي بحالة من الإصلاح والتحديث تجعل من الجميع شركاء حقيقيين في صناعة القرار من خلال حضور حزبي مؤكد وناضج.

جلالة الملك عبدالله الثاني وخلال لقائه عددًا من السياسيين والكتاب الصحفيين مؤخرا أكد أهمية الانتخابات النيابية المقبلة، قائلاً «نريدها أن تكون محطة رئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية»، ودعا جلالته الأحزاب إلى الاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها»، كما لفت جلالته في ذات اللقاء «إلى أهمية رفع نسب التصويت في الانتخابات المقبلة بتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب بخاصة الشباب والمرأة»، رؤى ملكية يؤكد عليها جلالته في كل لقاء وحوار وعبر قنوات مختلفة، لتكون الانتخابات المقبلة محطة رئيسية في تاريخ الحياة البرلمانية بحرفيّة المعنى والتطبيق الملموس.

في الإطار التشريعي الجديد، ستكون الانتخابات مختلفة من الأساسيات وحتى قمّة هرمها، فنحن نتحدث عن إصلاح سياسي وضع الأحزاب عنوانا للحالة السياسية الأردنية بمتابعة شخصية من جلالة الملك، كما عزز حضور الشباب والمرأة بنصوص تشريعية واضحة، ستجعل من حضورهم واقعا وحقيقة وكما أسلفت ستأخذ الحياة السياسية نحو أفق مختلف أكثر اتساعا وأكثر فاعلية سياسية تحضر بها الأحزاب كلاعب أساسي.

بطبيعة الحال عندما تقرر أن تبدأ أي خطوة جديدة أو مرحلة متقدّمة ستظهر الطريق، لكن هذا يتطلب إطلاق صافرة البدء وهو ما تم بالفعل أردنيا، بعدما وضحت صورة الأحزاب المرخّصة والجديدة، وبدأت بممارسة نشاطاتها الحزبية بشكل عملي، لتبقى المرحلة الأهم قيد الدراسة و»التكتيك» عند كافة الأحزاب وهي مرحلة الاستعداد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة عام 2024، وقليلة هي الأحزاب إن لم تكن نادرة التي قررت عدم خوض هذه الانتخابات، وبالمجمل غالبية الأحزاب تُبقي خططها بهذا الشأن قيد الكتمان.

كثيرون يتساءلون اليوم، كيف ستخوض الأحزاب الانتخابات النيابية المقبلة في ضوء التشريعات الجديدة، وفي ضوء مسيرة الإصلاح التي تعيشها البلاد، وهل خوض الأحزاب للانتخابات سيكون إجباريا وملزما لها؟، وهل يمكن للحزب أن يخوض الانتخابات بأكثر من قائمة؟ بمعنى قائمة أخرى غير «العامة الحزبية»؟، وغيرها من الأسئلة برسم الإجابات التوعوية والتثقيفية.

وفي قراءة خاصة لجريدة «الدستور» للوقوف على شكل مشاركة الأحزاب في الانتخابات النيابية المقبلة، وكيف ستخوضها، بدا واضحا أن أحزابا بدأت العمل مبكرا بهذا الشأن في استعدادات عملية ووضع برامج وخريطة طريق لهذه الغاية، بحرص منها على بقاء عملها طي الكتمان، فيما لا تزال أحزاب أخرى لم تتخذ أي خطوات بهذا الخصوص وتكتفي بجولات وتحرّكات تثقيفية وتعريفية ببرامجها، فيما قررت أحزاب أخرى عدم المقاطعة لكنها تفكّر بالائتلاف مع حزب أو أكثر لخوض الانتخابات، ورغم ربط نظام التمويل المالي للأحزاب السياسية، بنتائج الانتخابات إلاّ أن أحزابا أخذت قرارها بعدم المشاركة بانتظار تهيئة نفسها بشكل أكثر لخوض الانتخابات مستقبلا.

الصورة بمجملها إيجابية، فهذا الحراك الحزبي لم يكن يوما بهذه الصورة من النشاط والحيوية، والرؤى السياسية الناضجة التي ستجعل من بوصلة المشهد السياسي المحلي تتجه نحو الأحزاب في تشكيل الحكومات والوصول لصناعة القرار، في سعي حقيقي وعملي من الأحزاب لمستقبل ستكون به ببرامجها وحضورها عنوان الحالة السياسية الأردنية.
المستقلة للانتخاب واقع الحال تحدده التشريعات

وفيما يخص شكل مشاركة الأحزاب في الانتخابات، أكدت الهيئة المستقلة للانتخاب أن القانون بيّن هذا الجانب بنصوص واضحة، مؤكدة أن اشتراك الأحزاب في الانتخابات القادمة ليس اجباريا، وليس شرطا، لكنها ستلغي بذلك وجودها السياسي إن اختارت عدم المشاركة، ناهيك عن أنها لن تحصل على التمويل ذلك أن نظام التمويل المالي للأحزاب السياسية، وضع شروطا محددة وربطها بنتائج الانتخابات وعدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في مجلس النواب.
وبينت الهيئة المستقلة للانتخاب في متابعة «الدستور» أن الأحزاب ستشارك في الانتخابات من خلال قائمة الدائرة الانتخابية العامة، ومن خلال قائمة الدائرة الانتخابية المحلية، حيث قسّمت المملكة بموجب قانون الانتخاب الى ثماني عشرة دائرة انتخابية محلية، ودائرة انتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة، يخصص لها جميعا (138) مقعدًا.

