التقنية الحديثة في المحاكم.. نحو عدالة صديقة للطفل
جفرا نيوز - رحّب خبراء ومختصون بحقوق الطفل باستخدام التقنية الحديثة في المحاكم، للاستماع إلى شهادة أطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها، عن بعد، من خلال تواجد الأطفال في الإدارة، دون الحاجة إلى نقلهم إلى المحاكم. معتبرينها تعزز العدالة الجنائية للأطفال، وأنها خطوة مهمة لتحقيق «عدالة صديقة للطفل».
جاءت هذه الخطوة، كنوع خاص من الحماية والمساعدة للأطفال للحيلولة دون تعرضهم للمشاق والصدمات النفسية، من خلال مقابلتهم من قبل شخص مدرب على التحقيق مع الطفل باحترام وبأسلوب يراعي مشاعره وبلغة يفهمها، فضلا عن ضرورة إخضاعهم لمقابلة واحدة فقط كلما كان ذلك ممكنا.
يهدف استخدام هذه التقنية لمباشرة إجراءات التحقيق أو المحاكمة الجنائية عن بعد. ويتم الاستعانة بها في بعض الحالات لسماع الشهود والمتعاملين مع العدالة وتجنيب الأطفال الاتصال الجسدي المباشر مع مرتكبي الاعتداء عليهم.
كما تهدف التقنية ذاتها إلى إبعاد أطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها، قدر الإمكان، عن أجواء قاعة المحكمة والتخفيف من توترهم بتجنيبهم مواجهة الجاني. فضلا عن توفير البيئة المناسبة التي تمكن الشاهد الطفل من التركيز على الأسئلة والإجابة عليها في بيئة مريحة تمكنه من تقديم شهادة أفضل وأكثر وضوحا.
مصلحة الطفل الفضلى
وانطلاقا من مهام ودور المجلس الوطني لشؤون الأسرة للمواءمة مع التشريعات الوطنية والمعايير الدولية، فقد جاءت مبادرته بالتعاون مع المجلس القضائي، وإدارة حماية الأسرة والأحداث، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باستخدام هذه التقنية الحديثة.
وتم تقديم الدعم الفني واللوجيستي وتزويد الإدارة ومحكمة الجنايات الكبرى بالمعدات المطلوبة في خطوة أولى للبدء بمرحلة تجريبية وصولا إلى تعميم الفكرة. فضلا عن تطوير الأدلة اللازمة حول الاستخدام الأفضل لهذه التقنية.
وفي هذا الصدد، قال أمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي إن هذه التقنية تخدم الأطفال عموما واللاجئين خصوصا، وتراعي احتياجات الضحايا بالحماية والوقاية مع ضمان حق الدفاع المقدس للمتهم، والتي تقتضي منا جميعا استدامتها والتوسع بها بمراحل لاحقة.
وذكر في حديثه إلى $ أنه بعد نجاح التجربة باستخدام التقنية بتعاون واهتمام جميع الأطراف المعنية بها، أطلقوا التقنية الحديثة لسماع الأطفال «ضحايا الجريمة والشهود عليها».
وأكمل أنه باعتبار المنجز الأول وهو الإطار التشريعي بصدور وتعديلات المواد القانونية بالأعوام الماضية وهي المادة (158) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والمادة 22/ط من قانون الأحداث والمادة 12 من قانون الحماية من العنف الاسري والمادة 13 من قانون منع الاتجار بالبشر، والتي تتماشى جميعها مع مصلحة الطفل الفضلى.
وبين الدكتور مقدادي أن المنجز الثاني يكمن بالإطار التنفيذي العملي بتوفير التقنية على أرض الواقع واستقبال الحالات ونجاح التجربة.
بيئة آمنة
وبدورها، رحّبت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز بالبدء الفعلي لهذه التقنية الحديثة، متمنية في الوقت ذاته أن تطبق على أوسع نطاق، شاملة كافة محاكم المملكة، وتستهدف الأطفال جميعهم خاصة الضحايا.
وبينت في حديثها إلى $ أنها تطمح على المدى البعيد، ألا يقتصر استخدامها على سماع شهادة أطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها أمام المحكمة فحسب، وإنما تجنيب الأطفال الشهادة المتكررة التي تعرضهم لمشاكل نفسية، ولخطر الضغوطات عليهم، أو أن يكون هناك اختلاف في أقوالهم أحيانا.
ولفتت إلى أن دماغ الطفل يحاول حماية نفسه من خلال تغطية التفاصيل، وبالتالي ما يذكره الطفل عند التحقيق معه من قبل الأمن، قد لا يذكره في المحكمة، ما يفسّر بأنه تغيير في الأقوال، مبينة أن ذلك ليس بالضرورة صحيحا.
وشددت على ضرورة وجود «عدالة صديقة للطفل» وتحديدا للضحايا، وألا تكون العملية القضائية على حساب الصحة النفسية للأطفال، وتعافيهم من الصدمة.
وذكرت عبد العزيز أن هذه التقنية لا تمنع استجواب الأطفال، ولكنها تحدث في بيئة آمنة تخلو من الضغط النفسي، ومن قبل أشخاص مدربين على التعامل مع الأطفال، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه قد تلجأ المحكمة إلى استجواب الطفل، ويعطى للدفاع الحق بإخضاع الشهادة للمساءلة، أي أن هدف هذه التقنية ليس بإخلال ضمانات محصنة للمشتكي عليه أو المتهم.
بيئة تقاضي صديقة للطفل
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل الاردن ديالا الخمرة ان «تفعيل استخدام هذه التقنية عبر الربط بين إدارة حماية الأسرة والمحاكم يعد خطوة في الاتجاه الصحيح نحو توفير مزيد من الحماية للأطفال ضحايا العنف والإساءة عبر توفير بيئة تقاضي صديقة للطفل كما يأتي تنفيذا لتعديلات قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة 158 منه».
ورأت الخمرة في هذه التقنية حماية للمصلحة الفضلى للطفل وحماية لخصوصية وسرية هذا النوع من القضايا.
وأشارت إلى أن تقديم الطفل لشهادته بإدارة حماية الأسرة توفر على الطفل مسألة الذهاب إلى محكمة الجنايات وبالتالي احتمالية التقاءه بالمتهم فضلا عن توفير بيئة مناسبة للطفل تجعله أكثر راحة وأقل توترا عند تقديم إفادته.
وأعربت عن أملها في أن تكون هذه الخطوة مقدمة نحو مزيد من التوسع لتشمل حالات أخرى للأطفال الشهود والمجني عليهم في القضايا المختلفة وكذلك الأطفال في نزاع مع القانون بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل.
الرأي - تالا ايوب