غطرسة استعمارية: البرلمان «الأوروبِي» يقرر «إبقاء» النازحين السوريين في لبنان!
جفرا نيوز - بقلم محمد خرّوب
إنها ثقافة الرجل الأبيض المحمولة على عقلية استعمارية.. استعلائية وفظة, تلك التي ما يزال أحفاد المُستعمِرين.. قديمهم والجديد, يُمارسونها ضد كل مَن هو غير غربي. سواء في ما خصّ طريقة التعامل مع دول الجنوب «التسمية المخففة لمصطلح الدول النامية», التي بات معظمها يحمل بطاقة الدول الفاشلة, أم خصوصاً في نفورهم من وصول أي مهاجر غير أبيض إلى أراضيهم, رغم زعمهم أن قبول المهاجرين واللاجئين وجموع الفارّين من الحروب, حق إنساني يجب أن لا تقوم الدول الأخرى بإغلاق حدودها في وجوههم.. ولم تزد الشعارات «المُلوّنة» هذه عن كونه? مجرد قناع آخر, لهؤلاء لا يلبث أن يسقط عند أي امتحان.. كما حدث في السنوات العشر الأخيرة عند اندلاع ما سمي زوراً وبهتاناً الربيع العربي, بل خصوصاً عند بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة ضد أوكرانيا في 24 شباط 2022, حيث برز السخاء الأوروبي الإستعماري النزعة والثقافة, ولم يتردّد المُروجون لثقافة الرجل الأبيض, في القول بوقاحة إستعمارية ضد إتهامهم بازدواجية المعايير:أن «الأُوكرانيين.... يشبهوننا».
مناسبة الحديث الغاضب هذا, هو «القرار» الذي اتخذه البرلمان الأوروبي والداعي إلى «إبقاء النازحين السوريين في لبنان», تحت طائلة العقوبات بل واتهامه «اللبنانيين» بالعنصرية. ما يُعيد إلى الأذهان وقائع ومقررات مؤتمر بروكسل «السابع» للمانحين, الذي عُقد في العاصمة البلجيكية يومي 14 و15 حزيران الماضي. تماهت فيه مواقف الاتحاد الأوروبي مع الموقف الأميركي الذي عبّرت عنه, وكيلة الخارجية الأميركية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان/ عِزرا زيا, التي زعمت فيه عن تزايد «خطاب الكراهية» ضد اللاجئين السوريين, مُعيدة «الت?كيد» على أن الظروف في الداخل السوري «لا تسمح» بعودة اللاجئين, بطريقة آمنة وطوعية وكريمة ومُستدامة. وهو الموقف ذاته الذي استنسخه البرلمان الأوروبي في الثاني عشر من تموز الجاري. الأمر الذي يثير مزيداً من الشبهات والشكوك, إزاء ما يُخطط له ويسعى اليه التحالف الأوروأميركي ضد سوريا, وضد اللاجئين السوريين أنفسهم خاصة وسط دعوات أوروبية وأميركية مُعلنة بـضرورة «دمج» النازحين السوريين في لبنان.
كان لافتاً صمت ما يسمّى «القوى السيادية» اللبنانية المزعومة, وعلى رأسها القوات اللبنانية التي يقودها لورد الحرب الأهلية سمير جعجع, إزاء هذه الغطرسة الاستعمارية الاوروبية (وقبلها الأميركية) التي لا تلحظ «حال الانهيار المتدحرج والتدهور حدود الإفلاس والاحتمالات الواردة لتحول لبنان إلى دولة فاشلة, وسط سلسلة من الازمات المالية والنقدية والخدمية وانهيار المرافق العامة وهبوط معظم إن لم نقل جلّ الطبقة الوسطى تحت خط الفقر, لترفع النسبة إلى ما يزيد على 70%, ناهيك عن نسبة البطالة غير المسبوقة في إرتفاعها ما زاد ويزيد?من معاناة اللبنانيين.
يُصرّ «السياديون» المزعومون على عدم التواصل مع الحكومة السورية الشرعية, في انسجام وتماهٍ مع المواقف الاميركية والأوروبية. رغم الدعوات التي لم تتوقف من قبل القوى الوطنية اللبنانية إلى إرسال وفد حكومي «رسمي» للعاصمة السورية لبحث هذا الملف, الذي بات موضع تجاذبات ومزايدات تضاف إلى كمّ كبير من الملفات الخلافية المعلقة, التي تتمترس خلفها النخب السياسية والحزبية اللبنانية، وتلك المستفيدة على الدوام من الأزمات التي تعصف بلبنان, والتي يبرز فيها تدخّل السفارات الغربية وخصوصاً الأميركية والفرنسية والبريطانية،لم تتوقف?عن التدخل في الشؤون السياسية بل والدعوة إلى عقد «مؤتمرات دولية» لحل أزمة انتخاب رئيس الجمهورية, بل ودعم دعاة الفيدرالية والحياد وغيرها من «الحلول» التي يبرع الانعزاليون في اختراعها بالتوازي وربما بالتنسيق مع السفارات الأجنبية.
على نحو لم يتردد فيه سفراء تلك الدول عن مهاجمة لبنان والمسّ بسيادته, على الهجوم الذي شنّته السفيرة الفرنسية في لبنان بمناسبة العيد الوطني لبلادها 14 تموز, عندما تساءلت بخبث واستفزاز ومسّ بالسيادة: ما هو لبنان بدون فرنسا؟.. قائلة: ما كان ليصبح عليه وضع لبنان اليوم, لو أن - أضافت - فرنسا استسلمت ولو أن التزامها إلى جانبكم بمساعدة من دول صديقة تلاشى وتوقّف.
غضب عارم ورفض حازم إستبدّا بالأحزاب والقوى الوطنية (وليس القوى الانعزالية التي تصف نفسها بـ«السيادية»), لجهة النبرة الاستعلائية الاستعمارية التي انطوى عليها, قرار البرلمان الأوروبي إبقاء النازحين السوريين في لبنان. ترافق ذلك كله «لُبنانياً».. مع دعوات للأوروبيين بأن يُقدّموا مساعداتهم إلى النازحين السوريين في بلادهم, أو أن يأخذوهم إلى أوروبا. لأن لا قدرة للبنان على تحمّل أعبائهم,خاصة بعد دخول الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية في لبنان.. طور الإنهيار.