ويخصص للدائرة الانتخابية العامة وفقا لنظام القائمة النسبية المغلقة (41) مقعدًا تشكّل بقوائم حزبية وفقًا لما يلي:- وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين، ووجود شاب أو شابة يقل عمره عن (35) عاما ضمن أول خمسة مترشحين، وأن تشتمل القائمة على عدد من المترشحين موزعين على ما لا يقل عن نصف الدوائر الانتخابية المحلية كحد أدنى، وأن تتضمن عددًا من طالبي الترشح لا يزيد على عدد المقاعد المخصص لها على مستوى الدائرة الانتخابية العامة.

في ذات الشأن، كشفت الهيئة أن التمويل المالي للأحزاب يشترط أن يكون مرّ على انتساب المرشح في الحزب مدة لا تقل عن (6) أشهر على الأقل قبل يوم الاقتراع.

إلى ذلك، كان رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة بيَّن في رد على سؤال إذا كان هنالك مجال لوجود حزبين او ثلاثة فقط في المملكة، انه في العالم الكثير من الأحزاب في الدولة الواحدة؛ لكن الأحزاب التي تتداول السلطة وتصل الى صنع القرار تكون اثنين او ثلاثة أحزاب.

ولفت المعايطة إلى أن الأحزاب التي وفقت أوضاعها تمارس نشاطاتها، والمرحلة الأساسية هي الاستعداد للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، على أسس برامجية حزبية، والحصول على مقاعد في البرلمان ومن ثم الوصول الى تشكيل حكومات برلمانية، معتبرا أن مشاركة الأحزاب في الانتخابات هي الطريق للعمل السياسي.

ونبّه المعايطة إلى أن نظام التمويل المالي للأحزاب السياسية، وضع شروطًا محددة وربطها بنتائج الانتخابات وعدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في مجلس النواب.

رؤية الأحزاب

للأحزاب رؤى مكمّلة لرؤية الهيئة المستقلة للانتخاب، فأحزاب بدأت العمل استعدادا للانتخابات المقبلة، وأخرى قررت الائتلاف مع من يتقارب معها بالفكر والنهج الحزبي، وأخرى ما تزال لم تقرر في حين أحزاب أخذت قرارها بالابتعاد عن الانتخابات 2024 لتزداد استعداداتها قوّة وتتمكن من خوض الانتخابات بنجاح.

حراك حزبي مختلف وجديد بطاقة إيجابية كبيرة ونادرة، يسود الشارع الحزبي في المملكة، وقفت على تفاصيله «الدستور» في متابعتها الخاصة في الجانب المتعلق بالاستعداد للانتخابات المقبلة، لتؤكد أحزاب على أن الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة مفترق طريق تفرز الأحزاب القوية من الضعيفة غير القادرة على تشكيل قوائم انتخابية، إلى جانب بطبيعة الحال ستكون محطة هامة إن لم تكن الأهم منذ سنين في الحياة السياسية كما أرادها جلالة الملك عبد الله الثاني.

الدكتور محمد المومني

الوزير الأسبق عضو مجلس الأعيان، الأمين العام لحزب الميثاق الدكتور محمد المومني قال بالنسبة لنا في حزب الميثاق فإن محطة الانتخابات القادمة ليست أكثر من نسبة 20 % من طموحاتنا السياسية ومن طموحاتنا الوطنية، لأننا نريد أن نخلق حالة وطنية حزبية يكون الميثاق له بها حضور في كافة المحافل والمنابر الدولية وبالفضاء العام الوطني السياسي.

وأضاف د. المومني نحن في حزب الميثاق نعتبر محطة الانتخابات القادمة محطة هامة لجهة ترسيخ وتجذير العملية الحزبية وفرز الأحزاب القوية من الضعيفة غير القادرة على تشكيل قوائمها الانتخابية.

ولفت د .المومني إلى أن حزب الميثاق سيكون له قوائم على المستوى الوطني وأيضا سوف يكون له قوائم على الدوائر المحلية المختلفة، مؤكدا أن الحزب سوف يشكل قوائمه على أسس علمية وضمن ممارسات عالمية فضلى تتبعها الأحزاب الكبيرة والضخمة في الدول الديمقراطية المتقدمة.

 عبلة أبو علبة

من جانبها، قالت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني «حشد» عبلة محمود أبو علبة ان الأحزاب السياسية ستخوض الانتخابات النيابية للمجلس القادم بناء على قانون جديد كان قد تمّ إقراره بداية العام 2022، حيث يتضمن القانون قائمة وطنية مغلقة عامة نسبتها 29 %، وعدد المقاعد المخصصة لها 41 من أصل 138، هذه المقاعد حسب نصوص القانون ستكون مخصصة للأحزاب السياسية، التي ستقدم قوائم تشمل في الحد الأعلى عدد 41، ويحق للأحزاب أن تتقدم بقوائم تشمل أعداداً أقل.

وأضافت أبو علبة يترتب على هذه الخطوة النوعية اجراءان مهمان جداً : الأول أن القائمة الوطنية تخضع للتصويت عليها من كل المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب بغض النظر عن أماكن سكنهم وإقامتهم، فابن العقبة جنوباً يصوت لهذه القائمة كما يحق لابن الرمثا والسلط وما بينهما أيضا التصويت لها، وهذا معنى أن تكون القائمة وطنية، أي التصويت لها على مستوى الوطن وكذلك فهي مغلقة، أي أن التصويت هو للقائمة بكل مرشحيها وليس لبعض المرشحين أو أحدهم.

والاجراء الثاني وفق أبو علبة هو أن القائمة الوطنية تقدم مرشحيها على أساس برنامج وطني شامل للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يتضح في البرنامج موقف (أحزاب القائمة) من كل منها، وهذا من شأنه تصويب العلاقة بين الناخب والمرشحين، حيث سيتجه الصوت الانتخابي نحو الانحياز لهذا البرنامج أو ذاك وليس لفئة أو شخص أو قريب او.. كما كان الحال في قانون الصوت الواحد.

وأضافت أبو علبة ان الأحزاب السياسية تستطيع ان تستثمر مقاعد القوائم المحلية، رغم صعوبة الوصول لذلك لأنها قوائم مفتوحة وعتبة الحسم فيها 7 %، لكن يمكن إدارة هذا الموضوع بصورة تجعل للأحزاب فرصاً أخرى من خلالها.
وأوضحت أبو علبة أن خوض الانتخابات النيابية ضمن ائتلاف حزبي هو الأصل، تحديداً بالنسبة للأحزاب السياسية التي عانت صعوبات كبيرة وتحديات سياسية بالغة في المرحلة الماضية.
وعن «حشد» قالت أبو علبة نحن نسعى لتوطيد ائتلاف الأحزاب التي تتقاطع فيما بينها على الرؤى السياسية والمواقف الوطنية، ليس فقط من أجل خوض الانتخابات، بل من أجل القيام بدور أكثر فاعلية في الحياة السياسية.

إياد النجار

من جهته أكد الأمين العام لحزب القدوة الأردني إياد النجار أن الانتخابات القادمة ستكون مختلفة تماما عن سابقاتها فهي إحدى الثمار الهامة للإصلاح والتحديث الذي ينتهجه الأردن منذ قرابة العامين، لافتا إلى أنها ستشكل خطوة هامة جدا في مسيرة الحياة السياسية الأردنية كما أرادها جلالة الملك.

وبين النجار أن الأحزاب بدأت العمل منذ صوّبت أوضاعها لجهة التعريف ببرامجها وخططها المستقبلية، وإجراء زيارات ميدانية للمحافظات كافة، لغايات التعريف بذاتها، وكذلك لشرح تفاصيل عن واقع التحديث السياسي الذي تعيشه المملكة ومنحت الأحزاب والمرأة والشباب به مساحات إيجابية واسعة، الى جانب وضع المواطنين بصورة أن للأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة (41) مقعدا نيابيا.

وأوضح النجار أنه يمكن ومتاح للأحزاب أن يكون لها قوائم على المستوى الوطني وأيضا قوائم على الدوائر المحلية، وهي فرص متاحة للأحزاب لحضور حزبي مؤكد وقويّ في الانتخابات القادمة، ستجعل الأحزاب حقيقة في المشهد السياسي المحلي.
وعن خطة عمل حزب «القدوة» بهذا الشأن، قال النجار لم يتم حتى الآن بحث مشاركتنا في الانتخابات المقبلة، ولم يتم استعراضه بأيّ من اجتماعاتنا، لكن التفكير السائد بين أعضاء الحزب أن نخوض الانتخابات بالائتلاف مع مجموعة أحزاب أخرى تتقارب معنا بالسياسات والرؤى الحزبية، لكن الأمر لا يزال لم يطرح ولم نبحث موضوع القائمة التي سنخوض بها الانتخابات، فالأمور لا تزال غير واضحة لدى الحزب كونها لم تبحث.

الدستور - نيفين عبد الهادي